زارت 65 بلدا.. الرحالة الفلسطينية نغم البدوي تزور سقطرى
يمن مونيتور/ الجزيرة نت
كشفت الرحالة الفلسطينية نغم البدوي، عزمها التوجه في رحلتها القادمة إلى جزيرة سقطرى في اليمن.
وقالت نغم في حوار خاص مع موقع “الجزيرة نت”، إنها تحن كثيرا لاكتشاف هذه الجزيرة (سقطرى اليمنية) العذراء، والتعرف على شعبها وندرة طبيعتها وشواطئها.
وتقول نغم البدوي أنا فتاة عربية، أعتبر نفسي رحالة قلبا وعقلا، فأنا ابنة لأب فلسطيني المولد أردني الجنسية وأم لبنانية. ولدت في الكويت وعشت في أكثر من 7 دول، ودرست في 9 مدارس مختلفة، بسبب تنقل عمل والدي، حتى تخرجت من الثانوية. نحن عائلة رحالة بامتياز.
وتحمل بكالوريوس هندسة حاسوب، وماجستير هندسة كهرباء اختصاص أجهزة وأدوات طبية، من جامعة البلمند في لبنان، وتعمل الآن في الاستشارات الإستراتيجية، بدأت حكايتها مع السفر قبل نحو 6 سنوات
كيف أثرت ظروف حياتك كطفلة عليك؟ ومتى وكيف بدأ شغفك بالسفر؟
حياتي خلال 18 عاما -من الطفولة حتى الثانوية- جعلتني أتعلم كيف أتقبل وأتعايش مع مختلف الثقافات، وكيف أتأقلم بسرعة مع التغييرات، وأعطتني العديد من الصفات التي جعلتني إنسانة لا تقدر أن تُحصر أو تبقى في مكان واحد لفترة طويلة. ولكن السفر السياحي لم أكتشفه إلا في عمر 34 عاما.
كيف أصبحت رحالة إذن؟
كنت أعمل بوظيفة مرموقة، متزوجة، وأعيش حياة روتينية كمعظم النساء العربيات. وفي يوم عمل عصيب من عام 2018، قررت أن ألحق بصديقتي وأسافر معها إلى تركيا وكانت هذه الخطوة الأولى في رحلتي بالسفر، حيث تجولنا في عدة أماكن.
كانت لحظة تحول في حياتي، حيث شعرت أنني كنت أعيش ولكنني لا أحيا. السفر فك عني قيودا كثيرة عقلية ونفسية.
أتذكر أنني لم أكن أعود إلى الفندق لمدة تزيد عن 24 ساعة، أشهد غروب الشمس، وانتظر بزوغ الفجر، وأمشي في كل مكان.
هنا كانت لحظة التحول، كما قلت. فكيف بدأت تخطيطين وقتها لتصبحي رحالة؟
عندما عدت من تركيا، كان كل تفكيري مكرسا على التخطيط لوجهات السفر، والبحث، والقراءة، وخلق رحلات وهمية في عقلي. وكلما قرأت أكثر، تعلقت أكثر بالفكرة.
وفي يوم عصيب آخر في العمل، استقلت رغم رفضهم لاستقالتي -باعتقادهم أنني أمر في لحظات عصيبة وأحتاج إلى راحة- خاصة وأنني أتخلى عن وظيفة مرموقة في عز الأزمة الاقتصادية. ولكن الحقيقة هي أنني وجدت نفسي.
ولكن السفر مكلف؟ كيف تتدبرين الأمر؟
فعلا، فقد استخدمت مدخرات نهاية خدمتي لبدء السفر. في السنة الأولى، وسافرت أكثر من 10 رحلات سياحية.
ولأن ميزانيتي محدودة، كنت أبحث وأتعلم وأسأل عن كل الوسائل التي تمكنني من التوفير خلال السفر.
خلال أسفارك الأولى كيف تشكل معنى السفر لديك؟
مع كل رحلة، كنت أكتشف ذاتي أكثر، أعرف ما أحب وما أستطيع أن أفعل.
ومع كل مغامرة سفر، أدرك أنني اخترت القرار الصحيح. وأنا أعتقد أن السفر اكتشاف لقدرات الذات أكثر مما هو اكتشاف معالم الأماكن.
كم بلدا قمت بزيارتها حتى الآن؟ وكيف تختارينها؟
سافرت إلى أكثر من 65 وجهة، واختياري يعتمد في معظم الأحيان على الوجهات غير المشهورة والغريبة ولكن الفريدة مثل كمبوديا وفيتنام، وأيضا على الطقس، حيث إنني لا أحب المناطق الحارة.
أحب أن أستمتع بالطبيعة ورياضة المشي، ولا أحب المناطق المزدحمة التي تحرمني من تجربة المكان بهدوء.
وتلعب -كذلك- الميزانية دورا كبيرا في اختيار الوجهات، ومع الخبرة تعلمت أنه -وبأي ميزانية- يمكنني السفر إلى أي دولة، ولكن بطرق مختلفة.
كخبيرة سفر ما الذي تقومين به لسفر اقتصادي غير مكلف؟
تعلمت خلال التخطيط للرحلات أن أبحث عن الأمور المجانية التي يمكن الاستمتاع بها في كل دولة، وقبل أن أسافر أبحث عن المطاعم غير السياحية الجيدة، وكذلك خصومات بطاقات السياح، ومعرفة طريقة استخدام المواصلات العامة، وكذلك حجز الفنادق البوتيك “فنادق صغيرة وأنيقة، تقع عادة في مواقع حضرية وعصرية”، أو البحث عن طرق إقامة مجانية قد تمنح للرحالة لقاء العمل التطوعي، أو مخصصة للتخييم مجانا.
ما النشاطات التطوعية الأخرى التي تقومين بها خلال سفرك؟
فعلا، سافرت أيضا في رحلات تطوعية كثيرة، مما مكنني من عمل الخير بتكاليف منخفضة واستكشاف دول لم تخطر ببالي.
وخلال سفري تطوعت في محميات للحيوانات في جنوب أفريقيا، وتطوعت في مدارس للأيتام لتعليمهم اللغة الإنجليزية، حيث تمكنت من الحصول على الوجبات والسكن بتكاليف منخفضة، وكذلك الاستمتاع بالانغماس في الثقافة المحلية لجنوب أفريقيا، ومعرفة أهل البلد والعيش قريبا منهم.
هذا التعايش ماذا يعني للرحالة؟
بعد 6 سنوات من السفر والترحال، يمكنني القول إن أجمل أنواع السفر هو عندما تمارسه كمواطن في تلك البلد، فتراها بعيون حقيقية بعيداً عن الصور على الإنستغرام وأقوال المشاهير أو الفنادق والشركات السياحية.
ما أجمل 5 أماكن قمت بزيارتها وتحنين للسفر لها ثانية؟
من أجمل الوجهات التي زرتها وتعلمت منها:
جنوب أفريقيا: تعلمت هناك أن ترقص أينما تريد وكيفما تريد، وأن لا تفقد الأمل خاصة بعد تعرفي على معاناتهم في الحقبة السابقة خلال الاستعمار، ولكن نجاحهم أذهلني وبخاصة في استقطاب السياح.
فيتنام: تعلمت منها كيف أن الصمود يوصل إلى النجاح، وأن القوة في الاتحاد والتمسك بالأرض، وأن التمسك بالثقافة يضيف سحرا خاصا للمعالم السياحية للبلد.
إيطاليا: تعلمت حب الحياة، حيث إن السعادة في اللحظة هي كل ما يهم في تلك اللحظة، وأهمية أن يكون هناك وقت يومي خاص، لا تفعل فيه أي شيء فقط أنت ونفسك، كما تعلمت حب ثقافتنا العربية وقوة حضارتنا العربية وتأثيرها الكبير خاصة في الهندسة المعمارية.
سلطنة عُمان: تعلمت قوة الطبيعة التي لا يتدخل فيها الإنسان، والشعب الطيب الذي يجعل هذا البلد مميزا.
ما أفضل الرحلات السياحية لديك، وبماذا تنصحين الشباب؟
أفضل رحلاتي هي الرحلات التي أذهب فيها وحدي، لأنني فيها أستطيع أن أفعل ما تريده نفسي، آكل كما أريد، أذهب أو أتوقف حينما أريد، أسمح لنفسي بفرصة التعرف على أهل المكان وأمضي وقتا معهم، أعيد ترتيب أفكاري وأهدافي وأولوياتي، أبتعد عن كل ما يحزنني وأنغمس في رحلتي.
هذه هي الرحلات التي أسميها “رحلات إثبات حبي لذاتي”. فالسفر وحدي علمني حب الذات وجعلني أمارسه فعليا.
واعتمد في اختياري لتلك الرحلات الوجهات الآمنة، وبالوقت نفسه أتأكد من خلال البحث العميق تعلم أهم وسائل المحافظة على الأمان خلال السفر.
كشابة رحالة ماذا علمك السفر؟
السفر علمني أن المرأة يمكن أن تكون الشخص الذي تريده، وأن القيود فقط في عقلنا وفي بعض الكلمات التي تقال لنا.
ولا أعني بالحرية أن تخرج المرأة عن القيم والتقاليد والأخلاق، بل أن تتحرر من القيود التي تقلل من قدراتها.
وأرى أن تحمل المسؤولية، ومهام الوظيفة، وعيش الحياة العائلية، كلها يمكن أن تعاش بالتوازي مع ممارسة الهواية التي ما نحب، وجرأة عيش المغامرة.
ما هواياتك غير السفر بطبيعة الحال؟
أعشق القراءة، وأعمل على إنقاذ الحيوانات من التعرض للإساءة، وحتى خلال رحلاتي في السفر احرص على اختيار مغامرات وتجارب سفاري حذرة لا تضهد أي حيوان أو أي كائن حي في الطبيعة.
ما وجهة السفر القادمة؟
وجهتي القادمة هي جزيرة سقطرى في اليمن، أحن كثيرا لاكتشاف هذه الجزيرة العذراء، والتعرف على شعبها وندرة طبيعتها وشواطئها.