مداهمات منظمات المجتمع المدني في عدن
ما زالت الانتهاكات متواصلة لمداهمة مقرات منظمات المجتمع المدني والاستيلاء عليها في عدن .
قبل سنوات داهمت قوات عسكرية مقر اتحاد عمال عدن العريق، الذي تأسس في 1956م واصبح معلم تاريخي وحضاري للمدينة، وصرح نقابي ملتقى لنقابات العمال والنقابات المهنية، تداول على قيادته اعلام نقابية، صارت رموز للحركة العمالية ، والحركة الوطنية اليمنية، وكان سبب المداهمة هو تسليمه لنقابات تم تأسيسها حديثا بمسمى الجنوب.
واستمرت الانتهاكات في مداهمات قوات عسكرية للسيطرة على كل منظمات المجتمع التي تحمل مسمى ( الجمهورية اليمنية).
طالت تلك الانتهاكات اتحاد الصحفيين اليمنيين وغيرها من الاتحادات المهنية، و وكالة الانباء اليمنية سبا، و اخير وليس بالأخير اتحاد نساء اليمن، في عملية يعتقد اصحابها انها تسير وفق مخطط تحويل تلك المنظمات الى صفة الجنوبية بدلا من اليمنية، في ظل دولة متعارف عليها بالجمهورية اليمنية، ومعترف بها دوليا، و منفذي الانتهاكات طرف اصيل فيها وشريك اساسي، أي انه معترف بها و يعمل في اطار مؤسساتها، ويتعامل رسميا بأوراقها وختمها ونظامها وقراراتها.
في مفارقة عجيبة صنعت وما زالت تصنع لنا فوضى عارمة في عدن، العاصمة الموقتة للدولة، هذه الفوضى اعاقت سياسة واستراتيجية استعادة المؤسسات، وتعطل كل الاتفاقات المبرمة بين الشرعية وشركاؤها في العاصمة عدن، ابتدأ من اتفاق الرياض الاول والثاني، وآنتها في الشراكة والمحاصصة في حكومة تسيير اعمال، وتنفيذ ما اتفق عليه في الرياض، هذه الفوضى يعتقد اصحابها انها ستسرع باستعادة دولة (الجنوب العربي)، وهي تعيق أي توافق يحقق للجنوب مصيره.
سمعنا عن مصطلح ( وضع العربة امام الحصان)، وهو للتعبير عن حالة لا يمكن فيها تحريك هذه العربة، بمعنى أن الوضع الطبيعي هو أن يكون الحصان أمام العربة لكى يستطيع جرها، وترتكبون اخطاء جسيمه بهذا المعني يمكن سردها على النحو التالي :
1ـ تقدمون العربة امام الحصان وتدفعون بالحصان لكي يتحرك، فيتعثر بها، وهذا وضعكم اليوم ، عليكم ان تعو ان مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني تأخذ مسماها من الدولة القائمة التي تعمل في اطارها, وتتعامل مع شخصيتها الاعتبارية، بل يتم التصريح لها وفق قوانينها و وثائقها الرسمية، و الاولى بكم ان تقدمون هذه الدولة التي تسمونها( جنوب عربي) وتلقائيا دون صراع وعنف وفوضى ستصبح المسميات تتبع مسمى الدولة.
2ـ من اعطاكم الحق في تشكيل هيئات بمزاجكم السياسي، وهيئات منظمات المجتمع المدني تبنى وفق وثائق وادبيات هذه المنظمات، وانتخابات نزيهة متعارف عليها منذ التأسيس، وعرفت عدن انها سباقة في تأسيس النقابات والاتحادات، تفتخر بعراقتها ولها علاقاتها العربية والدولية، ومعترف بها عربيا ودوليا كاعترافهم بالدولة اليمنية الاصل، وبهذا السلوك الفوضوي والغير واعي تدمرون ارث وتاريخ وحضارة مدينة، لكي تفرضون امر واقع لن تصلون به لمبتغاكم .
3ـ لن تصلون لمبتغاكم، وانتم تشقون النسيج الاجتماعي في عدن، بشق الصف لخلق صراع غير مجدي على الاستحواذ والاستئثار بمنظمات المجتمع، تؤسسون لصراع ابدي له مالاته وتداعياته، و خرق واضح لكل الاتفاقات المبرمة لاستعادة مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع وحشد الناس لمعركة استعادة الدولة من مخالب الانقلاب( الحوثي).
ما زالت المداهمات مستمرة، يوم امس تم مداهمة مقر اتحاد نساء اليمن بالسلاح الناري ، واحداث تخريب في ممتلكاته ومبانيه، وهو مؤشر سلبي على التوافق حول ارساء السلام في عدن والاستقرار وبناء مؤسسات دولة تعيد للمدينة القاها وسكينتها، من خلال توافق سياسي ومؤسسي لتحريك عجلة التنمية، واصلاح الخلل في الخدمات والرواتب والمعيشة والعملة، لتخرج عدن من معاناتها.
مع العلم ان معظم المؤسسات والمنظمات التي تم مداهمتها مازال حالها متعثر، ويديرها اشخاص غير اكفاء وغير مهنيين، وتحولت لمجرد ادارات تتبع سلطة الامر الواقع حزبيا، في ممارسات غير مقبولة للهيمنة على منظمات المجتمع وتعطيل دورها الاجتماعي والثقافي والحقوقي، لتتحول لمجرد عربة يجرها حصان الحزب المهيمن.
لا اعتقد ان هذه الممارسات ستجد قبول شعبي، بل ستزيد من حجم الرفض الشعبي، وسيكون لها مالاتها وتداعياتها الى جانب غياب الخدمات والمستوى المعيشي المتدهور والاقتصادي المنهار والفساد المستشري، يشكلون معا ثورة غضب لن ترحم ولا تبقي ولا تذر.