عندما كسرت المقاومة في جبل جرة الخط الأمامي للحوثيين في بيت (عبد الصمد) انهار الحوثيون وفروا من المتارس في بيت أنس والمنازل الأخرى، واستمر الشباب يطاردونهم أياماً ليسيطروا على منطقة الزنوج كاملة، حتى مدرسة عبد الله بن مبارك، وجبل الوعش الذي بقى خالياً من الحوثة بعد أن فروا منه.
عندما كسرت المقاومة في جبل جرة الخط الأمامي للحوثيين في بيت (عبد الصمد) انهار الحوثيون وفروا من المتارس في بيت أنس والمنازل الأخرى، واستمر الشباب يطاردونهم أياماً ليسيطروا على منطقة الزنوج كاملة، حتى مدرسة عبد الله بن مبارك، وجبل الوعش الذي بقى خالياً من الحوثة بعد أن فروا منه.
استشهد في معركة تطهير هذه المناطق العديد من الشهداء وجرح آخرون وبرز شباب وقادة قدموا أروع صور الإقدام والفداء لا تراها إلا في كتب التاريخ والأساطير، كان منهم القائد سليمان الغزالي الذي كان طوداً شامخاً وقائداً موثراً، وله حضور طاغ وتجليات من نور.
كان سليمان شاباً طموحاً وناجحاً ومناضلاً من الطراز الأول ومن شباب ثورة 11 فبراير، ساحة الحرية بتعز، وقبلها ساحة التغيير وشوارع صنعاء تعرفه جيداً جرح مرتين إحداها في معركة كنتاكي، وكان مطارداً من سلطة عفاش.
انتقل إلى الجوف ومأرب ليساهم في المقاومة هناك مع شباب كثر من تعز.
يقول الاستاذ محمد: لقد كان سليمان قدوة تحبه النفس وتشعر بالأمان تحت قيادته.
أما العم عبده فيذكر سليمان ويتبعها بنهدة عميقة كان يقول إن سليمان كتيبة متكاملة.
كثيرة هي المعارك التي خاضها في جبل جرة باقتدار، آخر معركة خاضها في هجوم لاقتحام مواقع العدو وفي ظروف صعبه وخطرة لا يقدم عليها إلا من و ضع روحه على فوهة سلاحه،
عند الهجوم تعرض وزملاؤه لكمين أصيب في جنبه وسقط متكئاً على جدار.
المنطقة بقت تحت سيطرة محكمة للحوثيين وعجز الشباب من سحب جثمانه حاولوا كثيراً وبسبب ذلك سقط جرحى، استمر الجثمان 16 يوماً دون أن يجرؤ أحد من الاقتراب فهو وضع لاصطياد المقاومين وفي مكان يشبه فوهة الموت.
في الأخير أقسم مجموعة من الشباب بقيادة القائد (النقيب) الذي أعطى وعداً جازماً لأسرته لإحضار الجثمان كان وعداً أشبه بالبيعة على الموت مع زملائه فؤاد العليمي وخالد الزعزي والقائد الشهيد عبدالله عباس، الذين صمموا على الوصول إليه مهما كانت المخاطر، وكان العم عبده يرى غير هذا ويؤكد لو أن الشهيد كان حياً لرفض هذه العملية فالشهيد بروحه لا بجسده الذي لا يعدو ثوبا وقالبا من تراب وكان هذا رأي الكثير الذين لا يرغبون في أن تتحول جثامين الشهداء إلى كمائن يستدرج إليها إخوانهم.
ومع ذلك وصل الشباب بأعجوبة !
قال أحدهم: كنا نريد أن نجد منه رفاتا نلملمه ونذهب وكانت المفاجأة المذهلة. لقد وجدوه متكئاً على الجدار وكأنه سقط اللحظة ويده على رأسه واضعاً رجله اليسرى على اليمنى.
ظهر كملك على عرشه وكقائد يلقي الدرس الأخير، وبدأ الجو مختلفا أمام مشهد القائد سيلمان وهو يلقي حكمته الأخيرة.
كأن لسان حاله: لقد انتظرت كثيراً لأودعكم وأهمس لكم بحديث الروح وقصة الحياة الكريمة التي نموت من أجلها.. (نحن صناع حياة) كانت جملة يرددها حيا وها هو يعيدها لإخوانه شهيدا.
ومن أجل الحياة يندب البعض حياتهم للخلود وهؤلاء هم الشهداء ونجوم لطريق الممتدة من الحياة العابرة حتى مقر الخلود حيث الظل الساكن والنعيم المقيم الذي لا يشوبه زوال ولا غروب شمس.
ألقى الشباب التحية ومعهم ظهرت التلال والجبال تغني للشهداء وتطرب للحياة التي يصنعها هؤلاء، لقد كانت كرامة هي بالأساس دعماً للمقاومين وهم يجدون زميلهم على هذه الصورة لقد كانت هدية لهم ليرونه بعد أكثر من أسبوعين ساخراً من القتلة ويلقي على إخوانه حكم الدهر ويبشرهم بطريق السماء وخط الكرامة.
قال الأستاذ عبد الله: لقد كانت كرامة خارج عالم الماديات سيصعب على البعض فهمها لكنها وصلت للمقاومين وتصل كل يوم على هيئة روح تشع بالنور وتقف وراء هذا الصمود الأسطوري الشامخ الذي يعد كرامة كبرى ومعجزة محققة بالنظر إلى فارق القوة وهو ما سيخلده تأريخ تعز وسينحني له جبل صبر ومعه جبال اليمن الشامخة في جبين الدهر حتى آخر سطر وآخر ورقة للتاريخ.
قال محمد: لقد تحول سيلمان إلى روح دافعة في مماته كما كان في حياته.
وعندما استلمت أسرته جثمانه تحدثت زوجته عن النصر والثبات وتحقيق أمنية الشهيد بالنصر و الصمود وكأنها تقرأ وصيته.
يقول المقاوم محمد: من المفارقات الغريبة أن يستشهد أربعة شهداء كلهم باسم (سليمان) ومن قرية واحدة!!
(سليمان الغزالي)، (سليمان الصرمي)، بنفس اليوم؛ و(سليمان العصار) بعدهم بأيام، بينما استشهد ابن عمه و اسمه أيضا (سليمان الغزالي) في عام 2011م.
استشهدوا جميعاً على نفس الدرب الذي لن تستطيع قوة في الدنيا أن تكسره أو توقفه، حتى يصل إلى غايته ويأخذ مداه من أجل الحق والحياة الكريمة للإنسان كما أرادها خالقها وليس كما يشتهيها الطغاة من بني الإنسان الذي كان ظلوما جهولا.