كيف يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر بالطائرات المسيّرة؟ (بالرسوم التوضيحية)
يمن مونيتور/ وحدة التحقيقات/ خاص:
في سبتمبر/أيلول الماضي استعرض الحوثيون المئات من الجنود والشاحنات المحملة بأسلحة الحرب الحديثة مثل الطائرات والقوارب المسيّرة والصواريخ الذكية؛ بعد ذلك بشهرين كانت الجماعة المسلحة التي تسيطر على العاصمة صنعاء على موعد لبدء هجماتها ضد الشحن في البحر الأحمر.
حصل الحوثيون على معظم الأسلحة من الداعم الرئيس إيران التي زودت الجماعة بالأسلحة والتدريب وتكنلوجيا الأسلحة المتطورة إضافة إلى المعلومات. وينفي الحوثيون والإيرانيون الاتهامات لكن العديد من تقارير الأمم المتحدة ومعاهد أبحاث السلاح أكدت أن الأسلحة من إيران أو تملك التقنية الإيرانية.
اكتسبت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر وخليج عدن –ويزعمون وصول هجماتهم إلى غرب المحيط الهندي والبحر المتوسط- مخاوف الغرب والشرق على الرغم من اختلاف سياساتهم من تضرر حرية الملاحة. لكن خصوم الجماعة المسلحة اليمنيين والخليجيين تعاملوا معها منذ 2017 على أقل تقدير.
وكانت الطائرات المسيّرة أكثر ما يقلق الدول والسفن التجارة البحرية التي تمرّ قبالة اليمن. يشرح تقرير “يمن مونيتور” عبر الرسوم التوضيحية والمعلوماتية كيف يشن الحوثيون هجماتهم باستخدام هذه الطائرات!
أشكال الطائرات المسيّرة
وتشمل أسلحتهم الإيرانية الجديدة طائرات استطلاع وهجوم بدون طيار من طراز قاصف-1 وقاصف-2 كيه. في حين أن هذه الطائرات بدون طيار رخيصة حيث تشير قيمتها إلى 2000$، إلا أنها تتمتع بمدى يتراوح بين 50 و 60 ميلا (80-97 كم) مع رأس حربي صغير يبلغ حوالي 30-40 كجم.
والطائرات المسيّرة الأخرى هي أجيال صماد 1و2و3 والتي يبلغ مداها 300 ميل (483 كم) ورؤوس حربية أصغر يبلغ وزنها 18 كجم.
طائرة شاهد-136
وكانت الطائرة نوع شاهد-136 الإيرانية ونوع صماد-3 الأكثر استخداماً في هجمات الحوثيين على السفن. والتي يصل مداها إلى 2500كم، برأس حربي يزن 50كجم.
وعلى الرغم من أن إيقاف تشغيل أنظمة التعريف التلقائي (AIS) للسفن يزيد صعوبة اكتشاف السفينة بواسطة طائرة بدون طيار، ولكن من غير المرجح أن يمنع الهجوم في النهاية. حسب تقرير نشره المنتدى البحري الدولي لشركات النفط (OCIMF) قبل بدء هجمات الحوثيين (أغسطس/آب2023).
يمكن إطلاق شاهد-136 – الذي استخدمتها القوات الروسية على نطاق واسع في أوكرانيا – من حاويات محمولة على شاحنة بزاوية تصاعدية قليلا. يساعد معزز صاروخي صغير في دفع الطائرة المسيّرة في الهواء قبل التخلص منه. ثم يتولى محرك المكبس الرئيسي تشغيل الرحلة. وتشير بعض مواصفتها إلى الآتي:
أ.يمنحها تصميم جناح دلتا توقيعًا راداريًا منخفضًا، والذي عند دمجه مع ملف تعريف الطيران على ارتفاع منخفض (بحد أقصى 1000 متر) يجعل اكتشافه بواسطة الرادار التجاري أمرًا صعبًا.
ب.يتكون الجسم الرئيسي من مواد مركبة (بما في ذلك البلاستيك وألياف الكربون) ومروحة المحرك مصنوعة من الخشب. الكتلة الخفيفة تمكن هذه المسيّرات من زيادة نطاق الطيران إلى 1800 ميل بحري.
ج.يمكن إطلاقها من على شاحنة عبر عدة أرفف.
د. عندما تقترب الطائرة بدون طيار الصاخبة من المناطق المستهدفة، يمكن سماع الصوت المميز لمحرك المكبس الصغير، الذي يشبه ضجيج الدراجة النارية. كما أنها بطيئة نسبيا.
هـ. يمكن للحوثيين الاتصال عبر الأقمار الصناعية لتغيير المسار في منتصف الرحلة، وتحسين وظائف تتبع الهدف والدقة. لكنها يمكن أن تفقد الاتصال مع النزول الأخير نحو الهدف.
تحديد الهدف ومتابعة العملية
إضافة إلى المعلومات الاستخباراتية التي يعتقد على نطاق واسع أن الحرس الثوري يزود الحوثيين بها لاستهداف السفن. فإن هناك مجموعة متنوعة من مصادر الاستخبارات لتحديد موقع السفن المدنية المستهدفة وتحديدها وتتبعها، مما يجعل من الصعب على السفن تجنب اكتشافها.
ويحصل الحوثيون على بيانات الهدف من خلال معلومات مفتوحة المصدر متاحة على العديد من المنصات عبر الإنترنت التي تقدم خدمات التتبع البحري، بما في ذلك التاريخ الكامل لرحلات السفينة.
كما توفر بعض المنصات أيضًا وظائف “التنبؤ بالمسار”، مما يشير إلى الإحداثيات المتوقعة للسفينة طوال رحلتها.
حسب شهادات ربابنة سُفن تجارية عبرت قبالة اليمن فإن طائرات مسيّرة يبدو أنها للرصد تحلق فوق السفينة عدة مرات في مسارات متعددة لمزيد من التفاصيل.
يمكن لطائرات الاستطلاع بدون طيار المزودة بمساعدات بصرية أن تسبق الطائرة شاهد-136وتكون موجودة في المجال الجوي بالقرب من السفينة المستهدفة قبل و/أو أثناء الهجوم. وقد أكدت روايات الشهود هذا الادعاء.
يقوم الحوثيون عقب تحديد الهدف بالاستعداد للهجوم عبر شاحنات تم تحويلها إلى حاملة طائرات متنقلة. يتم تغطية الشاحنة أثناء الانتقال من موقع لآخر لتبدو وكأنها شاحنة نقل تجارية.
وتحمل الشاحنة خمسة رفوف من طائرات شاهد-136 وتطلق من منطقة قريبة من الساحل اليمني باتجاه الهدف بعد وضع احداثيات مسبقة.
تتحرك الطائرات المسيّرة ببطئ نحو الهدف حتى الوصول إلى الهدف وتوجيهها عن بعد بهجوم علوي حيث تصعد إلى أعلى ثم تنزل نحو منطقة الهدف، معظم المناطق المستهدفة هي منطقة الوقود في السفن التجارية.
ومن المرجح أن تراقب الطائرات بدون طيار الاستطلاعية المزودة بكاميرات العملية من خلال توفير تأكيد بصري للحوثيين المشغلين للطائرة المسيّرة.
التكلفة
تسبب ارتفاع التكاليف أرقاً لمسؤولي الحرب، ولذلك فإن الحوثيين يستثمرون القليل من المال في المسيّرات مع نتائج أثبتت أنها تحقق الهدف الرئيس بوقف الملاحة قبالة اليمن.
تكلف الطائرة المسيّرة ألفي دولار، والطائرة الأكبر شاهد-136 تقدر قيمتها بـ 20 ألف دولار. فيما يستخدم صاروخ بقيمة 2.1 مليون دولار لاعتراضها. وانفقت البحرية الامريكية مليار دولار قيمة الذخائر التي اعترضت صواريخ وطائرات الحوثيين حتى ابريل/نيسان الماضي.
وهذا فرق كبير في التكلفة لذلك فإن “الفائدة الأكبر، حتى لو أسقطنا صواريخهم وطائراتهم بدون طيار، ستكون لصالحهم” كما يقول ميك مولروي، المسؤول السابق في وزارة الدفاع الأمريكية، وضابط وكالة المخابرات الامريكية.
المخزون
لا توجد معلومات حول حجم مخزون الحوثيين من الطائرات المسيّرة الانتحارية أو ترسانتهم من الصواريخ. ويقول قائد القوات الجوية الأمريكية: من الصعب معرفة مدى تآكل إمدادات أسلحة الحوثيين بسبب الضربات الأمريكية، لأن المسؤولين لا يملكون تقييم استخباراتي مفصل لقدراتهم قبل بدء الهجمات.
إلى جانب الفشل الاستخباراتي الأمريكي –والدولي- في تقييم قدرات الحوثيين، فهم لا يملكون معلومات حول استمرار إمدادات أنظمة الأسلحة وقطع الغيار من إيران والتي تعني أن الحوثيين سيكونون قادرين على الحفاظ على المعدل شبه اليومي للهجمات البحرية. بالإضافة إلى ذلك، تمكن الحوثيون من إنتاج بعض ذخائرهم والطائرات المسيرة الخاصة بهم مع ذلك من الصعب عليهم العمل عليها دون المساعدة الإيرانية.
وحسب بيانات معهد ستوكهولم الدولي للأبحاث (سيبري) فإن جماعة الحوثي ثالث أكبر المشترين الرئيسيين للأسلحة الإيرانية خلال 2023.
ويقول خبراء عسكريون وإقليميون إن جماعة حزب الله اللبنانية – وهي عضو آخر في “محور المقاومة” الإيراني في الشرق الأوسط – قدمت تدريبا عسكريا ومساعدة للحوثيين.
ويقول الحوثيون إنهم يستهدفون السفن المرتبطة بإسرائيل-وسعت لاحقاً لتشمل السفن الأمريكية والبريطانية- التي تشن هجوماً وحشياً على قطاع غزة. لكن الحكومة اليمنية وخبراء يقولون إن أهداف الحوثيين محلية للهروب من الأزمات الداخلية وتحسين صورتهم في المنطقة.
ورداً على ذلك تشن الولايات المتحدة وبريطانيا منذ 11 يناير/كانون الثاني حملة ضربات جوية تستهدف تدمير قدرات الحوثيين على شن هجمات ضد الملاحة، لكن بعد ستة أشهر فشلت في تدمير قدرات الحوثيين التي زادت نسبتها مؤخراً.
ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني وحتى يوليو/تموز شن الحوثيون أكثر من 200 هجوم-حسب أرقام البنتاغون- بينها أكثر من 100 هجوم منذ بدء الضربات الجوية الأمريكية على البر اليمني.