الموقف الروسي.. “انقلاب” على الحكومة اليمنية أم “ابتزاز” للسعودية
حضرت روسيا إلى جانب إيران في الحفل الذي أقامه الحوثيون لتدوير “سلطة الأمر الواقع” في صنعاء، وعادة ما تؤكد روسيا أنها تقف مع الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وبعيداً عن الموقف الإيراني المُعلن فالسؤال المطروح.. فهل تقوم روسيا بتغيير موقفها في اليمن؟ وما هي الدوافع وراء ذلك؟.
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص
حضرت روسيا إلى جانب إيران في الحفل الذي أقامه الحوثيون لتدوير “سلطة الأمر الواقع” في صنعاء، وعادة ما تؤكد روسيا أنها تقف مع الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وبعيداً عن الموقف الإيراني المُعلن فالسؤال المطروح.. فهل تقوم روسيا بتغيير موقفها في اليمن؟ وما هي الدوافع وراء ذلك؟.
وصف القائم بأعمال السفارة الروسية بصنعاء اوليغ دريموف قرار تشكيل المجلس السياسي الأعلى في اليمن، من قبل جماعة الحوثي وصالح لإدارة شؤون الدولة بالخطوة الصائبة.
وقال خلال حضوره مراسيم تدوير السلطة بين قياديين في جماعة الحوثي: “بشكل عام، هذه الخطوة في الاتجاه الصحيح، حيث هناك مشاركة جماهيرية أوسع من خلال أكبر الأحزاب في هذه السلطة الواقعية” وفقا لما نشرته قناة اليمن اليوم التابعة للرئيس السابق علي عبدالله صالح.
في نفس اليوم الاثنين، وقبل ظهور تصريح دريموف، قال السفير الروسي في اليمن فلاديمير ديدوشكين، المتواجد في موسكو لوكالة “تاس”، إن قضية خطيرة معقدة تتشكل حول الأزمة اليمنية بعد تصعيد الوضع الأمني هناك، داعيا إلى حل النزاع من خلال المفاوضات فقط.
ولم يوضح السفير ما هيّة التعقيد حول القضية. مضيفاً أن معارك تجري الآن حتى في أراضي السعودية.
وأعرب السفير الروسي عن قلقه بهذا الشأن، مؤكدا أن موسكو تدعو إلى الامتناع عن القيام بخطوات أحادية الجانب تقوض العملية السياسية. دون أن يشير إن كانت تلك الخطوة التي يعنيها بخطوة “الحوثيين”.
يأتي ذلك فيما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الغرب يركز على الأزمة الإنسانية في سوريا، إلا أنه يتجاهل الوضع الإنساني المتدهور في اليمن، والذي يمكن وصفه بالكارثة الإنسانية.
مقايضة مع سوريا
تناقض الموقف الروسي تجاه اليمن نهاية شهر يوليو/ تموز الماضي فقد أوقف المندوب الروسي بياناً كان من المقرر أن يصدره مجلس الأمن لمطالبة الحوثيين وحزب الرئيس السابق بالاستجابة لمقترح الأمم المتحدة للسلام، والذي ينص على انسحابهم من المدن وتسليم السلاح في غضون 45 يوماً، ومن ثم الحديث عن المسارات السياسية.
في ذلك الوقت كانت العلاقات بين دول الخليج وروسيا سيئة مع التقدم الذي يجري في سوريا لصالح المعارضة، الذي تتشارك مع طهران وميليشيات حزب الله دعم نظام بشار الأسد الذي قتل قرابة نصف مليون من مواطنيه إلى جانب مليون ونصف المليون جريح بالإضافة إلى 7 ملايين مشرد ولاجئ.
عقب نهاية جلسة مجلس الأمن الدولي ودون أن يجزم بذلك، رجح مندوب السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبدالله المعلمي أن يكون التعنت الروسي في عرقلة إدانة مجلس الأمن للحوثيين وصالح ناجما عن رغبتها في مقايضة موقفها تجاه اليمن بما تواجهه من صعوبات في الملفين السوري والأوكراني.
تجاره الموقف الروسي
قبل أيام من الموقف الروسي في صنعاء ذكرت صحف أوكرانية أن المهندسين العسكريين حققوا تقدما كبيرا في تطوير نظام غروم، الصاروخي الباليستي التكتيكي الجديد، حيث يقوم بتمويل السلاح مشتر أجنبي غامض. لكن خبراء عسكريون روس قالوا إن هذا المشتري الغامض هو المملكة العربية السعودية والإمارات، وهو مالم تؤكده إحدى الدولتين.
وفيما يراه المحلل السياسي الأردني ياسر الزعاترة ابتزاز روسي بعد الانتصارات في معارك حلب، يرى المحلل السياسي اليمني عبدالله دوبلة: “يمكن القول إنه القول للحكومة الشرعية إنه قضاياك العالقة مع الحوثثين بالتفاوض والتفاوض فقط، فالشرعية وكما عبر القائم بأعمال السفير يجب أن لا تكون معيقا أمام التوصل لاتفاق سياسي وانهاء الحرب فذلك هو الأهم، فالحرب لا يمكن ان تستمر للأبد بحسب هذا التوصيف”.
وأضاف دوبله: “وعموما فإن الموقف الروسي الجديد على أهميته وعلى قوة ضغطه على الشرعية والتحالف، هو لا يعني بحال من الأحوال الاعتراف بمجلس السياسي للحوثيين الأخير أو حتى التلويح بذلك، وأقصى ما يمكن أن تبرر به حضور القائم بأعمال سفارتها حفل الصماد ما قاله هو بنفسه هو أمله في أن يسهم ذلك في التوصل للتوافق اليمني الشامل”.
وتابع: “فليس من السهل لا لروسيا ولا لغيرها تجاوز القرار ٢٢١٦، ونزع الشرعية من هادي ومنحها للحوثيين، القول انهم سلطة أمر واقع هو ضغط لاشراكهم في سلطة توافقية بناء على هذا الحجم، وليس تلويحا بالاعتراف بهم كسلطة شرعية بديلة عن شرعية هادي”.
وأكد أن “اليمن ليس مجالا حيويا للروس ليتدخلوا كما فعلوا في سوريا، وضغطهم هنا هو لمقايضة المملكة هناك، أو للحصول على مصالح أخرى كصفقات السلاح”.
الزعاترة يلتقي مع دوبلة في ذلك: ” بوتين سبق الموقف الراهن بتأييد المجلس السياسي الجديد في اليمن بتعطيل قرار أممي، لا حاجة للتحليل، هو ابتزاز، ورد على ما يجري في حلب”، واصفا بوتين بالتاجر.
وتابع المحلل السياسي قائلا: “الثابت الأول عند بوتين في المنطقة هو الأمن الصهيوني، وبعد ذلك الدور والحضور، حقيقة لن يعترف بها أدعياء الممانعة”.
وأضاف الزعاترة “حدثان يعكسان موقف العالم من مساعي أمتنا للتحرر، انقلاب السيسي الذي حظي بتأييد كل كبار العالم، وثورة سوريا التي تواطأ كل الكبار ضدها أيضا”.
ويتواجد في موسكو وفد للحوثيين منذ 10 أيام ويعقد لقاءات مع مسؤولين روس بشكل متواصل وسبق لهذا الوفد أن تواجد في إيران والعراق ولبنان.
وفي خضم 17 شهر الحرب، اتجه عدد كبير من الدول الأجنبية إلى إغلاق سفاراتها في اليمن، إلا أن السفارة الروسية ظلت صامدة هناك، تستضيف لقاءات بين السفير الروسي وكل من علي عبدالله صالح والحوثيين.
وفي أعقاب الإعلان عن تشكيل التحالف العربي وشن أولى غاراته في اليمن في مارس الماضي، انتقدت روسيا الحملة السعودية لإبعاد الحوثيين المدعومين من الموقف اليمني، مطالبة بوقف فوري لإطلاق النار، كما أشار المتحدث باسم وزير الخارجية الروسي إلى أن عمليات التحالف تمثل «تهديدا خطيرا على الأمن القومي».
وعلى الرغم من دعم روسيا الواضح للحوثيين وصالح، إلا أنها لم تفصح يوما عن هذا الدعم، أو حتى الانتقاد للحكومة الشرعية، في الوقت الذي يرى فيه مراقبون أنها التزمت الحياد لعدم تورطها في عمليات عسكرية أخرى في منطقة الشرق الأوسط، بعد تورطها في سوريا.