اصرار الحوثيين على عدم تسليم الأسلحة يعني بإختصار استمرار الحرب وفقدان كل فرص السلام ووضعهم في مواجهة مباشرة مع المجتمع الاقليمي والدولي. بعد فشل مفاوضات الكويت ورفض الانقلابيين التوقيع على الرؤية الاممية التي تقدم بها ولد الشيخ لحل الأزمة اليمنية وإصرارهم على المراوغه، عادت طائرات التحالف العربي إلى الأجواء اليمنية من جديد ومعها عاد الحديث عن إقتراب الجيش الوطني كالعادة من دخول صنعاء استعدادا لتحريرها من قبضة الانقلابيين.
فشل مفاوضات الكويت والتي دامت أكثر من ثلاثة أشهر كان متوقعا كحال كل المفاوضات السابقة، فالحوثيون ومن ورائهم صالح كان هدفهم من هذه المفاوضات الحصول على شرعنة لإنقلابهم واعتراف اقليمي ودولي بسلطتهم كأمر واقع ومن ثم البدء بتشكيل حكومة وحدة وطنية قبل الحديث عن تسليم السلاح والإنسحاب من المدن على عكس ما تضمنته الرؤية الاممية المقدمة من ولد الشيخ لحل الأزمة والتي تقضي بتسليمهم للسلاح أولاً والانسحاب من المدن قبل البدء بتشكيل الحكومة وهذا ما دفعهم الى رفضها وعدم التوقيع عليها على الرغم من قبول الحكومة الشرعية ومن ورائها السعودية بهذه الرؤية باعتبارها تحقق الهدف العام الذي من أجله انطلقت عاصفة الحزم قبل أكثر من عام ونصف تحت قيادة المملكة والمتمثل في تدمير الأسلحة العسكرية التي يملكها الانقلابيون وتجريدهم منها مهما كلف ذلك من ثمن.
فالسعودية ترى أن بقاء الأسلحة بحوزة ميليشيات الحوثي على وجه التحديد بقاء للخطر الذي يتهدد استقرارها وأمنها القومي وأن أي حل في اليمن يتجاوز هذه المسألة مرفوض تماماً ما لم يتم تجريد الحوثيين من السلاح كمدخل أساسي لحل الأزمة ولا مانع لديها بعد ذلك من مشاركة الحوثيين في السلطة وتشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كل الأطراف بإعتبارهم جزءا لا يتجزء من النسيج اليمني وفقا لتصريحات وزير الخارجية الدكتور عادل الجبير أكثر من مرة، والمتوافقة كليا مع تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري خلال القمة الأمريكية البريطانية الخليجية التي عقدت مؤخرا في جدة، وكرست لمناقشة الأزمة اليمنية وخرجت بخارطة طريق مشتركة للحل السياسي في اليمن تدعو الحوثيين أيضاً إلى التخلي عن السلاح وتسليمه لطرف ثالث -وإن كان لم تحدد ماهيته بعد- مقابل اشراكهم في حكومة وحدة وطنية تتناسب مع تمثيلهم على الأرض. وهو الأمر الذي لن يقبل به الحوثيون على الرغم من أن الخارطة المطروحة تبدو أقرب لمطالبهم أكثر منها إلى مطالب الشرعية.
وفي المقابل يرى الحوثيون أن القبول بتسليم السلاح بحد ذاته يعني بالنسبة لهم تسليم رقابهم للعدو وانتهاء أمرهم بكل سهولة ما يجعلهم يرفضون وبشدة مجرد الحديث في هذا الأمر، معللين ذلك بتساؤلاتهم المعهودة كنوع من التهرب والمراوغة بالقول لمن نسلم اأسلحة؟ ومن هو الطرف الذي سيقوم باستلامها؟! مشددين في نفس الوقت على البدء في تشكيل حكومة وطنية تضمن على الأقل تواجدهم في السلطة قبل كل شيء ومن ثم لا مانع لديهم بعد ذلك من تسليم السلاح لهذه السلطة أو بالأصح لأنفسهم بعد أن يصبحوا في الحقيقة جزءا منها. وهذا ما ترفضه الحكومة الشرعية لأنها تعلم يقيناً أن وجود حكومة في ظل بقاء السلاح في يد الحوثيين سيجعلها تحت سيطرتهم كما حدث مسبقاً لحكومة بحاح.
هكذا إذا يبقى حل الأزمة اليمنية مرهونا بدرجة رئيسية بنزع سلاح الحوثيين وبدون تحقق ذلك ترى الجارة الكبرى أن الخطر الحوثي والإيراني على أمنها واستقرارها في المنطقة سيظل قائماً ولن تتراجع أبداً في حربها حتى يتم القضاء على هذا الخطر نهائياً، بينما ترى الشرعية ممثلة بهادي وحكومته ومن ورائهم كل اليمنيين أن بقاء الأسلحة لدى الحوثيين يعني استحالة تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن.
إن اصرار الحوثيين على عدم تسليم الأسلحة ورفضهم لكافة الجهود الدولية والإقليمية الرامية إلى ايجاد حل سياسي للأزمة اليمنية كعادتهم وكما هو متوقع منهم في كل مرة، يعني بإختصار استمرار الحرب وفقدان كل فرص السلام ووضعهم في مواجهة مباشرة مع المجتمع الاقليمي والدولي والذي لن يتوانى بعد كل ذلك من تحميلهم المسئولية الكاملة واتخاذ اجراءات أشد صرامة في مواجهتهم ناهيك عن اعطاء الضوء الأخضر علانية لقوات التحالف العربي وللجيش الوطني بضرورة حسم الأمر عسكرياً كحل يبقى وحيداً وممكناً للتخلص من أسلحة الحوثيين وانهاء الانقلاب.