شاعر يمني: في اليمن نمتلك ثروة غزيرة من الشعر والشعراء
أهدى الشاعر اليمني صخر المنصري ديوانه الأول “ببالغ الشجن” الصادر هذا الأسبوع عن مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر إلى اليمن في إهداء كاشف ودال عن تجربة الديوان والمعاناة التي يعيشها الشاعر جراء ما أصاب وطنه وذاته.
يمن مونيتور/ ميدل ايست أونلاين
أهدى الشاعر اليمني صخر المنصري ديوانه الأول “ببالغ الشجن” الصادر هذا الأسبوع عن مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر إلى اليمن في إهداء كاشف ودال عن تجربة الديوان والمعاناة التي يعيشها الشاعر جراء ما أصاب وطنه وذاته.
قال في إهدائه: “إلى الوطن الّذي ضاع مني، وهو في طريقهِ إليّ.. إلى (المشاقر) الّتي تُزَين وجه تعز وترسمني القصيدة الأخيرة في شفتَيَّ..”.
حول تجربته الشعرية ولادتها ومراحل تطورها، كان هذا الحوار مع المنصري الذي قال: “تجربتي الشِعريّة ليست أزليّة إلى حدٍ بعيد، ولكني من الّذين قرأو كثيراً ولا أزال، خصوصا وأن الكتاب يرافقني مذ تذوقت الشعر وهذا كان مبكِّرا لدي.. بدأتُ مجرّد هاوٍ على دفاتري وقصاصات الورق ومن ثمّ كتابة كل ما يناسب العقل ويخدم القصيدة ومع كتابة كل نصٍ أتعامل معهُ وكأنني للمرّة الأولى أكتب، وحتّى الآن ما زلتُ في البداية.. كشاعر يجب أن يتملّكك شغف عارم ورغبة في الشِعر تشبه بكاء الأطفال مع الكثير من الحب”.
وأكد المنصري أن كل من لهُ علاقةٌ بالشِعر أو الكتابة لا شك أنه يحمل رؤية أو هدفا، قد تبدو على شكل محاولة للإسهام في بناء مجتمع واع كنتاج فكري وقيمي، أو إيصال رسالة ثقافية أو سياسية ربما خصوصا وأننا مؤخرا نشاهد حراكا سياسيا في مجتمعنا العربي أبعدنا قليلا عن المشهد الثقافي. وشخصيّا أحاول فك أزارير اللُّغة على هيئة نص قصير أو قصّة مع تجلّي الوطن والأنثى في النص، وهذا يجعلني أقرب إلي ذاتي وما يعتمل فيها جراء ما يجري في العالم.
ورأى أن جمهور الشعر الكلاسيكي لا يختلف كثيرا عن جمهور القصيدة الحديثة بغض النظر عن الشكل المرئي للقصيدة أو النص، فجودة القصيدة نفسها التي ترسم ملامحها لتقاوم قدرتها على المواجهة والبقاء في خضم هذا الزخم المترامي الأطراف، في الأخير يجب أن يكون شعرا وهذا المهم في الأمر.
وعن رأيه في المشهد الشعري العربي والتفاعلات القائمة بين أشكال القصيدة من عمودية وتفعيلية ونثرية، قال المنصري: “هنا سأتجنب الخوض كثيرا والنقاش حول أشكال القصيدة لأن الشعر يبقى شعرا أيّأ كان شكله وهيئته. فقد أجد نفسي في القصيدة النثرية أكثر أو في شعر التفعيلة أحيانا، لكن هذا لا يمنع لأن أقول إن الشعر العمودي يتملّك داخلي خصوصا إذا وجدتُ شاعرا فذّا له القدرة على الموسيقى والإيقاع، والشعر العربي ثريٌ في هذا الجانب.
وأضاف “إننا في اليمن نمتلك ثروة غزيرة من الشعر والشعراء، ولكن ينقص الشباب القليل من الإهتمام والتفاعل مثل إيجاد الندوات الثقافية وقيام المهرجانات والإحتفائيات، ينقصنا أيضا وجود مؤسسات تعنى بالنشر التي بدورها تثري الأدب لدى الشباب خصوصا، وأننا شاهدنا إقبالا كبيرا على الإصدارات اليمنية في المعارض الدولية مثل معرضي القاهرة والرياض في ظل غياب المؤسسة الثقافية لدينا.
وأشار المنصري إلى أن التجربة الشعرية العربية تشهد تطورا غير مسبوق في العقود الأخيرة، أقصد هنا مع التطور التكنولوجي ووجود مساحات واسعة للإبداع الشعري والأدبي. وهذه بحد ذاتها ساعدت الشعر العربي على الإنتشار وصولا لأوروبا وأميركا من خلال الكتب والنصوص المترجمة. ولدينا بعد ثقافي عربي يستطيع الانفتاح على كل الثقافات الأخرى، وهذهِ نقطة تحسب لنا وتعكس الصورة الحقيقية بأن الشعر العربي ليس في أزمة.
ولفت إلى أن الإبداع يجب أن يسبق النقد، لأن أمر الشعريّة يجب أن يكون محسوماً من البداية، وقال “نحن نشاهد الحركة النقدية في الشعر بطيئة وإن حضرت فتكون ضعيفةً وتفتقد الدهشة على عكسهِ في الرواية. أنا هنا لا أنكر دور النقد لدينا لكنهُ قاصرٌ في الشِعر لم نعد نشاهد الكتابات النقديّة الشعريّة، وهذهِ قد تكون ربما لإرتباط جزء منها أكاديميّاً أو لدلالاتٍ خارج الإطار الثقافي”.
• نماذج من الديوان
• “بيان العناق الأخير”
أكتُبوا المَوت والحرب
واتركوا لي مسَاحةً بيضَاء
أُعانق بها القصيدَة
المُلقاة على رصيف هذا الوطَن ..
لن أكتب عن الحريّة،
لأنني كلّما جاء الصبَاح
تذكرتُ وجه أبي!!
وحدهُ الّذي يستحق أن اكتب الحريّة ..
سأكتب عن وطنٍ أخر
يذبَح في مقتبَل الحُلم
وتنكسر في خاصرتهِ المرَايا ..
سأكتُب عن أنثَى تغتسِل في شفتَي
مشرِعـة نافِذَة الموت من جديد
عن عصفور يختبئُ خجَلاً خَلف الشُرفَة ..
سأكتب عن الغُربَاء،
والمتسوِّلين مثلي
من يوَدِّعون الأرصفَة
يطاردهم المطر،
ويستقبلهم المَوت
عن قصيدةٍ أخيرَة ما زَالت تعيش بي
تشبه الشهقَة ..
• “أنا النحّاس”
أنا النحّاس
أعيش بنصف قصيدة
ونصفٌ أُقسمهُ رغيفاً للفقراء
أنا النحّاس
قبل أن أضَع رأسي في الوِسَادة
أترك رسالةً كل مساءٍ
على شُرفة النافِذة
حتّى إذا جاء الهدهُد
استبدلها بتوليبةٍ من حقول باريس
لامرأةٍ في عقدها الرابع
تعاقِر رسالتي وتنام ..
“وطنٌ شائك”
العاشِرَة قهراً
يُغادرني وطنٌ بحجم الوجع،
سقَط مني
على طاوِلةٍ من بلّورٍ
ذات عشاء !!
يأخذ الآن حقائبهُ
مغادرةً بلا رجعة ..
• “عزاء”
أمْوتُ الأن
كَمتشردٍ لا يُتقن الاّ التسَكُع
في الأرصِفَة
يُنَاهز الألْف قصيدَة
يُشيَع دون جنَازةٍ وكفَنْ
والمدينَة نائمَة
النَأيُ يبكي
والحوريّات يستَقْبلنّ جثْمَانهُ
علَى أريكَةٍ من ولَه
أحسَن اللّهُ عزَائي ..
• “استفاقة”
للتوِّ ودّعَت وسادتها
باتِّجَاه النافذَة
الفراشَات تُصلّي بعينيها
تمسح ما علِق من بخور
شفتاها مزّقها السفر
خمسين عاماً من المَوت
حول طَوق القصيدَة
تبتسم (بوسة لعيونك)..
• “وجعي أنا”
وجعي أنا
أنّي خبأتُ لكِ الحيَاة
أنّي زرعتُ الآن
أرضي كلهَا ورد
وجعلتُها حكراً عليك ..
وجعي أنا
أنّي وضعتُ الآن
كل دفَاتري
فكتبتُ فيكِ قصَائدي،
وخواطري
وجعلتُ تاريخي لديك ..
وجعي أنَا