انعاش الذاكرة الوطنية
قرن من القسوة والرعب، قرن من الصراعات البينية والحروب العبثية، لم نحصد سوى الماسي والالم و مضاعفة حجم تراكماتنا السلبية، ثاراتنا واحقادنا وضغائننا، فهزمنا وتحطمت احلامنا.
كل هذه تجارب ودروس مرت بها كل الامم، البعض استوعبها ونهض وتجاوز كل المعوقات، ونحن لم نستوعبها وغرقنا في مستنقعاتها، معاقين فاشلين لم نستطيع التقدم والنهوض .
فشلنا يحتاج أن ننعش الذاكرة الوطنية، للتأكيد والتذكير بالدروس المستفادة والقاسية التي ولدتها المحن والشدائد والأنواء والعواصف، والحروب والمؤامرات، حتى لا نفقد الذهنية الشعبية الجامعة، وتتكرر نفس الأخطاء، و تذهب كل طاقاتنا والدوافع والبطولات والانتصارات والتضحيات هباء، لنبقى مستمتعين بالمحن والعواقب، فلا نستطيع ان نصنع تغيرا او تقدما للأمام، فنعيد المنظومة بكل علاتها ومساوئها وإن تغيرت الشخوص والادوات.
في كل منعطف تغيير وتحول سياسي علينا ان نستوعب الرسالة، العنف لا يولد غير عنف مضاد، والكره يضاعف من القطيعة، والقمع يولد اصرار وعند، والفكر عصي على القمع بالقوة، الفكر يعالج بفكر اكثر انارة وقبول، ولم يعد مقبولا الفكر الواحد والانتهاكات والقمع الفكري وفرض امر واقع بالعنف، مشكلتنا في عقلية لم تستوعب هذا الدرس جيدا، وتعتقد انها قادرة على ان تكون البديل السيء، تتجاوز الفكرة والرسالة، لتقدم نفسها بالمنطقة والجغرافيا، لتعيد تمارس كل العفن، ولكي نبقى رهان ذلك العفن، نجدهم يستهدفون الذاكرة الوطنية، وبغيابها يغب الضمير الوطني ، ويغيب العقل والوعي لكي لا نستوعب الدرس ونستخلص العبر.
وهذا ما يحدث اليوم بتصدر التفاهة والتافهين للمشهد، فنجد حملات من الأكاذيب والشائعات الضارية والتشكيك والتسفيه والتحريض على الهدم، لكي نصل لقناعة (سلام الله على …..) الماضي ونكرر نفس الاخطاء ونلدغ من الجحر عدة مرات.
انعاش الذاكرة الوطنية لكي يعلم ويعي الناس ومختلف الأجيال، حقيقة الأكاذيب وأهدافها، وخفايا الشيطان في تفاصيل ودهاليز التحريض على الهدم، من المهم أن نتذكر من كان مع التغيير والتحول المنشود السلس والسلمي وفق الدستور والقوانين النافذة، والحوار والتوافقات السياسية وصندوق الانتخابات ، ومن كان وما زال مع العنف المؤلم والفوضى والانفلات والضياع والرعب والانتهاكات، مع المناطقية والطائفية والجهوية.
ما نحن فيه اليوم هو الارهاب بكل اشكاله وانواعه، ارهاب دولة الجماعة، ارهاب القبيلة والمذهب ولا صوت يعلوا على اصواتهم، ارهاب الفساد والاستبداد والعسكر، ارهاب حاضن لكل ادوات العنف الرثة والعفنة، في حاضنة تفرخ لنا قاده اصلحوا حالهم وتنعموا بالفساد، ودمروا احوالنا وعطلوا وطننا وحقوقنا وحقنا بالحياة الكريمة، خانوا العهد والهدف والسيادة والحلم، تركونا ضحايا فشلهم و غثاء الانانية والطمع والجشع، نموت جوعا وفقر مدقع من اجل ان يعيشون في ابراج عالية وثراء فاحش.
اذا استوعبنا الدروس واستخلصنا عبر الماضي، حينها سنقرر ان لا تتكرر لماسينا ، ولن نقبل بتكرر الفشل، اليمنيين لديهم من الذكاء والحكمة واليقظة والإرادة على عدم السقوط في نفس الأخطاء، ولديهم الثقة والوعى بأن هناك حاضراً مشرقاً ومستقبلاً واعداً، يستوجب الحفاظ عليه.
ولن يكون هذا الحاضر الى بالتسامح والتعايش وارساء روح القانون في دولة المواطنة والحرية والعدالة والمساواة ، الكل شركاء في نظام ضابط لهذه الشركة ، لا يسمح ان يسود الظلم والقهر والاقصاء والالغاء والانتهاكات، دولة و وطن يجمعنا بسلام و وئام.