في ظنّي أنَّ رحيل رئيس الجمهورية الإيرانية إبراهيم رئيسي بعد تحطّم المروحية التي تقلّه هو ووزير خارجيته وبعض رجال النظام، لن يحدث تغييراً «جوهرياً» قد ينتظره البعض في إيران.
محركات النظام موجودة لدى المرشد علي خامنئي.
والمرشد الأعلى هو القائد العام للقوات المسلحة الإيرانية والأجهزة الأمنية، كلها، وهو من يعيّن رئيس القضاء ونصف أعضاء «مجلس صيانة الدستور» واسع النفوذ وأئمة صلاة الجمعة ورؤساء شبكات التلفزيون والإذاعة الحكومية. كما تسيطر المؤسسات الخيرية التابعة للمرشد الأعلى، تُقدّر قيمتها بمليارات الدولارات، على قطاعات واسعة من الاقتصاد الإيراني.
من أهم هذه المفاتيح الموجودة لدى المرشد، «مجلس صيانة الدستور»، وهو من يملك سلطة الموافقة على جميع المرشحين للرئاسة من قبل «مجلس صيانة الدستور»، المجلس هيئة مكونة من 12 عالم دين وخبيراً قانونياً… وهو برئاسة أحد «شيوخ» النظام المخضرمين الشيخ أحمد جنّتي.
في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وافق هؤلاء على 7 فقط من أصل 590 شخصاً سجلوا ترشحهم للانتخابات، ولم يسمح لأي امرأة بالترشح.
هناك «مجلس الخبراء» الذي من صلاحياته الموافقة على تعيين مرشد جديد أو اختياره من جملة مرشحين، لكن هذا المجلس ممسوكٌ من طرف «مجلس صيانة الدستور»، الذي يمكنه منع المرشحين من خوض انتخابات البرلمان والرئاسة ومجلس خبراء القيادة، ورئيسه هو أيضاً أحمد جنّتي.
أمَّا قبضة المرشد الأخرى، فهي على سيف «الحرس الثوري»، وهو المظهر المادّي الخشن والصلب للنظام، وهو تكوين مختلط بين المؤسسات الطبيعية، والميليشيات، علاوة على كونه مؤسسة اقتصادية عملاقة وعابرة للحدود.
النظام الإيراني حالة جديدة في خريطة الأنظمة السياسية، مزيج من «شكل» المؤسسات الطبيعية للدول، ومظاهر الحركات الثورية الفوضوية، على غرار الميليشيات اليسارية العنيفة في أميركا اللاتينية… لكن بصبغة دينية.
لذلك ولأن السلطة والدولة في إيران حالة خاصة لا مثيل لها، ينبغي اجتراح قراءة ومقاربة هي بدورها جديدة على غير مثالٍ سابقٍ.
*نشر أولاً في صحيفة الشرق الأوسط