الأخبار الرئيسيةتقارير

اعترافات واتهامات شبكة التجسس الأمريكية التي أعلنها الحوثيون.. ما لم يتمكن المتهمون من قوله؟

يمن مونيتور/ وحدة التحليلات/ خاص:

أعلنت جماعة الحوثي أنها ألقت القبض على “شبكة تجسس أمريكية إسرائيلية”، وذلك بعد أيام قليلة من اعتقال عشرات الموظفين التابعين للأمم المتحدة والسفارة الأمريكية، لكن قراءة تفاصيل الاتهامات والاعترافات التي وزعها الحوثيون وبثت في وسائل إعلام الجماعة “مسرحية هزلية”!

وقال عبد الحكيم الخيواني رئيس جهاز المخابرات التابع للجماعة في بيان طويل إن “الشبكة” تضم موظفين سابقين في السفارة الأمريكية باليمن.

وقال الحوثيون إن شبكة التجسس تمكنت لعقود من الزمن من التأثير على صانعي القرار، وزرعت مخبرين وسربت تقارير سرية وكالة المخابرات الأمريكية CIA  إلى جانب وكالة التحقيقات الفيدرالية FBI!

ونشر تلفزيون المسيرة مقاطع مصورة لـ10 من الأشخاص قالت إنها اعترافات لشبكة التجسس، وأضافت إنه جزء بسيط ضمن المرحلة الأولى. وزعمت الجماعة إن هذه الخلية تقوم بأدوارها منذ عقود.

ولم ترد الأمم المتحدة على هذه المزاعم. كما لم تعلق وزارة الخارجية الأمريكية بعد على اتهامات الحوثيين.

إلى جانب اعترافات أمنية بالعمل لصالح الموساد، ووكالات المخابرات الأمريكية، تظهر معظم الاعترافات علاقة وطيدة بين الاتهامات الموجهة لأعضاء الشبكة وعملهم سواء في السفارة الأمريكية قبل 2015 أو في المنظمات الدولية الأخرى، وهو ما سنبيه في هذا التقرير والتي تركزت تلك الأعمال في تقديم معلومات حول “الاقتصاد والزراعة والسياسة والتعليم ومنظمات المجتمع المدني”!

وخلال الأيام الماضية شن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة سلسلة من المداهمات واعتقال عشرات من موظفي المنظمات الدولية والمحلية العاملين في البلاد، معظمهم يعملون مع الأمم المتحدة والمعهد الديمقراطي الوطني الممول من الولايات المتحدة، والذي يعمل في مجال دعم الديمقراطية، وموظفين في جماعة محلية تدافع عن حقوق الإنسان.

واعتبر الحوثيون ما حققوه أكبر انجازتهم المخابراتية حتى الآن، لكن يبدو أن معظم الاتهامات والاعترافات المرتبطة بالاقتصاد والزراعة والسياسة والتعليم ومنظمات المجتمع المدني بلا أساس منطقي يستند إليه.

واعتقلت جماعة الحوثي خلال السنوات القليلة الماضية نحو 20 موظفا يمنيا كانوا يعملون في السفارة الأمريكية التي علقت عملها بصنعاء في عام 2014.

الاقتصاد والصحة والتعليم

قال البيان: إن “شبكة التجسس زودت أجهزة المخابرات بالمعلومات حول القطاع النفطي والتجاري والمصرفي والاتصالات وغيرها، ورصد المؤشرات الاقتصادية في المجالات المختلفة للتحكم بالاقتصاد وضربه”.

والمؤشرات الاقتصادية والحيوية لأي بلد تكون عادة في مصادر مفتوحة يستخدمها الباحثون لمعرفة أوضاع البلدان ومدى تقدمها في المؤشرات العالمية، وللحكومات لمعرفة المجالات التي يمكن التعاون فيها وتحتاجها الدول. ومعظم الدول النامية –ودول العالم الثالث- تكشف احتياجات التنمية والمشاريع فيها للحصول على المساعدة، وقبول المساعدة أو رفضها مرتبط بالحكومات ودراستها لتلك المشاريع.

قال الحوثيون إن شبكة التجسس زودت أجهزة المخابرات بمعلومات حول “الموازنة العامة للدولة، وخطط وسياسات الحكومات (المتعاقبة)”، بما فيه حكومة الانقاذ (سلطة الحوثيين غير المعترف بها دولياً)”. تنشر أيضاً عن متهم عمل في القسم الاقتصادي للسفارة الأمريكية إنه قدم تقارير حول نشاط البنك المركزي “والبنوك التجارية العاملة في اليمن”، و”شركات النفط العاملة في البلاد”.

ومن بين ما اعترف به الموظف في السفارة الأمريكية، أن الأمريكيين كانوا يريدون معلومات حول سبب عدم “تداول العملة المطبوعة (من الحكومة المعترف بها دولياً) في مناطق حكومة صنعاء”، ومن الغريب أن يكون في ذلك تهمه يمكنه أن يؤدي إلى الإضرار بأمن الجماعة ويصبح خطر الحديث حولها!

ومعظم دول العالم تنشر موازناتها العامة وأنشطة البنوك المركزية، وتفاصيل الشركات العاملة في البلاد والبنوك التجارية وأنشطة الغرف التجارية، ومختلف الوزارات. وتحولات الاقتصاد والعملة هي جزء أساسي من عمل سفارات البلدان.

ويقول البيان إن شبكة التجسس عملت “على تنفيذ مشاريع وبرامج في المجال الصحي، تهدف إلى تدمير القطاع الصحي، وأسهمت في نشر الأمراض والأوبئة في مختلف المحافظات اليمنية”. وهو أمر لا يستقيم كيف تنفذ مشاريع مثل المستوصفات والمستشفيات وجميعها تحت إشراف وزارة الصحة ومختلف أجهزة الدولة، والأطباء والممرضين يمنيين، وفي نفس الوقت تسعى هذه البرامج الصحية إلى تدمير قطاع الصحة وفي نفس الوقت تنشر الأوبئة والأمراض!

أما الاتهامات بقيادة “مخططات تدميرية للعملية التعليمية وفصلت التعليم عن البناء والتنمية” –وذكرها البيان- فإن هذه الاتهامات تزداد غرابة إذ أن المنظومة والعملية التعليمية تحت إشراف السلطات المتعاقبة منذ قيام الجمهورية اليمنية، ومشكلة انفصال التعليم عن الحاجة الاقتصادية والتنموية هي مشكلة التعليم في اليمن. والأولى بالجماعة المسلحة أن تسلم رواتب المعلمين المتوقفة منذ سنوات لاستعادة التعليم في البلاد وإخراج مستقبل المواطنين في مناطق سيطرتهم من الأمية بما فيها أمية القراءة والكتابة فكل عام يوجد أكثر من اثنين مليون طالب خارج المدارس، ومن يتلقون التعليم في مناطق سيطرة الجماعة لا يجدون المعلمين والكتب الدراسية، إضافة إلى التعليم الطائفي والمراكز الصيفية التي يقودها شقيق زعيم الجماعة يحيى بدر الدين الحوثي.

معلومات سياسية ومجتمع مدني

يقدم الحوثيون اعترافاً للمختص السياسي السابق في السفارة الأمريكية، يقول فيه إنه طوال 27 عاماً عمل بتكليف من السفارة في جمع معلومات حول “منظمات حقوق الإنسان، منظمات المجتمع المدني، وترفع إلى الخارجية الأمريكية ثم يعقبها التحرك في تنفيذ البرامج”.

وأنشطة منظمات المجتمع المدني تمولها منظمات شريكة –جزء منها تموله حكومات غربية- وهذه المنظمات والبرامج تدافع عن حقوق الإنسان في البلاد، وتدعم حرية الرأي والتعبير للمواطنين، واستفادت جماعة الحوثي المسلحة منذ تأسيسها –وحتى سيطرتهم على صنعاء- من نشاط هذه المنظمات والدفاع عن معتقليهم في سجون السلطات المتعاقبة. كما أن الجماعة استفادت بعد الحرب من نشاط تلك المنظمات خارج البلاد لتقديم وجهة نظرهم، ومتابعة ما يعتقدون انها انتهاكات بحقهم من قِبل سلطات دول أخرى، أو ضحايا القصف الجوي من المدنيين؛ وهي تمول بالفعل من الحكومات الغربية أو من منظمات شريكة لها!  ومعظم ناشطي الجماعة المسلحة من حقوقيين استفادوا –ولازالوا- من هذه البرامج!

هذا الموظف قدم ما وصفت بالاعترافات أنه “جمع معلومات حول كيفية عمل الأحزاب السياسية، وكيفية عمل البرلمان، والانتخابات التي كانت تحدث”! وهذه المعلومات علاوة على أنه جزء أساسي من عمل السفارات، إلا أنه أيضاً مفتوح المصدر وليست معلومات سرية تفرض عليها التحرز! فجميع الدول التي تعتبر يمقراطية-بما فيها اليمن- تنشر هذه المعلومات وتقدمها حتى الحكومات للسفارات!

القطاع الزراعي

أضاف البيان الذي نشره الحوثيون أن شبكة التجسس “نفذت مخططات أمريكية في القطاع الزراعي (..) ابرزها إنتاج وإكثار الآفات الزراعية، والسعي لضرب الإنتاج المحلي؛ من خلال تمرير سياسات محبطة للمزارعين، ومغرية لاستيراد المنتجات الحيوانية والزراعية من الأسواق الأجنبية”.

ويقدم موظف عمل في السفارة الأمريكية وفي الأمم المتحدة وفي وكالة التنمية الأمريكية لمدة 34 عاماً، اعترافات من بينها أنه أثناء عمله في التسعينات في البرنامج الوطني للبيئة (حكومي) تموله الأمم المتحدة: على اتلاف التربة، وتدمير الحواجز المائية!

ويشير إلى أنه “تم تجنيده من المخابرات الأمريكية في قسم نشر الفاكهة”! ويعترف أنه عمل على “تشر الرذيلة والفحشاء، وتعزيز الاختلاط بين الرجال والنساء، وبين الطلاب والطالبات في مجال الإدارة في محافظة المحويت ومحافظة عدن”!

يضيف هذا الموظف أنه عمل أيضاً في وكالة التنمية الأمريكية على نشر “المبيدات ذات السميّة العالية، ونشر المبيدات والآفات الزراعية في اليمن، ونقل الأمراض والآفات الحيوانية وكان لها تأثير في النحول (النحل)”!

يتعامل هذا الاعتراف والبيان وكأن اليمن بلا دولة، وبلا حكومات متعاقبة ولا برامج زراعية، وكأن كل اليمنيين مسؤولين وموظفين حكوميين ومزارعين لا يعرفون بلادهم ولا الزراعة التي يعتمدون عليها منذ آلاف السنين. ومع المشاريع الممولة من الوكالات الدولية بطلب وإشراف من الحكومات والسلطات اليمنية وكأنها شرٌّ محض، وأن المسؤولين يبيعون بلادهم مقابل هذه المشاريع!

التقييم الأمريكي

ونشر الحوثيون ما قالوا إنه التقييم الأمريكي “للجواسيس”، في إشارة إلى تقييم الموظف المحلي، وكل دول العالم تعتمده في تقييم موظفيها كانوا محليين أو مواطنين في السفارات أو في الحكومات، حتى الشركات والمؤسسات الخاصة تقوم به لمعرفة تقييم موظفيها.

ويبدو أن الحوثيين حصلوا على هذه التقييمات عندما سيطروا على السفارة الأمريكية. ولعل الأمريكيين لم يجدوا سبباً مقنعاً لإتلافها!

من بين هذه التقييمات: من الإنصاف القول إنه بدون مساعدته كانت الحكومة الأمريكية عمياء حول الاحداث على الأرض المتعلقة بالاقتصاد اليمني. لقد وفرت إسهاماته معلومات للسياسيين حول التعيينات.

وتقييم موظف آخر: كان عمود القسم السياسي والاقتصادي في السفارة في صنعاء، ولايمكنني وصف أهمية عبدالقادر للسفارة والسياسة الأمريكية الخارجية المتعلقة باليمن!

وتقييم آخر: مُنح جائزة أفضل موظف محلي في السفارة الأمريكية لعام 2012م.

معظم التقييمات المذكورة تشير إلى تقارير وعمل السفارة واستفادة الخارجية الأمريكية منها في معرفة شؤون اليمن، وهو إجراء روتيني طبيعي داخل الإدارة الدبلوماسية التي على أساسها تحصل الترقية في إطار المهنة أو الاستغناء.

يقدم هذا التقرير صورة لكيفية استخدام الحوثيين لوظائف وأعمال اليمنيين المشروعة كأداة للضغط على خصومهم سواء كانوا أحزاباً وكيانات محلية أو حكومات.

وتصاعد التوتر بين الحوثيين والولايات المتحدة منذ بدء أمريكا وبريطانيا شن غارات جوية على مواقعهم في البر اليمني رداً على هجمات الحوثيين في البحر الأحمر. كما تزايد التوتر بين الجماعة المسلحة ووكالات الأمم المتحدة منذ إيقاف المنظمة الدولية مشاريعها الإغاثية والإنمائية في مناطق الحوثيين قبل عام، وفشل المفاوضات بين الطرفين لإعادتها.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. المذكورون تم اعتقالهم قبل أكثر من عامين دون أن يتم معرفة أسباب اعتقالهم فلماذا تم اتهامهم بهذه التهم ف هذا التوقيت وما الغرض من ذلك …
    الأمر الآخر لماذا تم خروج اثنين من ال البيت قبل القبض ع موظفي السفارة هل كانوا ع دراية بما يتم التخطيط له…
    من المعيب ما ورد من اتهامات لموظفين لم يتجاوز توظيفهم العشر سنوات
    ….
    يظل الأمل بمراجعة الاخوة أنصار الله لمواقفهم الغير عادلة…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى