اليمنيون الذين تقطعت بهم السبل في أرض الصومال (1/2) (تقرير مصور)
يتخذ اليمنيون الفارون من الصراع قوارب مزدحمة للماشية لعبور خليج عدن الى البلد غير المعروف “أرض الصومال”. هذا هو حجم الأذى في واحدة من أقدم مراكز الحضارات في الشرق الأوسط.
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ ترجمةخاصة/ من عادل هاشم
يتخذ اليمنيون الفارون من الصراع قوارب مزدحمة للماشية لعبور خليج عدن الى البلد غير المعروف “أرض الصومال”. هذا هو حجم الأذى في واحدة من أقدم مراكز الحضارات في الشرق الأوسط.
خلال شهر مارس الماضي فرت فجراً “صابرينا عمر” البالغة من العمر 21 عاما وأُم لعبد الله ذو الأربعة الاشهر من منزلها في مدينة تعز عندما اصابت قنبلة او صاروخ منزلهما في الليلة السابقة. وتقول صابرينا أنها لا تعرف ما هو بالضبط او من أين تم إطلاقها، وان كل ما تعرفة هو أن شخص واحد من جيرانها قد قتل، وعند بزوغ النهار غادرت هي ووالدتها “سعيدة محمد علي” البالغة من العمر (46) عاما وشقيقتها الصغرى ذات الثمان سنوات التي لم تذهب منذ شهور للمدرسة بسبب إغلاق جميع المدارس في تعز.
*ذكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة في مارس 2016 بأن” الاف الاطفال اليمنيين يموتون بأسباب مباشره وغير مباشره تتعلق بالحرب الوحشية في اليمن”. من بين هؤلاء الاطفال اولئك الذين فروا الى أرض الصومال ويعيشون الان في مدينة “هرجيسة”. “اشلي هامر”
صابرينا واحدة من اُناس كُثر وقعوا بين رعب قناصة الحوثي والطائرات الحربية السعودية واللذان يعتبرا تهديدا يوميا في الصراع الدائر في اليمن. كانت صابرينا حاملا في شهرها السادس عندما غادرت منزلها متحركتا ببطيء وقلق خوفا على صحة جنينها، وقد باعت صابرينا حليها الذهبية خلال رحلتها من تعز الى ميناء في عدن حيث يمكنها هناك الحصول على قارب. ومن ميناء عدن أنضم حوالي 500 اخرين في رحلة على مدار 24 ساعة الى بربرة الذي يعتبر الميناء الرئيسي في أرض الصومال.
يمنيات يدرسن في المدارس الصومالية
وخلال الرحلة تكونت ما يقارب من أثني عشر أسرة في مجموعات من ثلاث افراد ولكن زوج صابرينا كان يعمل في جزء اخر من المدينة خلال الهجوم. وقد اتصلت به لتخبره بأنهم سيغادرون ولكن مع اشتداد المعارك لم يستطع ان يصل إليها في الوقت المناسب.
اليوم تعيش صابرينا وابنها الرضيع عبد الله مع والدتها وشقيقتها في هرجيسة عاصمة أرض الصومال، البلد المستقل عن دولة الصومال مع أكثر من 10000 لاجئ من اليمن تركوا كابوس الحرب في بلادهم ليقعوا في البيروقراطية الشيطانية. ومع معاناتهم من صدمة هجرتهم القسرية، تقف صابرينا وافراد اسرتها في طوابير طويلة للحصول على احتياجات اساسية مثل صحون الطعام والحفاظات. بينما ينفقون المال الذي لا يمكن تحمله خلال تنقلهم من اوراق الامم المتحدة والنظام السياسي المعقد ذو اللغة غير المفهومة بالنسبة لهم.
الحوثيين احتلوا منزل صابرين
منذ مارس 2015 ومازال اليمنيون يفرون من المعارك الدموية داخل البلاد الى أرض الصومال عندما بداء المتمردون الحوثيين بالتقدم في تعز والسيطرة على منزل صابرين وسرعان ما استولوا على المدينة من حكومة الرئيس عبد ربة منصور هادي الذي يعتبر شخص صديق لدى المملكة العربية السعودية وللولايات المتحدة الامريكية كذلك. وعلى نحو مماثل كان سلفة على عبد الله صالح ايضا له علاقات جيدة مع الطرفين بل انه دعم الغزو الامريكي للعراق في عام 2003. كان ذلك بمثابة انتقال سياسي سبب تجدد لنشاط المعارضة الحوثية التي كانت خامدة سابقا.
ما يزال علي صالح هو صاحب النفوذ السياسي حيث انقسمت قوات الامن الى اولئك الذين يدعمون هادي والبعض تدعم صالح بينما البعض الاخر تدعم الحوثيين. بينما تتواجد معاقل تنظيم القاعدة في شبة الجزيرة العربية في جنوب وجنوب شرق اليمن وقد شنوا هجمات مميتة على جميع الاطراف في اليمن.
بداء التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية غاراته في شهر مارس 2015 في مسعى لإعادة الحكم للحكومة السابقة الموالية لهم، واعقبت هذه الغارات تدخل للقوات البرية في سبتمبر الماضي مما ادى الى نزوح اعداد كبيرة من المدنيين.
الصومال ليست وحدها
لم تستقبل الصومال وحدها لاجئين يمنيين، فقد استقبلت بلدان عديدة مثل القرن الافريقي التي استقبل ما يقارب من نصف 176000 شخص لجئوا اليها بسب الحرب في اليمن. ومن المرجح ان ما يزيد عن عشره ألف شخص هربوا الى الصومال ولكن الكثير منهم لم يسجل لدى الامم المتحدة.
اما بالنسبة لأولئك الذين تمكنوا من الفرار من اليمن فقد عاشوا في ذكريات مؤلمة للغاية. لقد كان لأسرة صابرينا صورة في هاتفها الخليوي تعود لمنزلهم المدمر في تعز ولان النظر اليها لا يطاق بالنسبة لهم فقد تم حذفها. وبينما بدأت الاسرة الاستقرار في حياتهم الجديدة وصلت لهم أخبار سيئة عندما تلقت صابرينا مكالمة هاتفية تقول بأن زوجها وصديق مقرب لهُ قد قتلوا في غارة جوية.
محمد مع عائلته اليمنية في الصومال
وبإعطائها خيارات محدودة للجوء ومصير زوجها الذي قتل بغارة جوية فقد كان قرار صابرين بالمجيء لأرض الصومال امرا جيدا منذ البداية. فالعلاقة بين اليمن والصومال تقدر بقرون كالعلاقة التجارية بين موانئ عدن في اليمن وميناء بربرة في الصومال بالإضافة الى القيم الثقافية المشتركة بين سكان البلدين. وقبل الحرب الحالية في اليمن كان اليمنيين ذو الطبقة المتعلمة والمتوسطة يأتون الى أرض الصومال لغرض التجارة.
وقال أبيب أحمد هيرسي المدير التنفيذي للتأهيل المجتمعي الشامل في أرض الصومال بأن العلاقة بين اليمنيين والصوماليين جيدة بسبب الاعمال التجارية التاريخية والروابط الدينية. لا توجد أي تهديدات امنية واضحة من اليمنيين منذ وصولهم الى الصومال ولكن هناك حوادث صغيرة من المعتاد حدوثها في كل مكان. وقد لاحظ أبيب احمد هيرسي أن أعداد من اليمنيين قد بدأت بالاندماج المجتمعي بعد ان فتحوا لهم بعض الاعمال التجارية في عاصمة ارض الصومال “هرجيسة”.
وعلى الرغم من عدم وجود اعتراف رسمي من جانب المجتمع الدولي لأرض الصومال فإن لها حكومتها وعملتها الخاصة بالإضافة الى ان الوضع هادئ أكثر مما هو في الصومال التي انفصلت عنها وتقاتل متمردي حركة الشباب الذين ينتمون لتنظيم القاعدة.
على سبيل المثال اليمني صاحب الابتسامة وهو مالك لمطعم مزدحم للدجاج في “هرجيسة” الذي انتقل من اليمن منذ أربع سنوات. وكان لدية مطعمين في اليمن كذلك وتم اغلاقها بشكل دائم بسبب الحرب قد أحضر معه زوجته وخمسة من ابنائه الى “هرجيسة” عندما تيقن بأن اليمن تعيش في حالة يرثى لها ولن يتغير الوضع مطلقا في الوقت القريب. وقال بأن أطفاله لم يأكلوا وبكوا بشدة على طول رحلتهم الى عاصمة أرض الصومال “هرجيسة” وأضاف بأن القارب الذي كان يقلهم لم يكن مناسبا لبشر وإنما لمواشي “.
المصدر
Stranded in Somaliland – Part 1