أضاحي العيد.. مواشٍ معلقة بين أمل الباعة وآلام المواطنين! (تقرير خاص)
يمن مونيتور/ إفتخار عبده
مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، يسعى الكثير من تجار الماشية إلى جلبها والاتجار بها؛ فهذا هو موسمهم في البحث عن مصدر للدخل، في الوقت الذي يُخْرِج فيه المزارعون ما لديهم من ماشية تكون مناسبة للأضحية معتقدين أن البيع في هذا الموسم سيجلب لهم المال الكثير.
أيام قليلة تفصلنا عن يوم العيد وهذا ما كان يفترض فيه الإقبال الكبير على أسواق بيع الماشية من أجل بيعها أو شرائها- كما كان في السابق-؛ لكن الواقع المعيشي المرير الذي يعاني منه اليمنيون هو من جعلهم يعزفون عن شراء أضاحي العيد.
وتشهد أسواق الماشية اليوم ندرة محزنة في إقبال المشترين ونشاط حركة البيع، فلم يعد في جيوب المواطنين ما يكفي لشراء أضحية صغيرة، ولم يعد في جيوبهم ما يغطي تكاليف العيد، في الوقت الذي لا يجد فيه التجارُ رأسَ المال الذي يجعلهم قادرين على مواصلة التجارة.
استياء كبير من قبل تجار الماشية، الذين لا يحصلون من وراء تجارتهم بهذا المجال على ما يستحق أن يتعبوا من أجله، في الوقت الذي تفاجأ فيه المزارعون أن تعبهم بتربية الماشية وانتظار هذا الموسم لبيعها كان خطأ كبيرًا أفقدهم الكثير من التعب والمال، ومواطنون يشكون من عدم قدرتهم على شراء الأضاحي.
وفي الأيام الأخيرة انهار سعر الريال اليمني إلى أدنى مستوى له منذ تشكيل المجلس الرئاسي؛ إذ تجاوز الدولار الواحد حاجز الـ1800ريال، الأمر الذي زاد من ضيق العيش على المواطنين.
وهذا العام منع الحوثيون تجار الماشية من إدخالها إلى مدينة تعز من المناطق الريفية الواقعة تحت سيطرتهم، ما جعل أسواق المدينة تعاني من شحة في الماشية؛ الأمر الذي زاد من ارتفاع أسعارها أكثر داخل المدينة المحاصرة.
سلطان الحبشي” (45 عامًا- تاجر في بيع الماشية بالتحرير الأسفل بمدينة تعز) يقول لـ” يمن مونيتور” كلما مضى عام يأتي آخر أشد مرارة من سابقه، لكن هذا العام جاؤ بما لم نكن نتوقعه من الغلاء المعيشي، فلم نكن نتوقع أن يصل الغلاء إلى هذا الحد الذي نحن فيه”.
يضيف سلطان بحسرة” لم تعد التجارة مربحة لنا كما كانت في السابق فقد كان سعر الأضحية الواحدة لا يتجاوز (30 ألف ريال) وكان الإقبال علينا من قبل المواطنين بشكل كبير ناهيك عن أن وصول الأضاحي إلى سوق المدينة كان سهلًا للغاية)”.
غلاء وحصار
وأردف ” هذا العام الأسعار ارتفعت بالشكل الذي يخيفنا نحن الباعة قبل المشترين، إضافة إلى ذلك أن الحوثيين منعوا إدخال المواشي إلى مدينة تعز من الأرياف التي تقع تحت سيطرتهم والتي كانت ترفد المدينة بالكثير من الماشية فيقل سعرها ولو قليلًا”.
وتابع الحبشي ساردًا معاناته في جلب الماشية إلى المدينة” حاليًا أصبحنا نجلب المواشي من المناطق الريفية المحرره فقط، كالضباب والتربة والبيرين والشروع وغيرها، ونظرًا لقلتها لدى مربيها في المناطق الريفية تسبب بارتفاع أسعارها علينا وعلى المواطن المقبل على شرائها؛ الأمر الذي جعل المواطن يعزف عن شرائها لارتفاع أسعارها بالشكل الذي لا يتناسب إطلاقًا مع حالته المادية”.
وأشار إلى أن” تكلفة نقل الماشية من الأرياف إلى مدينة تعز تقتصر ما بين (3-5 ألف ريال) على الرأس الواحد، بينما المواشي الخارجية تقتصر تكلفة نقلها من المخاء إلى المدينة ما بين( 7-10 ألف ريال) للرأس الواحد، ونحن نضيف هذه المبالغ على أسعار المواشي ونبحث في الوقت ذاته على فارق في السعر يناسبنا ولو قليلًا”.
وأوضح الحبشي خلال حديثه لـ” يمن مونيتور “أنه” في السابق كان سعر الأضحية (الجدي أو الخروف) الكبير لا يتجاوز (40 ألف ريال) بينما هذا العام أصبح سعر (الجدي) الصغير في السوق لايقل عن( 170 ألف ريال)، وسعر (الجدي) الكبير يتراوح مابين( 250 ألف ريال) إلى (300 ألف ريال ) ناهيك عن أسعار الأضحية الخارجية والتي لا يقل سعر الصغير منها عن( 200 ألف ريال) والمتوسط( 250 ألف ريال ) وأما الكبير فسعره يتراوح مابين (300 ألف ) إلى (320 ألف ريال) ونسبة الإقبال عليه ضعيفة جدًا”.
مرت سنوات والكثير من اليمنيين يعجزون عن شراء الأضحية لأسرهم فيبقول بحسرة كبيرة بين ألم عجزهم عن تلبية احتياجات أسرهم وعجزهم عن تطبيق سنة الله في ذبح الأضحية.
بهذا الشأن يقول المواطن عارف الصبري يبلغ من العمر ( 46 عامًا )” ارتفع سعر الأضاحي هذا العام عن العام الماضي بشكل كبير، هذا ما سمعته من الناس وأما أنا فقد مضت عليَّ ثمان سنوات من العيد الأخير الذي اشتريت فيه أضحية عيد لأسرتي”.
وأضاف الصبري لـ” يمن مونيتور” لم نستطع توفير ملابس العيد للأطفال ولسنا قادرين على توفير القوت الضروري لأسرنا والغلاء كل يوم يرتفع أكثر حتى أصبحنا غير قادرين على تأمين الحياة، ناهيك عن الأضحية التي أصبح سعرها مخيفًا لنا عند سماعنا به”.
وأردف” في السنوات الماضية كنا نحصل في يوم العيد وثالث العيد على كيلو من اللحم من فاعلي الخير، لكن هذا العام يبدو أنه لن نلقى شيئًا من اللحم مع هذا الغلاء الفاحش فقد تقلصت كل المساعدات الإنسانية التي كنا نحصل عليها ولذا نحن متوقعون أن يكون عيدنا هذا العام خاليًا من أكل اللحوم”.
وتابع” كل ما نرجوه هو أن يعفو عنا الله؛ لأننا لم نستطع أداء هذه الشعيرة الدينية، لم نقدر حتى على شراء أضحية صغير ولا توجد فرص أعمال حتى نعمل وندخر القليل من المال طوال العام من أجل هذه المناسبة الدينية”.
وواصل” نسأل من الله السلامة وإلا فالأسعار كل يوم تزيد في ارتفاعها حتى وصل بنا الحال إلى أننا نكره الخروج للأسواق ونكره سماع الأخبار التي لا تأتينا بشيء مفيد ومفرح على الأقل بهذه المناسبة فقط”.
الوضع المعيشي قبل الحرب ليس كما بعدها
بدوره يقول” زكريا المنصوب” ( ناشط اجتماعي)” الوضع المعيشي قبل الحرب ليس كما بعدها، لقد تغيرت الأمور كثيرًا، فالريال تدهور والشعب منهار يتخبط بين انقسام العملة وغلاء في المعيشة وانقطاع المرتبات وقطع الطرقات وعدم توفر فرص العمل وغيرها من الأعباء التى لا يتحمل ثقلها ومرارتها سوى المواطن المغلوب على أمره”.
وأضاف المنصوب لـ” يمن مونيتور ” في اليمن لم يعرف المواطن الرفاهية والنعيم سواءً في السابق أو في الوقت الحالي، في مناسبة العيد أو غيرها؛ غير أن الأوضاع اليوم تزداد سوءًا ولم يعُد للأعياد والمناسبات الدينية رونقها وجمالها الذي كان موجودًا في السابق”.
وأردف” لقد كانت الأعياد سابقا فيها من السعَة والسعادة ما يجعل المواطن يعيش في فرحة كبيرة، يكسو أولاده ويشتري ما يحتاجه مطبخ بيته ويشتري الأضحية المناسبة التي يكفي لحمها لعشر أيام على الأقل ويعيش الحياة كما ينبغي”.
وتابع” اليوم المواطن اليمني يعيش أيامه على البركة، بالكاد يجد صرفته اليومية والكثير منهم لا يجدون ذلك؛ ولهذا فالمواطن اليمني اليوم لا يعرف شيئًا اسمه الادخار أو التأمين حتى يقدر على شراء أضحية العيد التي أصبح سعرها مخيفًا له”.
وأشار المنصوب إلى أن” معظم أبناء الشعب اليمني يعيشون الحياة على مبدأ ” يومك عيدك” فإذا ما سمعوا باقتراب عيد الأضحى على وجه الخصوص تَسْوَدُ حياتهم ويصبح الوضع أشد مرارة؛ لأنهم لا يستطيعون أن يوفروا لأبنائهم لا كسوة العيد ولا أضحيته”.
وواصل” الكثير من اليمنيين اليوم ممن لا يمتلك قيمة الأضحية التى ربما أن أسرته لم تأكل اللحم طوال السنة وهي في انتظار هذه المناسبة لتأكله إذا سمحت الظروف بذلك”.
واختتم”. اليوم المواطن اليمني يعاني كل الويلات فلم يعد قادرا على التحمل أكثر من هذا؛ بل الأمر من ذلك هو استمرار التدهور الاقتصادي والمعيشي الذي يذهب ضحيته المواطن وحده”.