نساء الريف في اليمن بين معوقات التعليم والحرمان
يمن مونيتور/تعز/من عدي الدخيني
بسبب القيود التي تفرضها المجتمعات اليمنية من العادات والتقاليد في المجتمع على منع الفتيات من مواصلة التعليم، ترتفع نسبة الأمية في أوساط النساء عاما بعد عام.
رقية جميل إحدى الفتيات التي كانت تحلم بمواصلة تعليمها الثانوي بعد أن أكملت المرحلة الإعدادية من عزلة الأحيوق، التابعة لمديرية الوازعية غربي محافظة تعز، ليس بسبب الحرب أو عدم القدرة على مواصلة التعليم، ولكن بسبب العادات والتقاليد في المنطقة ورفض والدها مواصلة تعليمها، رغم كل محاولاتها في إقناعهما بضرورة ذلك، فقد توقفت قبلها شقيقتها عن الدراسة بعد إكمالها الصف التاسع.
تقول رقية لـ “يمن مونيتور” حاضرنا يرجع إلى الوراء، أنا ومثلي العديد من الفتيات لا يحق لهن مواصلة تعليمهن، والنظر إلى المستقبل لنعمل من أجله، كنت أحلم أن أحظى بتعليمي وأن أكون دكتورة، ولكن بسبب عادات وتقاليد مجتمعنا ونظرة والدي الذي لا يعتبر تعليم البنات أمرًا مهمًا، وأنه ليس للمرأة إلا زوجها، أجبرني على التوقف حتى قبل أن أكمل تعليمي الثانوي.
ثقافة العيب
فالناس في عزلة رقية لا يعتبرون تعليم الفتيات أمرًا مهمًا بل يرجعون ذلك إلى العيب مما أملته عليهم عاداتهم وتقاليدهم.
وبحسبها يرى أهل القرية أنه من المفترض أن تمكث النساء في المنازل وأن يشغلن أنفسهن بتنظيفه وجلب المياه والحطب ورعي المواشي وزراعة الأرض.
تعلق رقية لـ” يمن مونيتور“ بالقول، لا أسميها عادات وإنما عبث بروح الثبات لمن لديه الهمة الكافية لإضفاء هذا الوطن بجيل متعلم منهم الدكتور والأستاذ والمهندس، هنا نحن نختلف باختلاف الزمان من الأسوأ إلى الأسوأ.
لم تكن رقية تحلم بشيء سواء مواصلة تعليمها وتحقيق حلمها، وأن تكون بجوار صديقتها في الجامعة.
لكن أيدلوجية التعليم في القرى تحول دون النساء، وبقانون العادات ليس للمرأة إلا زوجها.
تواصل: باتت حياة المرأة الريفية في عزلة «» كفاح من المهد إلى اللحد، بسبب القيود التي تفرضها العادات والتقاليد في المجتمع التي ينتقص من قدرة المرأة الريفية، ومنع أولياء الأمور بناتهم من التعليم خشية العار.
وتضيف كان لدي صديقة جوار منزلنا هي الوحيد من أكملت تعليم الثانوية وتسكن في المدينة وهي الآن في عامها الأول في كلية العلوم الإدارية جامعة تعز.
وتشرح أنّ “المرأة في منطقتها تمارس عددًا كبيرًا من الأعمال الشاقة من قبيل الزراعة وجمع الأعلاف ورعي المواشي ونقل المياه على رأسها وكتفيها لمسافات طويلة، وهي أعمال لا تقوم بها من تسكن في المدينة”.
مخاوف
بسبب الحرب الدائرة في البلاد وما أنتجته من مخاوف عند النساء والأطفال في المناطق الريفية من زراعة الألغام والعبوات الناسفة في مزارعها والوديان والطرقات، أجبرت النساء في منطقة شعبو التابعة لعزلة المشاولة مديرية الوازعية والمناطق الأخرى لجلب المياه من مناطق بعيدة عن المنزل وتخصص وقتا محدد لجلب المياه وتسلك طرق وعرة خوفا من الألغام والمتفجرات الأخرى، فيما تفتقر لأبسط الاحتياجات الأساسية كالشراب والدواء والمياه النظيفة والرعاية الصحية.
يقول الصحفي زكريا المشولي لـ” يمن مونيتور“تختلف حياة المرأة الريفية عن حياة المرأة الأخرى، وخاصة المرأة الريفية في بلادنا منطقة شعبو والمناطق المجاورة، فالعادات والتقاليد قيدت المرأة وجعلتها تصارع الحياة ما بين صعوبات وتحديات، بسبب عدم السماح لها أن تتعلم، احتكروا التعليم عنها بحجة قيود مجتمعية.
ويضيف،” المرأة خصصت للزراعة ورعي المواشي وجلب المياه بسبب الأوضاع التي تواجهها والعادات التي قيدتها وحصرتها بأن المرأة لا تتعلم وأنها لرعي المواشي ونقل المياه وجلب الحطب فقط، مما جعلها تعيش أوضاع مأساوية من أجل الدخل المعيشي، وأصبحت أغلب نساء المنطقة تعمل في الزراعة والرعي ونقل المياه وجلب الحطب من مناطق بعيدة.
ويشير إلى إن الفتيات بمنطقة الاحيوق يواجهنا حرمان في التعليم بنسبة 80% ويعشن واقعًا مزريًا وسيئًا بسبب العادات والتقاليد التي تقيد المرأة في العزلة، وتصبح كل أعمالهن للزراعة والرعي والاحتطاب فقط.
حلول ممكنة
في هذا السياق تقول الناشطة المجتمعية حنين الزكري لـ ”يمن مونيتور“ إن تمكين المرأة من التعليم ليس مجرد شعار يرفعه من يضطهدون المرأة ويعملون على اقصائها.. بل هو عمل دؤوب ومتواصل من أجل أن تأخذ المرأة مكانها الطبيعي في المجتمع.
وأوضحت إن دور التعليم له أهمية كبيرة لكل أفراد المجتمع، خصوصا للنساء وبالتحديد نساء الريف، حيث يؤدي إلى زيادة الوعي والقدرة على تمكين المرأة ذاتها في اتخاذ القرارات، وتخفيف من نسبة الزواج المبكر التي تتراوح في المناطق الريفية، وكسبها معرفة ومهارات قوية تساعدها في الوصول إلى العدالة والانخراط في سوق العمل بالمجتمع المحلي، وزيادة نسبة الفرص والموارد لتحسين المعيشة.
وتضيف فالمرأة الريفية تواجه العديد من التحديات بسبب العادات والتقاليد التي تعزز فكرة أن مكان المرأة هو المنزل، وأن دورها يقتصر على الأعمال المنزلية ورعاية الأسرة بالإضافة الى الأعمال الشاقة مثل، جلب المياه والحطب وحرث وزراعة الأرض ورعي المواشي، مما يؤثر على صحتها البدنية والنفسية، والتسرب من التعليم، وهذا يعيق دور المرأة الريفية في تحقيق التنمية الريفية مما يؤثر سلبا على المجتمع ككل.
وترى الزكري إن نشر الوعي بأهمية تعليم الفتيات أمر مهم، وزيادة عدد المدارس في الريف ورفدها بالكوادر النسائية، وتغيير الأنماط السائدة في المجتمع ونظرة المجتمع للمرأة بشكل عام، إضافة إلى تسهيل حصول النساء على القروض والمشاريع الصغيرة، وتقييم عمل النساء الغير مدفوع الأجر في الناتج القومي، وتوفير ضمان اجتماعي ملائم للعاملات في الاقتصاد الأسري، ودعم مشاريع تنموية تنقص الريف، وتسهيل وصول النساء الريفيات إلى الخدمات الصحية والصحة الإنجابية.
وتقترح إن على المجتمع أن يقوم بنشر الوعي في الريف وخاصة عند أولياء الأمور بالسماح لبناتهم أن تتعلم وبأهمية المرأة في المجتمع ودورها الفعال، كذلك على المجتمع المدني والمنظمات المحلية أن تعزز من دور المرأة وتوفير لها مقومات الحياة الرئيسية، وبناء مدارس خاصة بالفتيات كخطوة أولية في نشر التعليم، وبناء مرافق صحية تساعد المرأة من تلقي الرعاية الصحية بكل أمان وراحة.
قانون دستوري
ما نصه القانون اليمني من نظام دستوري في حقوق المرأة المكتسبة، وحفظ حق حقها في التعليم، في هذا السياق يقول المحامي عبدالعليم المكردي، لـ ”يمن مونيتور“ إن الدستور اليمني أكد حق المرأة في التعليم الأساسي والجامعي وشجعها، بل كفل لها حق الوظيفة.
وأوضح إن الدستور اليمني نهج الشريعة الإسلامية، فالمادة رقم (3) من الدستور اليمني أن الشريعة الإسلامية مصدر جميع التشريع.
ويضيف إن القانون الإداري نظم الوظيفة العامة وكفل حقها بالعمل وعمل على مراعاة المرأة اليمنية في شغل الوظيفة العامة، وكذلك قانون العمل نظم حق المرأة اليمنية في العمل، سواء في العمل الخاص لدى الشركات التجارية أو المستشفيات إلخ…..
متابعًا لم يحرم الدستور اليمني ولا القوانين التي تندرج تحت ظل الدستور، على حرمان المرأة اليمنية في التعليم، موضحًا إن المرأة اليمنية لها الحق في العمل بمنصب قاض، أو محام، أو طبيب، أو مهندس، وغيرها من المهن، لأن العادات والتقاليد قد بدأت تتلاشى، وتحرم الفتيات من التعليم في المناطق الريفية في الأواني الأخيرة.