(حصري).. كيف يتعامل الحوثيون مع البنوك الستة وسط “أزمة المركزي اليمني”؟!
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص:
كشفت مصادر في بنوك تجارية في صنعاء ألغى البنك المركزي اليمني في عدن تراخيصهم عن تعرض مؤسساتهم المالية لتهديدات وابتزاز من جماعة الحوثي خلال الأسابيع والأيام الماضية.
والبنوك الستة “بنك التضامن، بنك اليمن والكويت، بنك اليمن والبحرين الشامل، بنك الأمل للتمويل الأصغر، بنك الكريمي الإسلامي للتمويل الأصغر، البنك الدولي اليمني” بعد رفضها نقل المراكز الرئيسية من صنعاء إلى عدن.
وشكا المسؤولون في هذه البنوك الذين تحدثوا لـ”يمن مونيتور” من أنهم غير قادرين على الموائمة بين اشتراطات وطلبات السلطتين في صنعاء وعدن، وأن هناك حاجة ملحة لتوحيد القطاع المصرفي في البلاد. وفي الوقت ذاته يشكون من سياسات الحوثيين تجاههم خلال سنوات الحرب.
وبلغت ذروة المعركة المالية بين الحوثيين والحكومة المعترف بها دولياً في مارس/آذار الماضي بعد أن أصدر كل منهما إجراءات تنظيمية متبادلة مضادة للجهات الفاعلة في القطاع المالي بلغت ذروتها في إدراج بنوك على القائمة السوداء، وإجراءات تخص العملة الوطنية، من بين أمور أخرى. والتي أدت إلى تداعيات سيئة على الأسر اليمنية- حسب ما تقول الأمم المتحدة.
- قانون جديد في صنعاء يهدد بإفلاس البنوك وركود كبير للاقتصاد (تحقيق خاص)
- تحقيق حصري- كفاح رجال الأعمال من أجل البقاء.. كيف يغيّر الحوثيون القطاع الخاص لصالحهم؟
- (تحقيق خاص) التهريب ومراكز مالية جديدة.. كيف أثّرت تجارة الأدوية قادة الحوثيين وسحبت باقي اليمنيين نحو الموت؟
محاولة الضغط
وقال مستشار في واحد من البنوك الثلاثة إن الحوثيين هددوا بشكل رسمي إذا ما قررت البنوك نقل مراكزها الرئيسية إلى عدن بتصفيتها وإلغاء تراخيصها ومصادرة أصولها واستثماراتها.
وكشف أن الحوثيين هم من طلبوا من البنوك الستة إغلاق فروعهم في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.
“رفضت البنوك بطبيعة الحال الإغلاق خشية فقدان ثقة المودعين، لكن الحوثيين هددوا بسحب تراخيصها من صنعاء واستهداف استثماراتها”- أضاف المستشار الذي يعمل في القطاع المصرفي منذ 27 عاماً.
أُغلقت فروع البنوك بالفعل في عدن (جنوب) وتعز (جنوب غرب) ومأرب (شرق). لكن حملات أمنية تحركت لفتح الفروع بالقوة في تعز ومأرب.
وحدث ما خشاه المستشار قال مراسلو يمن مونيتور في تعز ومأرب إن عشرات المودعين كانوا في بنك الكريمي وسحبوا أموالهم وودائعهم خشية أن يغلق الفرع من جديد. لاحقاً أصدر البنك المركزي في عدن بياناً أكد فيه قيام الحوثيين بابتزاز البنوك الستة ودفعهم لإغلاق فروعهم. يسعى البنك المركزي أيضاً لإبقاء السيولة في السوق بدلاً من تجميدها في منازل اليمنيين.
- توقف التحويلات المالية إلى مناطق سيطرة الحوثيين
- الآثار المحتملة لأزمة البنوك المركزية الأخيرة على الأسر اليمنية
المصادرة والاستحواذ
وأشار مصدر قريب من مجلس إدارة بنك آخر إن الحوثيين هددوا بالاستحواذ على مجموعة مصانع وشركات أعضاء مجلس الإدارة وكبار المساهمين فيها إذا ما تم نقل البنك المركزي. مضيفاً إنه وسط هذا التهديد أبلغهم مكتب رئاسة الجمهورية (غير المعترف به دولياً) وقادة حوثيون آخرين أن القرارت التابعة للحكومة الشرعية لن تستمر بما في ذلك سحب سوفيت عن مؤسساتهم.
كانت مصادر تحدثت الجمعة الماضية أن مجلس القيادة الرئاسي جمد قرار إلغاء تراخيص البنوك الستة حتى منتصف أغسطس/آب. لكن البنك المركزي يرفض التعليق على الأمر منذ ذلك الحين.
يرى مسؤول إداري في بنك ثالث أنهم تحت الضغط من الحوثيين والبنك المركزي في عدن، لكن معظم استثمارات البنك وأمواله موجودة في مناطق الحوثيين وبنكه المركزي، ومن الصعب المغامرة بها للحارس القضائي التابع للجماعة المسلحة.
- كيف أنشأ الحوثيون اقتصاداً بديلاً في اليمن؟
- القطاع المصرفي يستغيث.. لماذا يختفي “النقد” في صنعاء؟ وكيف أصبحت ودائع اليمنيين في خطر؟ (تحقيق خاص)
وعادة ما يصادر الحوثيون أصول معارضيهم ومن يخالفون توجيهاتهم. كان آخر تلك المنشآت شركتي الدوائية الحديثة والعالمية لصناعة الأدوية بعد أن قررت نقل مراكزها الرئيسية إلى مناطق سيطرة الحكومة. في بعض الحالات يغيّر الحوثيون إدارات تلك الاستثمارات بتابعين لهم، أو يعرضون الأصول للبيع.
يضيف المسؤول: رأس المال جبان بالفعل، والمغامرة تصبح أكثر سوءاً إذا كانت ستدمر سمعتك وأموال الأخرين معك.
تحدثت المصادر لهذا التقرير شريطة عدم الكشف عن هوياتهم خشية انتقام الحوثيين.
وتسببت سياسات الحوثيين خلال العقد الماضي وهي مزيج من الجبايات والمصادرة والقوانين السيئة- بهروب رؤوس الأموال، ونقل كثير من رجال الأعمال أعمالهم إلى خارج البلاد بين مصر وتركيا والسعودية وكينيا.
وقال مصدر إن معظم السيولة النقدية التي كانت البنوك تملكها يتم تسليمها للبنك المركزي التابع للحوثيين. هدد الحوثيون بمصادرة أذون الخزانة والأموال من البنوك إذا نقلت مراكزها الرئيسية إلى عدن وترك البنوك تتعامل مع غضب المودعين.
- قرارات المركزي اليمني الأخيرة.. حرب اقتصادية جديدة أم حزمة “إنقاذ” شاملة؟
- البحر الأحمر وعملية السلام اليمنية.. لعبة الأمن البحري رافعة الحوثيين السياسية الجديدة (تحليل)
سيولة البنوك
تعاني بالبنوك بالفعل من شحة السيولة النقدية نتيجة أن معظم الأموال موجودة في “أذون الخزانة” ولايسمح للبنوك بإبقاء أكثر من 25% من السيولة لديها. ومع ذلك يبلغ البنك المركزي في صنعاء البنوك التجارية عن عجزه تسليم أموال البنوك المودعه لديه ما أدخلها في صراع مع المودعين لديها.
وأوقفت سياسات الحوثيين عمل البنوك في مناطق سيطرتهم، حيث أوقف قانون جديد للحوثيين أُقر في مارس/آذار 2023 عوائد أذون الخزانة، و80% من أموال البنوك يتم استثمارها في “أذون الخزانة”. ومنذ انقسام البنك المركزي اليمني (2016)، لم تتلق المصارف التجارية أي فوائد من البنك المركزي اليمني في صنعاء، على الرغم من تحصيل الضرائب من المصارف.
وأعلنت جمعية البنوك اليمنية في مناطق سيطرة الحوثيين (يونيو/حزيران2023) بعدم قدرتها على دفع أموال المودعين -حتى بأحكام قضائية- ما تسبب في إثارة الرعب لدى اليمنيين، واعتبر المسؤولون والاقتصاديون والمحللون الماليون ذلك بمثابة بداية إعلان إفلاس.
وقال مدير بنك أهلي في صنعاء ليس من ضمن البنوك التي ألغى البنك المركزي تراخيصها لـ”يمن مونيتو”: لدينا أموال موجودة في البنك المركزي (الخاضع للحوثيين) لكنها حبر على ورق. مضيفاً أن “التهديد بمصادرتها ومصادرة الاستثمارات والأصول تكشف أننا لسنا في دولة ولا حكومة وأن عصابة مافيا تريد التحكم بمناطق خاضعة لها”.
أشارت معلومات مطلع العام الماضي إن جماعة الحوثي استولت فعلا على مبلغ ترليون و700 مليار ريال من ودائع التجار لدى البنوك الخاصة بين يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط، وحولتها إلى حساب خاص في البنك المركزي في صنعاء، بحيث لا تستطيع البنوك ولا المودعين الوصول إليها.
وسيطرت جماعة الحوثي على السوق المالية في المناطق الخاضعة لسيطرتها: فقد أدخلت 180 شركة لاستيراد النفط، و250 شركة لصرافة العملات، و1023 شركة تجارية، وحصلت جميعها على إعفاءات ضريبية وجمركية. وفي الوقت نفسه، تم الضغط على العديد من الشركات في القطاع الخاص في اليمن قبل الحرب لإغلاق أبوابها.