الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية.. أي المسارين ستختار إيران؟( تقدير موقف)
يمن مونيتور/ من د. يوسف مرعي
في ال 28 من يونيو الشهر الماضي، أجريت الإنتخابات الرئاسية المبكرة لاختيار رئيس تاسع لإيران ، وهي الإنتخابات الرئاسية الرابعة عشرة خلال 45 عامًا بعد الثورة الإسلامية عام 1979. هذه الإنتخابات المبكرة جاءت بعد وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي في حادث تحطم طائرته يوم 19 مايو/أيارالماضي. ويبلغ عدد الناخبين 61.452.321، و58.640 مركز اقتراع داخل البلاد و344 خارجها، في حوالي 100 دولة. وتم تأمين مراكز الإقتراع من قبل ما يقرب من 800 ألف من قوات الأمن وضباط الشرطة.
وفي الساعة الثانية عشرة من ظهر يوم 29 يونيو، أعلن ممثل لجنة الإنتخابات النتائج النهائية للتصويت. إذ تم الإدلاء بإجمالي 24.535.185 صوتًا في الإنتخابات، وبناءً على ذلك، بلغت نسبة إقبال الناخبين 39.92%، وهي أدنى نسبة مشاركة في تاريخ إيران. وصوت 10,415,991 ناخبًا (42.5%) لمسعود بيزشكيان، و9,473,298 (38.6%) صوتوا لسعيد جليلي، و3,383,340 (13.78%) صوتوا لصالح محمد باقر قاليباف، و206,397 صوتوا لمصطفى بور محمدي (0.84%).كما تم الإدلاء بـ 1,056,159 (4.3%) من الأصوات الباطلة وغير الصالحة. واستمر عمل مراكز الإقتراع من الساعة الثامنة صباحا حتى الساعة الثانية عشر منتصف الليل بهدف إستقطاب أكبر عدد ممكن من الناخبين. في الوقت نفسه، وبحسب قائد قوات إنفاذ القانون الإيرانية، الجنرال أحمد رضا رادان، فقد جرت الانتخابات بهدوء، دون وقوع أي حوادث أمنية.
لكن في الوقت نفسه، هاجم مسلحون مجهولون سيارة تنقل صناديق اقتراع من مركز اقتراع، في مقاطعة سيستان وبلوشستان الجنوبية الشرقية ما أسفر عن مقتل اثنين وإصابة خمسة آخرين من ضباط الشرطة المرافقين. تجدر الإشارة إلى أنه في هذه المحافظة، تندلع بشكل منتظم اشتباكات بين قوات الأمن وجماعة جيش العدل شبه العسكرية، وكذلك تجار المخدرات.
بدوره، قال وزير تكنولوجيا المعلومات الإيراني عيسى زاري بور، إنه في 28 حزيران/يونيو، جرت 20 محاولة هجوم إلكتروني على الهيئات الانتخابية، ما أدى إلى تسع حالات فشل في تشغيل الأنظمة، وتم القضاء عليها، وبحسب لجنة الإنتخابات، لم يتم استخدام آلات التصويت الإلكترونية في الانتخابات الرئاسية في إيران، بل استخدمت بطاقات الاقتراع الورقية فقط، لكن عملية التحقق من هوية الناخب تمت إلكترونيًا، ولم تؤثر هذه الأحداث بأي شكل من الأشكال على مسار ونتائج الإنتخابات.
- تأثير غياب عبداللهيان سياسيا على الحوثيين
- الحوثيون مركز إقليمي جديد لتصدير الثورة الإيرانية… صنعاء بدلاً من طهران وبيروت!
وبإلقاء نظرة سريعة عن هذه النتائج والمعلومات يمكننا الخروج بخلاصات عن المسارات المحتملة للسياسة الخارجية الإيرانية في المنطقة على ضوء التصعيد في المنطقة فضلاً عن المشاكل الداخلية التي ستواجه كلا المرشحين.
أولاً:- أظهرت نتائج التصويت في 28 يونيو/حزيران أن أياً من المرشحين لم يحصل على نسبة 50% + 1 صوت، وبالتالي، ووفقاً للقوانين الإيرانية، ستجرى جولة ثانية من التصويت، يوم الجمعة 5 يوليو/تموز. في هذا اليوم سيتنافس أثنان من الفائزين في الجولة الأولى – مسعود بيزشكيان وسعيد جليلي. لديهم أسبوع واحد للقيام بحملات إنتخابية، والمناظرات التلفزيونية قبل يوم الانتخابات. الجدير بالذكر أن إيران لم تشهد سوى جولة ثانية من الإنتخابات الرئاسية في تاريخها: في عام 2005، عندما هزم المتشدد محمود أحمدي نجاد الرئيس السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني.
وعليه يمكننا أن نقول بناءً على نتائج الجولة الأولى؟
أولاً، أظهر الإيرانيون في هذه الإنتخابات أدنى نسبة مشاركة في تأريخ إيران بأكمله أي أقل من الإنتخابات الرئاسية الأخيرة في يونيو 2021، إذ بلغت نسبة المشاركة حوالي 49%.
بعد هذه النسب والوضع الإنتخابي في إيران، نشط الإيرانيون على شبكات التواصل الإجتماعي على نحو واسع في مشاركة مقطع فيديو لخطبة المرشد الأعلى آية الله خامنئي في عام 2001، عندما سخر من الدول الغربية آنذاك بسبب انخفاض نسبة المشاركة في انتخاباتها. ومما قال: في خطبته “إن نسبة المشاركة التي بلغت 40% تعتبر وصمة عار، وأشار إلى أن مواطني هذه الدول، بما فيها الولايات المتحدة، لا يثقون أو لديهم أمل في أنظمتهم السياسية”. في رسالة واضحة أن السلطات فشلت في جذب الغالبية العظمى من الإيرانيين اللإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى.
هذا العزوف عن المشاركة يعود لعدة أسباب ، ولكن السبب الرئيسي يتلخص في أن الإيرانيين أصيبوا بخيبة أمل إزاء قدرة المؤسسات القائمة (بغض النظر عمن يمثلهم – اصلاحيين أومحافظين ) على حل مشاكلهم الأساسية. المتمثلة بمستوى المعيشة، وبمعنى أوسع الإقتصاد والسياسة الاجتماعية. ثانياً، ينقسم المجتمع الإيراني إلى طبقات سياسية متعارضة تماماً، ويتجلى ذلك من خلال حقيقة أن ممثلي قطبي المفهومين الأيديولوجيين (الإصلاحيين والمحافظين) هم الذين يدعمهم الناخبون.
ماذا ينتظر إيران في الخامس من يوليو؟
بعد أن حل المرشح المحافظ رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف في المرتبة الثالثة من حيث عدد الأصوات في الدوره الأولى، وخسر الانتخابات، دعا قاليباف أنصاره للتصويت لصالح المرشح المحافظ سعيد جليلي. بينما مصطفى بور محمدي، الذي لم يحصل أيضًا على عدد كافٍ من الأصوات، دعا الناس بشكل محايد فقط إلى الى المشاركة في عملية التصويت في 5 يوليو/تموز. علي رضا زاكاني وأمير حسين غازي زاده هاشمي، اللذين تركا السباق الرئاسي حتى قبل الإنتخابات، أعطيا تفضيلهما للمحافظين، أو كما يطلق عليهم في إيران، الأصوليون. ما يعني أن هناك جبهة موحدة من المحافظين ستعارض بيزشكيان الإصلاحي. وإذا ماتناولنا هذه المسألة من وجهة نظر الحساب البسيطة، فإن الأصوات التي تم الإدلاء بها لقاليباف او تلك التي صوتت لبور محمدي، ستعطي أفضلية واضحة على أصوات بيزشكيان، لكن الأمر ليس بهذه البساطة. فنتائج الجولة الثانية من الإنتخابات لن تكون نتيجة إضافات حسابية بسيطة، بل بطبيعة الحال نتاج الرياضيات السياسية العليا.وغالباً مايعتمد هذا العامل بشكل كامل على الوضع العام في إيران وقدرة الأحزاب المعارضة في الانتخابات على إيجاد وضمان وحدة مؤيديها.
في الخامس من يوليو/تموز، ستكون هناك مبارزة ليس فقط بين اثنين من السياسيين، لدى كل واحد منهما برنامج عمله الخاص (لم يقدم المرشحون مثل هذه البرامج على الإطلاق خلال الحملة الانتخابية)، ولكن بين ممثلي، كما ذكرنا أعلاه، مفهومان أيديولوجيان قطبيان. وسيكون لزاماً على الناخبين الإيرانيين أن يحددوا أياً من المفاهيم المقترحة ـ الأصولية أو الإصلاحية ـ ينبغي للرئيس الجديد أن يقترحها على المرشد الأعلى كأساس لأنشطته كرئيس للبلاد.كما أنه من الواضح أن الرئيس الذي سينتخب غير قادر على قلب المسار الإستراتيجي 180 درجة، لكنه قادر على إعطاء هذا المسار ظلاً أو آخر، وهو ما يمكن أن يؤثر بلا شك على السياسات الخارجية والداخلية لإيران. ففي النظام السياسي الإيراني، الرئيس هو الشخص الرسمي الثاني في البلاد بعد الزعيم الروحي، ويوجه السلطة التنفيذية “في كافة المجالات باستثناء تلك التي تقع تحت السيطرة المباشرة للقائد”
وهناك أمثلة على ذلك في تأريخ إيران: علي أكبر هاشمي رفسنجاني (1989 – 1997)، محمد خاتمي (1997 – 2005)، حسن روحاني (2013 – 2021). هؤلاء الرؤساء الإصلاحيون، هم من قام بتقييم الوضع الذي وجدت إيران نفسها فيه بشكل واقعي، واتبعوا سياسات انحرفت في بعض الأحيان عن المسلمات الأيديولوجية للنظام، لكنها في مجملها ساهمت بشكل موضوعي في تعزيزها.
فهل سيوافق المرشد الأعلى آية الله خامنئي اليوم على إمكانية وصول إصلاحي إلى السلطة الرئاسية؟ هذا هو السؤال. وبطبيعة الحال، يتمتع المرشد وفريقه بموارد إدارية قوية تمكنه من التأثير على مسار التصويت ونتائجه لكن، يعلم الجميع، وفي سياق الحملة الانتخابية الحالية، تناولت وسائل الإعلام الإيرانية المختلفة كيف أن محمود أحمدي نجاد حقق النصر في الانتخابات الرئاسية لعام 2009 بمساعدة هذه الموارد الإدارية، وكيف شكك غالبية الشعب الإيراني في إنتصاره، لتنشأ بعد ذلك مشاعر احتجاجية عارمة، مما أدى إلى تشكيل مايطلق عليه ب”الحركة الخضراء” الشعبية التي اجتاحت البلاد بأكملها ووجهت ضربة قوية لصورة السلطات. ولذلك، فمن المشكوك فيه أنه في الوقت الحاضر، الذي يتميز بوضع اجتماعي وسياسي واقتصادي أكثر تعقيدًا في إيران مما كان عليه في عام 2009، أن يقرر النظام إستخدام نفس الموارد الإدارية بشكل صريح.
ولكن لا أحد يشك في أن نتائج الجولة الثانية تعتمد في المقام الأول على إرادة الناخبين، الذين يريدون بطبيعة الحال أن يروا بلادهم مزدهرة.
ولإن لإيران مشاكلها الكثيرة، فإن من سيصبح الرئيس التاسع للجمهورية الإسلامية سيواجه تحديات كبيرة منذ اليوم الأول. ويشكل السخط الاجتماعي، الذي أجج الاحتجاجات المتكررة، وحالة الأزمة الاقتصادية، وتراجع مستويات معيشة السكان، المشاكل الداخلية الرئيسية. كما إن الحرب في الشرق الأوسط، وعلاقات إيران المتوترة مع إسرائيل والولايات المتحدة، فضلاً عن شبكات وكلائها في الإقليم تأتي على رأس أجندة السياسة الخارجية، وكل هذه القضايا مرتبطة بدرجة أو بأخرى بحل المشكلة النووية الإيرانية.
أي من الرئيسين قادر على حل هذه المشاكل؟
سعيد جليلي البالغ من العمر (58 عامًا) سياسي إيراني متشدد جدًا ومقرب من المرشد الأعلى خامنئي وتلميذ ابنه مجتبى، وكان يتمتع بنفوذ كبير في إدارة رئيسي، يعمل حاليا عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام السياسي. ومؤيد للمرشد الأعلى وآرائه، ويدعم بشكل كامل السياسات التي اتبعها الراحل إبراهيم رئيسي، ويدافع جليلي عن الأعراف الدينية والسياسية المحافظة، بما في ذلك الحجاب الإلزامي، والرقابة الصارمة على الصحافة والإنترنت.
وفي السياسة الخارجية يدعو إلى استمرار نهج المواجهة مع الغرب وضد أي حوار معه، وباعتباره مفاوضاً سابقاً في البرنامج النووي الإيراني، فإن جليلي يدرك جيداً الوضع في هذا المجال. كما أنه في الوقت نفسه ضد استئناف الإتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني (JCPOA) مع الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية، ويؤيد تخصيب إيران لليورانيوم إلى درجة صنع الأسلحة بنسبة 90٪.وذكر أنه سيستخدم الإمكانات الاقتصادية الموجودة لجعل العدو يندم على فرض العقوبات على بلاده.
جليلي معروف أيضا بآرائه القومية وإيمانه العميق بالتفوق الأخلاقي والعسكري الإستراتيجي لإيران ونجاحها في الحرب ضد العدوان الأمريكي الإسرائيلي، ويشير سجله إلى أنه كرئيس سيواصل التأكيد على المقاومة وتقديم الحد الأدنى من التنازلات، مما يلقي بظلال من الشك على أي تحرك محتمل نحو تسوية دبلوماسية مع الغرب. وبالنسبة لعلاقة إيران مع روسيا، فإن جليلي يلتزم هنا بخط براغماتي بحت، وبرأيه،فإنه يجب على طهران الإستفادة من الوضع الصعب لروسيا الاتحادية وما حولها ، والحصول على أكبر الفوائد الاقتصادية والسياسية. ولذلك، يمكن القول أن الرئيس جليلي سيواصل سياسات إبراهيم رئيسي، ولكن بطريقة أكثرراديكالية. وهنا يطرح تسآؤل عن شكل مستقبل المنطقة في ظل بقاء حكومة نتينياهو المتطرفة في إسرائيل وصعود رئيس إيراني أكثر تشددا من رئيسي، أم أن الأمور ستذهب في إسرائيل بفعل نتائج الحرب في غزة وفشل إسرائيل الإستراتيجي في تحقيق أهداف حربها المعلنة على حماس ،إلى تغيير حكومة نتنياهو عبر الشارع وصعود المعارضة الإسرائيلية التي يبدو أنها ستحاول اتباع سياسة حذرة تجاه إيران واتباع مسار عقلاني إلى حد ما، فهل سيقابل هذا السيناريو المحتمل جداً في إسرائيل، صعود رئيس إصلاحي ليبرالي في إيران؟!!
مسعود بيزشكيان (69 عاما)، من مواليد محافظة أذربيجان الغربية، جراح قلب، وشغل منصب وزير الصحة في حكومة الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، بيزشكيان هو سياسي إصلاحي، أو كما يطلق على نفسه “مصلح ” طوال حياته السياسية، دعا بيزشكيان باستمرار إلى الوحدة بين المجموعات السياسية المختلفة، ويرى أن “قوة إيران تكمن في وحدتها” وأهمية “القبول بوجود اختلافات في وجهات النظر والأذواق” من أجل تحقيق أهداف وسياسات النظام والقيادة، مثل الريادة والتقدم في العلوم والتنمية الإقليمية. وكان صريحًا في انتقاد استخدام الحكومة للحجاب، ومما قال: بعد مقتل الناشطة مهسا أميني عام 2022 “نريد لأطفالنا أن يكونوا متواضعين، لكن إذا كان سلوكنا سيجعلهم يكرهون ديننا، فيجب علينا على الأقل أن نمتنع عن الإستمرار في هذا النهج”، ويدفع بيزشكيان من أجل تخفيف القيود الإجتماعية، بما في ذلك اتخاذ موقف أكثر تساهلاً تجاه الحجاب الإلزامي للنساء.
وانتقد مرات عدة أعضاء البرلمان لترديدهم شعارات مثل “الموت لهذا البلد أو ذاك”، معتبراً “أن إيران بحاجة إلى التسامح مع الآخرين والعمل والتعاون مع العالم أجمع”، وكان أيضًا من مؤيدي خطة العمل الشاملة المشتركة – الاتفاق النووي مع إيران.
وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية، يقول : إن “الإستدارة نحو الشرق” والاعتماد على الصين وروسيا كان خطأ. ويصر على أن السياسة الخارجية الإيرانية يجب أن تكون متعددة الإتجاهات، وأنه يجب رفع العقوبات، ويعرب عن ثقته في أن مصير إيران واقتصادها، والمستقبل الإيراني بشكل عام، مرتبط بخروج إيران من حالة العزلة، وإقامة علاقات مع الغرب، و تقليل المواجهة مع الولايات المتحدة،ويدعو إلى استئناف الإتفاق النووي، الأمر الذي سيؤدي إلى تخفيف أو حتى رفع العقوبات المفروضة على إيران، ويقول : مسؤولو الإصلاح إن السيد بيزشكيان كرئيس يمكنه اتباع سياسات اقتصادية أفضل، والحد من شرطة الأخلاق، وتخفيف الرقابة والبدء في تطبيع علاقات إيران مع الغرب.
لكن مع ذلك فالإصلاحيون الأكثر راديكالية ينتقدون بيزشكيان لعدم تأكيده على القيم الديمقراطية، بدلاً من التعبير عن الطاعة الكاملة للمرشد الأعلى في كل منعطف. في الواقع، وعلى الرغم من أن السيد بيزشكيان أدان إدارة رئيسي باعتبارها غير قادرة على حل مشاكل إيران، إلا أنه لم يتجاوز الحدود من خلال انتقاد المرشد الأعلى خامنئي علنًا.
كما أنه دافع عن المبادئ الأساسية للنظام والمتمثلة في أن الولايات المتحدة هي السبب الرئيسي للتوتر في المنطقة، ورحب بالتعاون مع روسيا حيث يخضع كلا البلدين للعقوبات،ما يعني بعبارة أخرى، أن السيد بيزشكيان سياسي إصلاحي نظامي.
لذلك، قبل أيام قليلة من الجولة الثانية من انتخابات الجولة الثانية، من الصعب أن نقول ما ستكون عليه النتيجة. فالتنافس سيكون قوي للغاية ويتسم بالعداء في كثير من النواحي (وإن كان ذلك فقط في إطار القوانين الإيرانية). فإذا كانت الصورة واضحة بشكل عام في المعسكر الأصولي المحافظ: أنصار جميع المرشحين الأصوليين على استعداد للتصويت لصالح جليلي، فإن الوضع سيكون أكثر تعقيدًا بين أنصار الإصلاحيين.
من نواحٍ عديدة، ستعتمد نتيجة التصويت على قدرة الإصلاحيين على التوحد وجذب إما أولئك الذين أفسدوا أوراق الاقتراع عمداً (وهناك أكثر من مليون شخص)،الى صناديق الإقتراع، أو أولئك الذين لم يشاركوا في الإنتخابات . وهناك الإصلاحيون الراديكاليون الذين يعارضون المشاركة في الفعاليات التي تنظمها السلطات، والذين لا يتفقون مع السياسات الحالية للسلطات ويرفضون الولاء لها والثقة بها ودعمها في التصويت.
فعلى النقيض من الإنتخابات الثلاثة الأخيرة للبرلمان والانتخابات الرئاسية (2020 – 2024)، يقوم الإصلاحيون والوسطيون العمليون بدعم مرشحهم الإصلاحي، ومن بين الذين دعموا السيد بيزشكيان الجبهة الإصلاحية التي تضم أكثر من 30 فصيلاً؛ والرئيسان السابقان محمد خاتمي وحسن روحاني؛ وكبار أعضاء إدارة روحاني، مثل وزير الخارجية محمد جواد ظريف، والعديد من كبار السياسيين والشخصيات الثقافية والرياضية. ومن المحتمل جدًا أن ينضم إليهم الشباب، كما يطلق عليهم في إيران، بالجيل Z الذين شكلوا قوام الإحتجات في إيران أواخر عام 2022 بعد مقتل الناشطة مهسا أميني ويشكل هذا الجيل قرابة 60%من سكان إيران وهم الشباب الذين تقل أعمارهم عن الثلاثين . في الختام سواء كانوا قادرين على حشد جماهير مؤيديهم السياسيين أم لا – فإن نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية لعام 2024 ستعتمد على هذا.