لواء “الحزام الأمني”.. سلطة موازية في عاصمة اليمن المؤقتة
ظهر مسمى لواء “الحزام الأمني” إلى العلن في العاصمة المؤقتة عدن لأول مرة مطلع شهر مايو الماضي مدشنا حملة أمنية استمرت أربعة أيام واستهدفت ترحيل أبناء المحافظات الشمالية من المدينة تحت ذريعة عدم حيازتهم لأوراق ثبوتية، يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص:
ظهر مسمى لواء “الحزام الأمني” إلى العلن في العاصمة المؤقتة عدن لأول مرة مطلع شهر مايو الماضي مدشنا حملة أمنية استمرت أربعة أيام واستهدفت ترحيل أبناء المحافظات الشمالية من المدينة تحت ذريعة عدم حيازتهم لأوراق ثبوتية،
ومنذ الوهلة الأولى بدا الحزام الأمني سلطة موازية خارج نطاق السلطة المحلية ووزارة الداخلية في الحكومة الشرعية، وتصدر قائد الحزام “نبيل المشوشي” و “مختار الحكمي” و “منير المشألي” (أبو اليمامة) وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، في حين غاب توصيف الجهة الحكومية التي يخضع لها اللواء.
خصوصا ما إذا علمنا بأن ثلاثتهم كانوا ضمن عناصر الحراك الذين تلقوا تدريبات عسكرية في لبنان على يد خبراء من حزب الله في العام 2011م،و بتنسيق من الشخصية المثيرة للجدل (أبو علي الحضرمي)، بحسب مصادر خاصة لـ(يمن مونيتور).
وكان تقرير حقوقي محلي وثق أكثر من 1200 حالة تهجير قسري طالت مواطنين شماليين غالبيتهم من عمال البناء والباعة المتجولين.
التقرير الصادر عن المبادرة الشبابية لكسر الحصار عن تعز، والتي قالت أن فريقها رصد خلال عمله ونزوله الميداني في منفذ “هيجة العبد” بمدينة التربة -المدخل الجنوبي لمحافظة تعز، (1246) حالة تهجير قسري لمواطنين غالبيتهم العظمى من أبناء محافظة تعز كانوا يقيمون في محافظتي “عدن ولحج” بينهم تجار وأكاديميين وأطباء ونشطاء حقوقيين وإعلاميين وحرفيين وعمال.
وأوضحت المبادرة أن من بين الأعداد التي تمكنت من توثيق حالاتهم والذي بلغ (1246) حالة، هم 1235 رجال، 5 نساء، 6 أطفال، كان بينهم ما نسبته 77% يحملون أوراق إثبات هوية.
ووثقت المبادرة 717 حالة لمواطنين مهجرين كانوا يمتلكون هويات شخصية، و99 آخرين لديهم هويات انتخابية، 49 يمتلكون أرقام جلوس -هويات مدرسية- 21 يحملون جوازات سفر، بالإضافة إلى حالات تحمل بطائق عائلية، تعريفية، جامعية، ضمان، رخصة قيادة، كرت سيارة، شهادة أساسية، عقد زواج، في حين بلغ عدد الأشخاص الذين لا يمتلكون هويات شخصية، 290 حالة.
وقالت المبادرة في مؤتمرها أن عمليات التهجير القسري رافقها سلسلة من الانتهاكات والممارسات القمعية بحق المواطنين الشماليين”، موضحة أن “من تلك الممارسات كان الاعتداء بالضرب والتعذيب والتنكيل وامتهان الكرامة ونهب الممتلكات ومصادرة أبسط الحقوق والحريات وتعطيل مصالح وتدمير أسر بأكملها، سواء في المحافظات المهجر منها أو المهجر إليها، خصوصا بعد فقدان تلك الأسر مصادر دخلها الوحيدة بسبب عملية التهجير”.
أغلب قرارات الحزام الأمني أثارت لغطاً واسعا بين أوساط المجتمع و المثقفين، فمن ترحيل أبناء المحافظات الشمالية إلى منع دخول (القات) إلى مدينة عدن باستثناء يومي الخميس والجمعة، وحتى حملات الاعتقال التي طالت علماء دين ودعاة و أئمة مساجد وقيادات عسكرية و أخرى في المقاومة الجنوبية كان آخرها اعتقال القيادي في المقاومة الشيخ عادل الحسني واقتحام منزل الشهيد علي ناصر هادي قائد المنطقة العسكرية الرابعة السابق واعتقال نجل شقيقه، كان القاسم المشترك هو إدانة السلطات الشرعية لها.
ترحيل المواطنين الشماليين
وعلى الرغم من رفض الرئيس عبدربه منصور هادي ورئيس الحكومة أحمد بن دغر لحملة ترحيل الشماليين والتوجيه بوقفها فوراً، كان الحزام الأمني مستمراً في العملية، ولم يمتدح الحملة سوى وزير الدولة هاني بن بريك قائلا إن الحملة لا تغضب إلا من يريد خلط الحق بالباطل، ويصر قادة الحملة على تبعية لواء الحزام الأمني لقيادة القوات الاماراتية المتواجدة في عدن ضمن قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن.
وكان محافظو إقليم عدن (عدن-لحج-أبين-الضالع) حاولوا التخفيف من وطأة قرار منع دخول القات إلى عدن بتقنين أماكن للبيع على مداخل المدينة إلا إن قوات الحزام الأمني أفشلت القرار،
عمليات المداهمات والاعتقالات التي يقوم بها الحزام الأمني تنفذ دون علم مدير أمن المحافظة، ويؤكد ذلك شهادات متعددة لذوي المعتقلين حين استفسارهم عن مصير أبناءهم لدى مدير الأمن، بنفي اللواء شلال علمه بالمداهمات من أساسها، هذا إذا ما علمنا أن سجن المنصورة المركزي يقع تحت قبضة الحزام أيضا ويخضعون لغرفة عمليات مستقلة عن غرفة عمليات أمن عدن.
تلك الانتهاكات استدعت أواخر مايو الماضي إدانة منظمات المجتمع المدني بعدن واصفة إياها بـ(الخارجة عن إطار القانون).
وحذرت المنظمات في بيانها من تعدد السلطات في المدينة، مشددة على أهمية تحديد مرجعية أمنية وعسكرية يخضع لها الجميع وبما يضع حد لحالات الفوضى منعا لتزايد المخاوف لدى المواطنين، لافتة إلى أن قرار تقنين دخول القات صدر عن جهة ليست ذي صفة قانونية.
بدء مكافحته
أواخر يوليو المنصرم أقر اجتماع في عدن برئاسة نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية اللواء الركن حسين محمد عرب تبعية الحزام الامني لإدارة أمن عدن إلى جانب السجن المركزي بالمنصورة.
القرار أثار تساؤلات عدة حول تبعية الحزام الأمني لوزارة الداخلية وإدارة أمن عدن، ومصير تصريحات سابقة لمحافظ عدن الذي يترأس اللجنة الأمنية عن تبعية الحزام لسلطته، ولماذا تأخر قرار وزير الداخلية إلى هذا التوقيت، ولصالح من يبقى لواء أمني خارج سلطة الجهات الرسمية، كيف يمكن معالجة الانتهاكات الناتجة عن ممارسات الحزام الأمني.
جملة الانتقادات التي طالت الحزام الأمني لم تقف عند هذا الحد حيث وجه القيادي البارز في المقاومة الجنوبية بعدن علي الذيب المعروف بـ(أبي مشعل الكازمي) انتقادات لاذعة خلال ندوة تظمها مركز عدن للبحوث الاسبوع الفائت.
تشكيلة الحزام الأمني
وقال “الكازمي” إن: “قوام 15 % من قوات الحزام الأمني تتشكل من مقاومة عدن لكن الـ85% يتشكل من قوام أشخاص قدموا من محافظات جنوبية أخرى وليسوا جزء من المقاومة الموجودة بعدن”.
منتقداً: ” استقدام جنود من محافظات جنوبية أخرى في حين تم تجاهل المئات من المقاتلين الذين شاركوا في معارك تحرير “عدن” خلال فترة الحرب”.
وأكد الكازمي ان خطة المقاومة تم تجاهلها وجيء لاحقا بقيادات أمنية وعسكرية لا صلة لها بعملية تحرير “عدن” .
محذراً من أن حالة الاهمال التي تعرضت لها المقاومة دفعت ببعض عناصرها للانضمام إلى التنظيمات المتطرفة.
وهو ما استدعى ردا عنيفا من الوزير هاني بن بريك على من وصفهم بـ “المتطاولين على التحالف العربي بعدن وجهاز الحزام الأمني”.
وقال الوزير بن بريك ان الحزام الأمني رجال قادوا حربا ثانية في عدن في وقت تخلى وتراجع غيرهم.
واشار الى ان رجال الحزام حملوا أكفانهم في حرب الغدر والخيانة ولم يجبنوا متسائلا من ” يهاجمهم يخدم من ؟”.
قادوا حرباً ثانية
واضاف في تغريدة اخرى على حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي تويتر: ” التحالف وأمن عدن من يتطاول عليهما لا كرامة له ولو كان أقرب قريب ناهيك عمن كذب وافترى ولفق الأكاذيب لأنه لم يستفد شخصيا من التحالف والحزام.”
لكن التحول الأبرز كان بيان صادر عن المتحدث الرسمي باسم السلطة المحلية بعدن نزار أنور ومدير العلاقات العامة بديوان المحافظة عبدالرحيم العولقي -تلقاه يمن مونيتور- والذي أفصحا خلاله عن عدم رضى لدى السلطة المحلية عن بعض الاجراءات الامنية التي يقوم بها جهاز الحزام الامني في المدينة والتي من بينها تنفيذ حملة اعتقالات، قال المتحدث ان بعضها طال شباب ليس لهم أي صلة بالجماعات المسلحة.
وتمنى البيان ان لا تستغل هذه الحملة الأمنية استغلالا سيئا بغرض تحقيق مكاسب و أمجاد شخصية و وهمية لصالح أفراد أو جماعات على حساب الأبرياء من أبناء و شباب العاصمة عدن.
البيان لفت الأنظار حول مدى عمق الانقسام الذي سببته ممارسات الحزام الأمني و استدعى مسارعة مكتب المحافظ الزبيدي إلى نفي صلته به و وصفه بـ(وجهة نظر شخصية)،
وقدر بيان المحافظ الزبيدي – تلقاه يمن مونيتور- جهود قوات الحزم الامني ، داعيا إلى مواصلة جهودها والحرص على اصلاح أي مكامن للخلل قد تعتري هذا الاداء ان وجدت”.
وبحسب مراقبون فإن التحدي الأبرز يبقى في قدرة السلطة الشرعية على احكام السيطرة على كافة الوحدات العسكرية و الأمنية التابعة لها، وهو ماي شكل حجر الزاوية، وذلك من خلال اجراءات مالية وإدارية تعزز حضورها في وجه المليشيات وفوضى السلاح وامراء الحرب،
وهو ما لا يمكن تحقيقه بدون اسناد ودعم من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية يقوي مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية ويسد الفراغ الموجود، وهو ما يتيح الفرصة أمام ظهور مليشيات تمتلك السلاح خارج إطار سلطة الدولة.