معركة ساخنة حول “الشرعية”وصالح يجر النواب إلى قائمته السوداء
تشهد الساحة اليمنية، لليوم الرابع على التوالي، معركة سياسية من نوع آخر بين طرفي الأزمة، وبعد أكثر من 500 يوماً من الحرب التي اندلعت أواخر مارس/ آذار من العام الماضي، برزت “الشرعية” كساحة جديدة للنزال بين الحكومة الشرعية. يمن مونيتور/ صنعاء/ خاص:
تشهد الساحة اليمنية، لليوم الرابع على التوالي، معركة سياسية من نوع آخر بين طرفي الأزمة، وبعد أكثر من 500 يوماً من الحرب التي اندلعت أواخر مارس/ آذار من العام الماضي، برزت “الشرعية” كساحة جديدة للنزال بين الحكومة الشرعية، وتحالف الحرب الداخلي، الحوثيين وحزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
والإثنين الفائت، دشن تحالف الحوثي ـ صنعاء، معركة سياسية جديدة تضاف إلى المعركة العسكرية والاقتصادية الدائرة بينهما منذ أكثر من عام دون توقف، وقررا تفعيل البرلمان الذي يعيش موتاً سريرياً منذ قرابة عامين، والدعوة لإنعقاد جلساته، بعد غد السبت.
خطوة لم ترق للحكومة الشرعية وجعلتها تثني على عهد اللجنة الثورية الحوثية التي حلّت البرلمان وحكمت صنعاء منذ فبراير/ شباط 2015 وحتى أواخر يوليو/ تموز 2016 بشكل انقلابي خالص لا شرعية فيه، خلافا لما يسمى بـ”المجلس السياسي الأعلى”، المشكل بالمناصفة بين الحوثيين وحزب صالح، لإدار ة شؤون الدولة.
من العاصمة السعودية الرياض، التي تقيم فيها الحكومة بصفة مؤقتة، أدان وزير الخارجية عبدالملك المخلافي خطوة الحوثيين وحزب صالح في بعث البرلمان من مرقده، وأطلق رسائل تهديد للبرلمانيين الذي سيحضرون جلسة السبت، وأنهم سيكونون تحت طائلة العقوبات كونهم شركاء في الانقلاب على الشرعية، كما دعا اتحاد البرلمانيين العرب لتحمل مسؤوليته واتخاذ الاجراءات المناسبة.
لم يكترث تحالف الحوثي ـ صالح، للتهديدات الحكومية، ويوم أمس الأربعاء، ظهر رئيس مجلس النواب، الزعيم القبلي، يحي الراعي، بجوار صالح الصماد، وهم يناقشون مع رؤساء الكتل البرلمانية، اجراءات تأمين جلسة السبت، وفقا لوكالة سبأ الخاضعة لهم.
يمتلك صالح أغلبية البرلمان المنتخب في العام 2003 وتم تمديده في العام 2009 لمدة عامين، لكن المبادرة الخليجية التي طوت حكم الرئيس السابق، أطاحت أيضا بنظام الأغلبية، ومددت للبرلمان، شريطة أن تكون القرارات فيه توافقية بين الجميع، وعند الاختلاف، يكون رئيس الجمهورية هو الفيصل.
والمبادرة الخليجية هي أبرز المرجعيات الحاكمة في اليمن وتدعمها القرارات الأممية والدول الكبرى، ويرى مراقبون أن صالح الموضوع دوليا في قائمة العقوبات السوداء، يريد أيضا جرجرة برلمانيي حزبه إلى جواره، تماما كما فعل بالحوثيين، الحركة الناشئة والتي كانت مجرّمة إلى ما قبل إنطلاق ثورة 2011.
هل ستقام الجلسة؟
على الورق، ما زال صالح هو صاحب الأغلبية الكاسحة في مقاعد البرلمان، لكن الرجل الذي خرج ضد الملايين في العام 2011 وخرجت قواته لقتل المتظاهرين السلميين، خسر عدداً من أعضاء حزبه الذين قدموا استقالتهم من الحزب حينذاك، وقضى على ما تبقى من أغلبيته بتحالفه مع الحوثي في الانقلاب على السلطة واجتياح المدن اليمنية في العام 2014، عندما انشق عنه أبرز القيادات، وما كانوا يسمون بـ”صقور المؤتمر” في البرلمان، ابرزهم، محمد الشايف، وسلطان البركاني، ورشاد العليمي، وهذا ما يؤكد أن كتلته لم تعد كما هي.
وفي جانب الموالين له أنفسهم، كانت الأشهر الأولى للحرب تشهد مغادرة أبرز نوابه حزبه، يغادرون اليمن إلى دول عربية وإسلامية، وعلى رأسها، مصر والأردن وماليزيا، وخصوصا عقب الاهانات التي تلقوها من الحوثيين، عند حل البرلمان في فبراير 2015، وذهاب يحي الحوثي، شقيق زعيم الجماعة إلى مبنى البرلمان، لفتح برلمان خاص به وتسجيل أعضاءه، ولعل كثيرون يتذكرون اللقطات المصورة التي ظهر فيها نجل البرلماني، أحمد العقاري، في مبنى البرلمان يقول إنه جاء لتسجيل والده المتواجد في الهند.
منذ اندلاع الحرب، أواخر مارس/ آذار من العام الماضي، فرض التحالف حظراً جوياً على الطيران، وكان جميع الذاهبين إلى صنعاء يخضغون لتفتيش في مطار “بيشة” السعودي، خوفاً من مغادرة أو عودة الموالين للحوثي وصالح إلى صنعاء، وعلى الرغم من عدم إعلان السلطات السعودية، ضبط أي برلماني موالي لصالح منذ ذلك التاريخ، إلا أن المؤشرات تقول بأنهم لم يجازفوا، خصوصا وأن مطاري عدن وسيئون كانا مغلقين بسبب الحرب، ولن يجرؤ أحد من أقطاب ذلك التحالف العودة عبرهم، وهو ما يعني، شحة في البرلمانيين الموجودين بصنعاء، والذين يتوجب حضور ثلثي أعضاء البرلمان لجلسة الانعقاد.
هيئة رئاسة البرلمان
تتكون هيئة رئاسة البرلمان من أعضاء حزب صالح بشكل كامل، وعلى رأسهم رئيس المجلس، يحي علي الراعي، الذي كان قد احتجب في مسقط رأسه بمحافظة ذمار، جنوبي صنعاء، منذ اندلاع الحرب، لكن قصف مقاتلات التحالف لمنزله ومقتل نجله “يزن” جعله يعود مجدداً إلى أحضان صالح في العاصمة.
ويضم مقعد نائب الرئيس، 3 أعضاء، جميعهم من حزب المؤتمر، لكن محمد علي الشدادي، المنحدر من محافظة الرئيس عبدربه منصور هادي (أبين)، بات من المنشقين عن صالح، فيما التزم “حمير عبدالله بن حسين الأحمر”، الصمت منذ بدء الحرب رغم تواجده بالعاصمة ولا يُعرف ما إذا كان تحالف الحوثي ـ صالح، سيرغمونه على الحضور، كما أن النائب المؤتمري الثالث، أكرم عطية، المنحدر من محافظة الحديدة، غربي البلاد، لا يُعرف مكان تواجده، وليس له أي ظهور سياسي.
التشرذم ذاته يمتد إلى الكتل البرلمانية، فكتلة حزب صالح، يرأسها النائب “سلطان البركاني”، المتواجد حالياً في القاهرة والذي كان قد انشق عن صالح ثم التزم الصمت بعدها، فيما توفي رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الإصلاح، عبدالرحمن بافضل بحادث مروري في السعودية، ويتواجد رئيس الكتلة البرلمانية للتنظيم الوحدودي، سلطان العتواني، في السعودية كأحد مستشاري هادي السياسيين.
تحرك حكومي مكثف
قالت الحكومة الشرعية إنها لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء خطوة الحوثي صالح في تحريك البرلمان، وستتحرك لايقاف ما يجري، واليوم الخميس، بدأت الكتلة البرلمانية الموالية للشرعية تحركاتها، واجتمعت مع سفير الولايات المتحدة الأمريكية بصنعاء، ماثيو تولر.
ووفقا لوكالة سبأ الرسمية، فقد ناقش رؤساء الكتل البرلمانية، برئاسة نائب رئيس البرلمان محمد علي الشدادي، مع سفير واشنطن، ما أقدم عليه الحوثيون وصالح، بتشكيل مجلس سياسي مخالف للدستور ودعوة البرلمان للانعقاد، معتبرين أنه “خرق فاضح للدستور وللمبادرة الخليجية التي أكدت على دور المجلس التوافقي”.
وحسب الوكالة، فقد طالب النواب المجتمعون، الدول الراعية للمبادرة الخليجية بالضغط على الميليشيا الانقلابية وايقافها عند حدها، وكما طالبوا السفير الأمريكي بالضغط على الحوثي ـ صالح، وإبلاغهم بأن “ما يقومون به لن يكون له أي صفة شرعية أو قانونية، ولكنه يعرض الوطن إلى مزيد من الأزمات والدمار ويعرض الملاحة البحرية والسلام العالمي لمزيد من المخاطر”.
وقالت الوكالة، إن السفير الأمريكي، أكد “أن ما أقدمت عليه سلطة الأمر الواقع في صنعاء من تشكيل لمجلس سياسي وتبعه دعوة مجلس النواب للإنعقاد ما هو إلا عمل تقسيمي لا يعتمد على الدستور ولا قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن”، كما أعتبر أن “الغرض من ذلك عرقلة المساعي المبذولة لتطبيق القرارات الاممية ولا يحترم القرارات الدولية التي تقضي بإستعادة مؤسسات الدولة وخروج الميليشيا المسلحة من المدن”.
ولم يتسن التأكد مما ذكرته الوكالة الحكومية على لسان السفير، كما أن الدول الراعية للتسوية، أو السفارة الأمريكية بصنعاء، لم تصدر بيان رسمي يحدد موقفها من انعقاد البرلمان، وإن كان قد أدانت تشكيل المجلس السياسي.
كما أجرى وزير الخارجية، عبدالملك المخلافي، اليوم الخميس، اتصالا هاتفيا بنظيره الروسي، سيرجي لافروف، وفقا لوكالة سبأ الرسمية.
وفيما لم تذكر الوكالة، أي تفاصيل هامة سوى أن المكالمة الهاتفية “ناقشت العلاقات الثنائية ومشاورات السلام التي أقيمت بالكويت دون تحقيق أي تقدم”، رجحت مصادر حكومية أن يكون الحديث الوزير المخلافي قد طلب من نظيره الروسي تدخلا لإيقاف خطوات الحوثيين وحزب صالح المتمثلة في تشكيل مجلس سياسي وتفعيل البرلمان، نظرا للعلاقات الودية التي تربط موسكو بتحالف الحوثي ـ صالح، وعرقلتها في مجلس الأمن لبيان دولي، يدين خطوتهم في تشكيل مجلس سياسي.