ستة أشهر من التدخل العسكري الأميركي تفشل في حل أزمة البحر الأحمر
يمن مونيتور/ ترجمة خاصة/ (شينخوا)
بعد ستة أشهر تقريبا من إطلاق أولى غاراته الجوية ضد أهداف الحوثيين، لم يحقق التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة تقدما يذكر في الحد من الهجمات البحرية للجماعة اليمنية.
ونفذ الجيش الأميركي، بالتعاون مع القوات البريطانية في المقام الأول، مئات الغارات الجوية ضد المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، لكن الجماعة واصلت هجماتها على السفن في البحر الأحمر ووسعت نطاق هجماتها إلى المحيط الهندي وحتى في البحر الأبيض المتوسط كما يُزعم.
ويقول محللون يمنيون إن التأثير المحدود للتدخل الأميركي يؤكد محدودية نشر السفن الحربية في مثل هذه المنطقة المضطربة.
بعد ستة أشهر من الغارات الجوية الأميركية البريطانية الأولى ضد أهداف حوثية في اليمن في الثاني عشر من يناير/كانون الثاني، تطور التدخل المحدود في البداية إلى حملة شبه يومية. وفي حين تزعم الولايات المتحدة أن الضربات الجوية أدت إلى تدهور قدرات الحوثيين بشكل كبير، فإن التطورات الأخيرة ترسم صورة مختلفة.
وتستهدف الغارات الجوية، التي تم وصفها في البداية بأنها رد “لمرة واحدة” على التهديدات الصاروخية الحوثية، الآن مجموعة أوسع من البنية التحتية الحوثية، بما في ذلك منصات إطلاق الصواريخ والرادارات وغيرها من الأصول العسكرية.
ومع ذلك، يواصل الحوثيون شن هجمات على طرق بحرية حيوية، فمنذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أغرقوا سفينتين تجاريتين، هما “إم في روبيمار” في مارس/آذار، و”توتور” في يونيو/حزيران.
كما استعرض الحوثيون ترسانة متنامية من الأسلحة، حيث أضيفت قوارب مسيّرة وصاروخ محلي الصنع تفوق سرعته سرعة الصوت إلى مخزونهم. وعلاوة على ذلك، تمكنوا من إسقاط ما لا يقل عن ثلاث طائرات أمريكية بدون طيار من طراز MQ-9 Reaper، تبلغ قيمة كل منها حوالي 30 مليون دولار أمريكي، وأعلنوا مسؤوليتهم عن هجمات متعددة على حاملة الطائرات يو إس إس أيزنهاور في البحر الأحمر، وهي حاملة طائرات تعمل بالطاقة النووية، على الرغم من أن هذه الادعاءات لا تزال محل نزاع من قبل المسؤولين الأمريكيين.
قال الخبير العسكري والاستراتيجي اليمني ثابت حسين إن العمليات العسكرية الأميركية في البحر الأحمر تهدف إلى “ردع” هجمات الحوثيين على الممرات الملاحية وتفكيك بنيتها التحتية، إلا أن هذه الجهود باءت بالفشل.
وقال حسين إن “العمليات الأميركية المستمرة منذ ستة أشهر فشلت في ردع الحوثيين عن مواصلة هجماتهم”.
“الافتقار إلى التركيز”
وقال نبيل البكيري، مدير المنتدى العربي للدراسات والتنمية، إن الضربات الأميركية نُفذت دون هدف استراتيجي واضح.
وقال البكيري لوكالة أنباء شينخوا إن “الضربات الأميركية لم يكن لها هدف وبالتالي لم يكن لها تأثير على جماعة الحوثي”، مضيفا أن “العمليات كانت تهدف إلى ترسيخ الوجود الأميركي في المنطقة وليس إضعاف موقف الحوثيين”.
كما اتفق حسين على أن الضربات التي شنها التحالف الأمريكي-البريطاني لم تكن “مركزة أو مكثفة أو حاسمة بالقدر الكافي”، مما أدى إلى إفشال المهمة برمتها. وأشار المحلل اليمني إلى الدور الحاسم الذي لعبه الدعم الخارجي، وخاصة من إيران.
وأوضح حسين أن إيران “تعوض خسائر الحوثيين بسرعة”، وهو ما يمكّن الحوثيين من الحفاظ على قدراتهم الهجومية رغم جهود التحالف.
وتعتبر جماعة الحوثي على نطاق واسع جزءا حيويا من “قوس محور المقاومة” الذي تقوده إيران في المنطقة، على الرغم من أن الجانبين نفيا مرارا وتكرارا مزاعم بأن إيران كانت تزود الجماعة المسلحة بالأسلحة.
وأشار حسين إلى الخبرة المتزايدة التي اكتسبها الحوثيون من سنوات الحرب الأهلية وتحمل الضربات الجوية كعامل مهم آخر لنجاحهم في صد الضربات الجوية الأميركية. وقال: “لقد أصبحوا ماهرين في الحفاظ على القوة واغتنام الفرص للرد”.
التأثيرات بعيدة المدى للأزمة
إن استمرار الأزمة في البحر الأحمر، أحد أهم طرق التجارة في العالم، له تأثيرات بعيدة المدى على الديناميكيات الجيوسياسية الإقليمية والتجارة العالمية.
ومع تحول الممر المائي إلى منطقة خطرة، قام عدد متزايد من الشركات التي تنقل المواد الخام الحيوية والوقود بتعليق عملياتها في المنطقة، وتحويل مسار سفنها إلى مسافة إضافية تبلغ 3500 ميل بحري حول رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا.
ويضيف هذا التحويل نحو 12 يوما إلى رحلة السفينة من آسيا إلى أوروبا. كما تضاعفت الأسعار أكثر من ثلاثة أمثالها، وفقا لأحدث مؤشر من بورصة شنغهاي للشحن.
وبحسب تقرير صادر عن شركة “أليانز تريد”، فإن الأزمة في البحر الأحمر قد تؤدي إلى تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 0.4% وارتفاع التضخم بنسبة 0.5%.
وفي ظل الاضطرابات، أشار البكيري إلى أن جماعة الحوثي استفادت من الأزمة، حيث أدت العمليات العسكرية الأميركية إلى تعزيز مكانتها المحلية والإقليمية عن غير قصد.
لقد نجح الحوثيون في تصوير أفعالهم على أنها دعم لغزة، الأمر الذي أكسبهم تعاطف أولئك الذين لم يرضوا عن رد فعل الدول العربية تجاه الصراع في غزة. وقد عزز الدعم الجديد نفوذ الحوثيين بشكل كبير، الأمر الذي قد يؤدي إلى تغيير الديناميكيات داخل اليمن الذي مزقته الحرب وتعقيد عملية السلام.
يتفق المحللون اليمنيون على أن التدخل العسكري الأميركي لا يفضي إلى حل الأزمة. ويزعمون أن هذا التدخل لن يؤدي إلا إلى تصعيد التوترات وعدم اليقين، في حين يفشل في معالجة السبب الجذري في غزة، حيث يواصل الصراع الدائر تأجيج عدم الاستقرار في الشرق الأوسط .