حين كان الحوثيون يتعربشون على كهوف «مران»، كانت القبائل اليمنية تُـعد «زواملها»، وتحتشد بأمر الرئيس المخلوع لتذهب إلى «صعدة»
حين كان الحوثيون يتعربشون على كهوف «مران»، كانت القبائل اليمنية تُـعد «زواملها»، وتحتشد بأمر الرئيس المخلوع لتذهب إلى «صعدة» دعماً لجهود الجيش العظيم وهو يقاتل قوماً «حرّفوا» القرآن، وشتموا أُم المؤمنين عائشة، ونقضوا عهدهم بالجمهورية، وأرادوا استعادة حُكم الإمامة.. كان الصحفيون في الصحف الحكومية يتقربون إلى رؤسائهم بتحديد «الخطر القادم» من الحوثي !، وعلى أسوار مدينة «صعدة» القديمة قاتلت «حاشد والحدأ وعنس وبكيل والعصيمات وخولان وآنس وجهران «، كانت حشوداً هائلة من القبائل الغاضبة، تجدهم عند أبواب الفرقة الأولى مدرع يتسابقون لنيل العطايا من قائد الحرب الذي قضى على المتمرد «حسين الحوثي»، وكان «مثنى جواس» القائد الغليظ الذي أطلق النار على رأس الفتنة فأرداه صريعاً بطلاً متوّجاً !، وتجد في مدن القبائل من يتسابقون إلى لعن «الحوثيين» ومن والاهم، ويتودّدون إلى الناس بلين القول، وطيب الكلام !.
– في 2011م، خرجت القبائل إلى ميدان السبعين للتنديد بانقلاب «علي محسن»، تلك الوجوه التي كانت عند بابه، تجمهرت في باب «صالح»، خرج مئات الآلاف لشتم أولاد الشيخ «الأحمر» الغاضبين من تقويض المخلوع صالح لسلطاتهم ونفوذهم، كانوا يذبحون رؤساء الأحزاب على صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي، ويسخرون من حزب التجمع اليمني للإصلاح تحديداً، حتى وصل «الحوثيون» إلى منزل الشيخ الأحمر في «خمر»، ونسفوه !، أصيبت القبائل بالذهول، وكعادتها بدأت تراجع مواقفها السابقة وتنخرط مع القوة الصاعدة، دفعوا بآلاف من أبنائهم إلى القتال مع المتمردين، وهاجموا الرئيس «هادي» لأنه لم يكن يملك عصابات تفجّر المنازل، حتى خلت الشهامة من كل القرى المحيطة بالعاصمة، فانفرد الذئاب بالرئيس الجنوبي في «صنعاء» الشمالية !.
– دخل مندوبو الحوثيين إلى القصر الجمهوري وأعلنوا دستوراً جديداً، لم يقاومهم أحد !، وحين تسألهم «الإماميون يعودون، فماذا أنتم فاعلون؟».. يهزون أكتافهم، وينتقمون من القات المعبأ في أكياسهم بشراهة، تمت السيطرة على المؤسسات الحكومية، سحب الحوثيون المدججون بالأسلحة الأختام الرسمية، وعينوا من طرفهم موظفين أميين للسيطرة على مفاصل المؤسسات مالياً وإدارياً، وكنوع من إثبات الرجولة هاجم الموظفون الساخطون رئيس الوزراء العجوز الطيب «محمد سالم باسندوة»، ووزراء الإصلاح في حكومة «بحاح»، وكانا وزيرين فقط من ثلاثين وزيراً !.
– اليوم نجدهم يصبون غضبهم على الأستاذ «محمد اليدومي» سخطاً من وضع مزرٍ وكارثي، يحملونه فشل اللجنة الثورية وفسادها ! حتى ظننته نائب «عبد الملك الحوثي» !، يخرجون باتهامات حمقاء عن ملايين الدولارات التي يسترزقها الهاربون من جحيم صالح وعبد الملك!، ولا تجد أحدهم يرفع صوته للتنديد بنهب الحوثيين لما قيمته سبعة مليارات دولار من خزينة البنك المركزي اليمني.
– نحن شعب يهاجم الضعيف فقط، ويتكيف مع القوي، كيفما كان لونه وشكله وبشاعته.. الأمثال الشعبية المتواردة تحكم عوامل الفرد النفسية، وحين يمتلئ بالغيظ والعجز من تأمين قوت أولاده الصغار، ينفجر المواطن في وجهي وينعتني بالمرتزق، وأوصاف قذرة من قاموس الشتائم البائس؟، وهو لا يجرؤ على إطلاق زفرة حارة في وجه مشرف حارته البغيض!.
– تجد آلاف المختطفين من صحفيي التجمع اليمني للإصلاح، وساسته وكوادره منذ عام، فلا يتألم لظلمهم أحد أو يطالب بإطلاق سراحهم، وحين تظهر صورة «أحمد» بجوار وفد الكويت، يتسابقون إلى إطلاق ملايين العبارات التي تتحدث عن مظلومية السفير قيد الإقامة الجبرية، حتى أن برلمانياً كتب على صفحته مغرداً أنه لم يتمالك نفسه من الدموع على وضع «أحمد» المحاط بجنود الإمارات العربية المتحدة !.. يا إلهي ما هذا الدلال الرخو ؟!
– كان في مدينتنا شيخ قاتل، انضم إلى الحوثيين وصار منهم، حين أدخل صفحته أجد الذين يشتمونني يُقبّلون أقدامه، ويتغنون بعباراته الحكيمة والسديدة، وفي صفحتي يشتمون أُمي في قبرها، ويشككون في نسبي، وأخلاقي، لأنني بلا سلاح، ولا عصابة، لأنني بريء طيب، أتسامح ببساطة، يجدون في شخصي أقصر الطرق للتنفيس عن وجعهم وأمراضهم، وجبنهم وذلهم وهوانهم، وكما هي تلك الصور التي كانت تخرج بزواملها المرعبة، وجنابيها الثمينة، وكروشها المتضخمة منذ 2004م، تتكرر اليوم على الجانب الآخر لتقول في الحوثيين ما لم يقله مجنون ليلى، غزل ونفاق مقابل قطعة سلاح أو وظيفة حقيرة تحت سياط المجهولين من أصحاب الكُنى المستعارة .
– حين أعود إلى مدينتي لن أحمل السلاح، فقد أثبّت لأصدقائي أني شجاع بما يكفي لأهدم غرور الجبناء، وأشارك في تدمير الانقلاب الوقح بقلم من البلاستيك، ومحبرة مِداد سائل.. أنا أكثر قوة من أولئك الضعفاء المهزومين .. أنا فخور بنفسي، فخور حدّ الغرور!.. وإلى لقاء يتجدد.