غولن.. رجل يسعى لأن يكون “خميني تركيا” (بورتريه)
كثيرا ما ردد عبارة “أعوذ بالله من الشيطان الرجيم والسياسة”، لكنه اليوم أبرز متهم في أكثر من قضية سياسية. *عربي 21
كثيرا ما ردد عبارة “أعوذ بالله من الشيطان الرجيم والسياسة”، لكنه اليوم أبرز متهم في أكثر من قضية سياسية.
تصفه الروائية التركية أليف ألاتلي، بأنه “أخرق يدعي أنه المهدي”، ومن “المصابين بالاكتئاب والهلوسة”، وتضيف أنه “لو كان يمتلك الحد الأدنى من العقل، لأدرك استحالة عودته إلى تركيا بشكل مشابه لعودة الخميني” إلى إيران، في الثورة التي أسقطت شاه إيران.
يقود دولة “موازية” للدولة التركية، أو “كيانا موازيا” وفقا لتعبير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وتتمركز أدوات هذه “الدولة الخفية” في ما يعرف بحركة “حزمت/ أو الخدمة” الهلامية والفضفاضة التي تغلغلت في جميع أجهزة الدولة التركية.
حركة بلا سجلات أو قيود، عالم سري من العلاقات الشخصية القوية والتطوعية، في شكل يعتمد على الأموال التي يقدمها متطوعون لا تعرف هوياتهم أو حتى أسماؤهم، فجزء كبير منهم رجال أعمال وأثرياء، بعضهم يؤمنون بفكر الرجل الذي يقف وراء جميع تفاصيل “الكيان الموازي”.
فكر الرجل غامض تماما مثل تركيبة حركته وبنائها، رغم أن زعيم “حزمت” فتح الله غولن المولود في محافظة أرضروم في نيسان/ أبريل عام 1941، تلقى تعليما دينيا في فترة مبكرة من حياته، إضافة لعلم الفلسفة وغيرها، كما أنه اطلع على الثقافة الغربية وأفكارها وفلسفاتها إلى جانب الفلسفة الشرقية.
نشأ في أسرة متدينة، وتعلم القرآن الكريم في شهر واحد، اعتمادا على ما أفادت به أمه “رفيعة خانم”، وفي أثناء دراسته، تعرف على “رسائل النور” التي ألفها سعيد النورسي، وهو أحد أبرز علماء الإصلاح الديني والاجتماعي في عصره، وتأثر بكتاباته وسيرته الشخصية، حتى إنه عزف عن الزواج تشبها به وتفرغا للدعوة، رغم أن تلاميذ سعيد النورسي نفوا ارتباط غولن بالنورسي، أو حتى تلمذته على يديه.
وفي العشرين من عمره، عُين غولن إمام جامع في مدينة أدرنة، لكنه بدأ عمله الدعوي في مدينة إزمير، وانطلق بعدها ليعمل واعظا يلقي الخطب والمواعظ في جوامع غرب الأناضول، وعقد محاضرات علمية ودينية واجتماعية وفلسفية وفكرية.
وكان غولن من الذين كونوا الجيل الثاني من “الحركة النورسية” بعد تفرقها، منشئا ما سمي لاحقا بـ”حركة الخدمة”، وبالتركية “حزمت”، أو “جماعة غولن”، التي أسست رسميا في عام 1970، وانطلقت من مدينة إزمير معقل العلمانيين، وربما يكون هذا السبب وراء تأثرها بالتيار العلماني.
ويعرف عن غولن براعته في الخطابة، إضافة إلى غزارة إنتاجه العلمي، حيث إنه ألف أكثر من سبعين كتابا، ترجمت إلى 39 لغة في مقدمتها العربية والإنجليزية والفرنسية والصينية والألمانية والألبانية.
ورغم أن أغلب كتب غولن تدور حول التصوف في الإسلام ومعنى التدين والتحديات التي تواجه الإسلام اليوم، إلا أن مواقفه تبدو منفصمة ومنفصلة عما يكتبه، ومن مواقفه المستغربة في هذا الشأن، موقفه المعارض لاحتجاجات الجماعات والحركات الإسلامية على حظر الحجاب في الجامعات التركية في ثمانينيات القرن الماضي.. غولن قال يومها: “الحجاب ليس من أصول الإسلام، بل هي قضية فرعية”، وطلب من الطالبات خلع الحجاب لمواصلة دراستهن.
لا تركز “خدمت” كثيرا على القرآن الكريم وعلومه في حلقاتها ودروسها، وينصب تركيزها على الذكر والأدعية المختلفة، وتقتصر على “فكر غولن” وتوصياته وتعاليمه، وعدم تجاوزه إلى غيره، لذلك لم تهتم بفتح دور تحفيظ القرآن أو رعايتها.
يرى غولن أن جماعته “فوق السياسة”، ويرى أن “الإسلام ليس أيديولوجية سياسية أو نظام حكم أو شكلا للدولة”، وفي الوقت ذاته تتحالف “جماعة غولن” مع الأحزاب السياسية، وتتغلغل في مؤسسات الدولة بسرية وهدوء، وفق مبدأ “التقية السياسية” التي تجيز لأعضائها التخلي عن بعض العبادات والشعائر لإخفاء هويتهم، حتى لا يتم استبعادهم من أجهزة الدولة، خصوصا الجيش والشرطة.
وأكد غولن في درس خاص له تم تصويره وتسريبه “شراء ذمم القضاة والمحامين” لتحقيق هذه الأهداف.
لا تصرح “حزمت” بأي هيكل إداري يحكمها، ولا تسمي أي تسلسل هرمي لمسؤوليها، وتقول الحركة إن أساسها هو “الإسلام المتسامح، والإيثار، والتربية، والعمل بجد واجتهاد”، وثمة ميزة رئيسة للحركة، هي التسلسل الهرمي الصارم.
فقد تأسست حركة غولن مثل الهرم: الأئمة يعطون الأوامر لأئمة المستوى الثاني، الذين بدورهم يعطون الأوامر لأئمة المستوى الثالث، ويسير الأمر على هذا النحو وصولا إلى القاعدة الشعبية، وفقا لصحيفة “نيويوك تايمز” الأمريكية.
مفهوم الدين لدى منتسبي الجماعة ملتبس، فهي قد تسمح لأعضائها بتجاوز مفاهيم واضحة في الدين الإسلامي، مقابل الاندماج في المجتمعات الغربية تحديدا.
“الإخوان الجدد”، كما يسمون، موجودون في أكثر من 140 دولة، وتشرح مجلة “سلايت” الأمريكية في نسختها الناطقة بالفرنسية، أن تسمية “الإخوان الجدد” أطلقها السياسي برتراند بادي، وذلك لما لاحظه في الحركة من طابع ديني متجذر في التقاليد التركية الإسلامية الصوفية، مع تمسكها بالانفتاح على العالم، والقيام بالأنشطة المدنية الاجتماعية، وهي التسمية الأنسب لوصف الحركة.
وتشير وسائل إعلام غربية إلى الرابط الأيديولوجي الذي يربط “حركة غولن” واليمين الأمريكي، وهذا ما أكده الأستاذ الجامعي جون فرانسوا بيارت، في كتابه “الإسلام الجمهوري على منصة باريس”، إذ إنه شرح في أحد فصوله العلاقة التي تربط حركة غولن بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه).
استفادت “حركة غولن” من الانقلاب العسكري الذي وقع عام 1980، وبدأت في إنشاء المدارس خارج تركيا، وتكوين وقف الصحفيين والكتاب الأتراك، وتوسعت لتدير أكثر من 1500 مؤسسة بمختلف مراحل التعليم، إضافة إلى 15 جامعة، منتشرة في أكثر من 140 دولة في مختلف أنحاء العالم، وأهم ملامح هذه المؤسسات التعليمية أنها تتفق مع “علمانية” تركيا.
وتمتلك الحركة في قطاع الإعلام، على سبيل المثال، مؤسسات إعلامية عدة منها وكالة “جيهان” للأنباء، ومجموعة “سامانيولو”، التي تضم قنوات تلفزيونية وإذاعات عدة، ولها بث خاص بأمريكا وأوروبا ودول آسيا الوسطى، باللغات التركية والإنجليزية والألمانية والأذرية، كما أنها تمتلك مجموعة “زمان” الإعلامية، التي تصدر جريدتي “زمان” التركية ونسختها الإنجليزية “تودايز زمان”، وتمتلك الحركة “بنك آسياط”، الذي يُعد أكبر بنك إسلامي بتركيا.
بدأت المشاكل بين غولن والدولة التركية في منتصف عام 1999، ليغادر بعدها إلى الولايات المتحدة، واشتد الصراع بعد أزمة “الفيديو” الذي ظهر فيه غولن، وهو يقول إنه سيتحرك ببطء لتغيير النظام التركي من علماني إلى إسلامي، ما أثار غضب الجيش التركي.
وبسبب تصريحات أخرى لغولن حدثت أزمة كبيرة بين تركيا وأوزبكستان استدعت تدخل رئيس الوزراء التركي حينها بولنت أجاويد.
وتراجع كثيرا تأثير هذه الحركة داخل الدولة ووسائل الإعلام وأوساط رجال الأعمال، بعد الحملة الواسعة التي شنتها السلطات التركية ضدها.
وأنهى الخلاف بين أردوغان وغولن تحالفا دام سنوات عدة، وبشكل خاص في انتخابات عام 2002، التي كان الهدف منها تعزيز سيطرة الدولة على مقاليد الحكم في البلاد، وإعادة الجيش إلى الثكنات، والحد من سلطته.
وشكل عام 2012 نقطة فاصلة في العلاقة بين “حزب العدالة والتنمية” الذي كان يتزعمه أردوغان حينها، وبين “جماعة غولن”، ليبدأ بعدها منحنى العلاقة بالهبوط، ويتحول الصديق إلى خصم ثم عدو.
واضطراب علاقة الحليفين القويين، جاء بعد محاولة “جماعة غولن” التأثير في قرارات “حزب العدالة والتنمية” ومواقف حكومته من عدد من القضايا.
وأول مواجهة بين الطرفين كانت في ملف التحقيق مع رئيس الاستخبارات التركية حاقان فيدان، المقرب من أردوغان، بعد توليه منصبه في عام 2010، الذي كانت الحركة تتصور أنه سيعبد لها الطريق للوصول أكثر إلى قلب مؤسسات الدولة، ليحدث العكس تماما.
وكان مدخل الهجوم على حاقان هو اتهامه بالتخابر مع “حزب العمال الكردستاني”، وذلك بعد الكشف عن تسجيلات صوتية لمفاوضات سرِّية في أوسلو مع “حزب العمال” تحت إشرافه، في إطار مسعى الحكومة لحل القضية الكردية.
واستدعى المدعي العام رئيس جهاز الاستخبارات وبعض مساعديه للتحقيق في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الجمهورية التركية، ويرفض فيدان المثول أمام المدعي العام، وتضطر الحكومة التركية لاستصدار قانون يحصن رئيس جهاز الاستخبارات من التحقيق معه، إلا بموافقة خطية من رئيس الوزراء.
ثاني مواجهة بين الطرفين كانت في أحداث “جزي بارك”، فبعد اندلاع احتجاجات ميدان تقسيم في وسط مدينة إسطنبول، وبعد قيام المتظاهرين بغلق أكثر الميادين حيوية، هاجمت وسائل الإعلام التابعة لـ”جماعة غولن” أردوغان شخصيا، ونددت بطريقة تعامل حكومته مع الأحداث.
وفي الفترة ذاتها، انتقد غولن إبقاء أركان الجيش السابق إيلكرباشبوغ، الذي قضت المحكمة بسجنه انفراديا مدى الحياة، بتهمة تزعم شبكة “أرغينيكون السرية”، قائلا: “لو كان الأمر بيدي لأطلقت سراحه”. واتهم بعدها أردوغان بتصفية الحسابات، وبمحاولة “ضرب عصفورين بحجر واحد”.
جاءت بعد ذلك مرحلة الانتخابات الرئاسية، التي نافس فيها إحسان أوغلو المدعوم من حزبي “الشعب الجمهوري” و”الحركة القوميّة” أردوغان، وجرى الحديث عن دعم “جماعة غولن” لإحسان أوغلو.
وبعد فوز أردوغان، قال غولن تعقيبا على نتائج الانتخابات: “إن حزبي الحركة القومية والشعب الجمهوري حاولا كثيرا الإطاحة بأردوغان، لكنهما لم ينجحا في ذلك”.
أما القشة التي قصمت ظهر البعير، فقد كانت قضية معاهد التحضير للامتحانات الجامعية، فقد أعلنت الحكومة نيتها تغيير نظام الامتحانات، وتحويل هذه المعاهد إلى مدارس خاصة ضمن مشروع تطوير النظام التعليمي.
ولأن الحركة تستحوذ على ما يقرب ربع المعاهد، وتستفيد منها ماليا بشكل كبير، فقد شكل الأمر خطا أحمر للجماعة، لترفض القرار، وتدخل في مواجهة مع الحكومة مجددا.
وكان آخر الفصول قبل محاولة الانقلاب الفاشلة حين صنفت الحكومة في أيار/ مايو الماضي “جماعة غولن” منظمة “إرهابية” وتعقب أعضائها.
وبعد محاولة الانقلاب الأخيرة اتهم أردوغان الجماعة بالوقوف وراءها، وبين أن المحاولة الانقلابية نفذتها عناصر محدودة من الجيش، تتبع لـ” الكيان الموازي”، وبتخطيط خارجي لأن غولن “أقل أهمية” من التخطيط لمثل هذا الانقلاب، وفقا لأردوغان.
ولم يتردد أردوغان في الطلب من الإدارة الأمريكية تسليم غولن، وجدد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، طلبه للولايات المتحدة بتسليم غولن، قائلا: “الدولة التي تحمي فتح الله غولن لن تكون دولة صديقة، ولكنها دولة معادية”.
وأثار اتهام أردوغان وحكومته لغولن جملة من التساؤلات القلقة حول طبيعة النسق الديني الحاكم والموجه لفكر وسلوكيات غولن، وحامت تلك التساؤلات حول الانتماء الديني له، فهل الرجل صوفي التوجه؟ وما علاقته بـ”النورسيين”؟ وما هي أسرار سلطة الرجل على أتباعه والتزامهم التام بتوجيهاته؟ وما مدى دقة القول بتغلغل جماعته في مؤسسات الدولة؟
ويفسر إعلاميون أتراك سلطة غولن “الطاغية” على ابتاعه والتزامهم الصارم بتوجيهاته، بأن أتباعه وطلابه يرونه بوصفه “المهدي المخلص”، ولذلك يطيعونه طاعة عمياء، وينفذون أوامره بلا مناقشة ولا مراجعة.
إذا كان غولن قد انخرط في الميادين التعليمية والدعوية والتربوية والاقتصادية، فما الذي ساقه إلى معترك السياسة؟ وكيف تمكنت جماعته من التغلغل في مؤسسات الدولة التركية، لا سيما الأمنية والعسكرية منها؟
وجه غولن منذ ثمانينيات القرن الماضي أتباعه للأخذ بـ”التقية” السياسية، والسرية التامة، وإخفاء أفكارهم وهويتهم الدينية، واستطاعوا التغلغل في مؤسسات الدولة، وتحديدا المخابرات العسكرية، التي يرجع إليها في الحكم على الأشخاص والموافقة على تعيينهم في مؤسسات الدولة المختلفة، وفي مؤسسة القضاء.
ظهر ذلك واضحا بعد عام 2013، الذي رفعت في آخره جملة من قضايا الفساد ضد مسؤولين أتراك، وكانت الحكومة تقبض على بعضهم في اليوم الأول، ثم يتم إطلاق سراحهم في اليوم التالي، لأن كثيرا من القضاة والمدعين العامين من “جماعة غولن” يسيطرون بشكل كبير في الجهاز القضائي.
وهنا يأتي السؤال الأهم: من أين أتى الرجل بهذه الثروات الطائلة؟
يشير بعض المحللين إلى أن غولن يجبر أتباعه ومنذ أربعين سنة، على دفع 10% من رواتبهم للحركة.
والاستثمار بهذه المبالغ بدأ فعلا منذ أربعين عاما: مشاف، مدارس، جامعات وبنوك في تركيا وحول العالم.. لا يمكن ذكر جميع مؤسساته إلا أن بعضها معروف مثل “بنك آسيا” الذي أغلقته السلطات مؤخرا، وجامعة “الفاتح” التي أوقفت عن العمل أيضا.
وفي سياق تفكيك “الكيان الموازي”، أمرت السلطات التركية بعد الانقلاب الفاشل بإغلاق 16 قناة تلفزيونية، و23 محطة إذاعية، و45 صحيفة، و15 مجلة، و29 دار نشر، وثلاث وكالات أنباء، في إطار قانون الطوارئ المقام حاليا في تركيا!
ويقول نائب رئيس الوزراء التركي، نور الدين شانيكلي، إن تسلل العناصر الموالية لغولن في مرافق الدولة، لم تكتشف منه إلا “قمة جبل الجليد”.
وقال شانيكلي أيضا: “هذه المنظمة تسللت منذ 40 عاما في كل زوايا البلاد”.
ويجمع محللون على أن “جماعة غولن” خسرت تأييد غالبية المجتمع المحافظ في تركيا بسبب دعمها للانقلاب العسكري الذي كان سيقود البلاد والمنطقة بأسرها نحو المجهول.
وتنكرت الحركة لحزب “العدالة والتنمية” الذي ازدهرت الحركة في ظله، وباتت الحركة شبه مكشوفة في تركيا وفي العالم، ولم يعد رئيسها الذي تحول إلى شخص علماني أكثر منه رجل دين متصوف قادرا على نفي “تهمة” الوقوف وراء الانقلاب العسكري الفاشل، أو على أقل تقدير لعب دور “البيدق” لصالح قوى أكثر ذكاء وقدرة على التخطيط، وربط خيوط المصالح لإسقاط الرئيس المنتخب من الشعب.
وتبدو عبارة أن “الولايات المتحدة الأمريكية لم تعرف عن المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا” التي يكررها المسؤولون في الإدارة الأمريكية بكثرة هذه الأيام، وكأنها جملة قادمة من كوكب قصي، وذاهبة إلى متلقي لا يحب الدعابة والاستظراف.
وفيما منحت الولايات المتحدة الأمريكية زعيم “الكيان الموازي” الكرت الأخضر “غرين كارد”، فإن الرجل يصطف على الدور في انتظار منحه المواطنة الأمريكية الكاملة.
وغولن الذي يقال إن له علاقات تربطه بالمخابرات الأمريكية، أيده اعتراف مدير الاستخبارات القومية الأمريكية جيمس كلابر، بقوله إن “الجنرالات الذين نتعامل معهم في الجيش التركي إما تم إقصاؤهم أو اعتقالهم”.. كل ذلك وواشنطن ترفض الزج بنفسها في “انقلاب ليلة 15 تموز/ يوليو” الماضي وفقا لاتهامات الحكومة التركية.
وصف الانقلاب بأنه كان مكتمل الأركان، لكنه تحول إلى فشل ذريع ضد الرئيس المنتخب، حين خرج الأتراك إلى الشوارع حماية للديمقراطية وللإنجازات التي تحققت، لكن غولن سيبقى شوكة مزعجة في خاصرة الأتراك، لأن واشنطن والغرب لا يحبون طريقة أردوغان في اللعب معهم.
جيمس جيفري، أبرز الدبلوماسيين الأمريكيين، الذي عمل سفيرا لأمريكا لدى أنقرة، يقول: “أردوغان يتنازع معنا، ويواجهنا ويتحدانا، بل ويصفعنا، ولا يسعى لصداقتنا. في المقابل من هُم أكثر استبدادا منه لا يرون حرجا في إظهار صداقتهم وودهم لنا”.
ويتابع جيفري: “الجميع غاضب من أردوغان، لأنه لا يُحسن التعامل معنا، هناك العديد من الزعماء المستبدين الذين لا يطيقون التعامل معنا، ولكنهم يقولون ما نُحب أنْ نسمعه، ويفعلون ما يدور في أذهانهم. لكن أردوغان يفعل ما يدور في ذهنه، ولا يقول ما نُحب أنْ نسمعه، وهذا ما يجعل الناس غاضبين في واشنطن”.
وهذا يعني أن جزء يسيرا من قمة جبل الجليد ظهرت على السطح، وأن الكثير من أسرار ما جرى في ليلة 15 تموز/ يوليو لم يظهر إلى السطح، وقد لا يظهر أبدا!