حذرت كل من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، ومنظمة “إنقاذ الطفولة” من سوء أوضاع التعليم في اليمن، وقالت إنه على “حافة الانهيار”، مقدرة وجود 2.7 مليون طفل غير ملتحقين بالمدارس.
وأوضحت “يونيسف” أن هناك “نحو 2700 مدرسة تعرضت للدمار أو الضرر”، بينما تحدثت “إنقاذ الطفولة” عن “أكثر من ثمانية ملايين طفل يمني يمثلون نحو 80 في المائة من الأطفال في سن المدرسة يحتاجون إلى مساعدة تعليمية”، قائلة إن “معدّل تسرّب الأطفال من المدارس يُنذر بالخطر، كما يتجه الكثير من هؤلاء الأطفال إلى الزواج المبكر للإناث، ونحو جبهات القتال أو سوق العمل للفتيان”.
وزادت أعداد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس بنسبة 120 في المائة منذ عام 2015، عندما كان عدد الأطفال يقارب 900 ألف، بينما تتحدث أرقام محلية عما يقارب ثلاثة ملايين طفل متسرب حالياً. ونظراً إلى أن 70 في المائة من سكان البلاد يقيمون في المناطق الشمالية التي يسيطر عليها الحوثيون، يُعتبر وقع المأساة هناك أكبر، وذكر الحوثيون أنفسهم أن نحو 400 ألف طفل يضافون سنوياً إلى قائمة الأميين.
وتنطبق الحاجة إلى المساعدة التعليمية على جميع المدارس في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، وتلك التي يتولى شؤونها الحوثيون، فوزارة التربية والتعليم منقسمة، ما يجعل الطلاب عرضةً للتأثر بحملات التجنيد السياسي التي يقوم بها الطرفان. وعلى الرغم من الواقع الذي تعيشه الوزارة، فإنها تدّعي الإشراف على القطاع التعليمي في جميع المحافظات. لكن الواقع على الأرض ينقل صورة مغايرة تماماً، فمعلمو المدارس العامة لم يتقاضوا رواتبهم منذ فترات طويلة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
ويؤكد الواقع الفعلي انهيار التعليم في اليمن بمفهومه التقليدي في الشمال والجنوب على حد سواء، حيث يتبارى الفريقان المتنازعان في ترفيع الطلاب من دون امتلاكهم الحد الأدنى من المهارات والمؤهلات المطلوبة، والنتيجة أنهم ينتقلون من مرحلة إلى أخرى من دون أن يمتلكوا المقومات، ما يجعلهم أميين يحملون شهادات مدرسية.
وخلال سنوات القتال والانقسام أحكم الحوثيون قبضتهم على المدارس العامة الواقعة في نطاق سيطرتهم، لكن قبضتهم تظل أشد على المدارس التابعة لهم، حيث يبدأ اليوم الدراسي في تلك المدارس بترديد شعارات الحوثيين، وجرى حظر الاختلاط بين الجنسين ومنع الحفلات المدرسية فيها، واستبدال الأغاني والموسيقى بالأناشيد والترانيم الدينية، كما تستقبل تلك المدارس المسؤولين الحوثيين بشكل منتظم لإلقاء المحاضرات حول “الجهاد” الذي يمارسونه ضد معارضيهم.
إلا أن الكارثة التعليمية في اليمن تتكامل عند النظر إلى أوضاع المعلمين الذين لم يتعرّضوا لعنف وإرهاب الفصائل المسلحة فقط، بل يعانون من عدم انتظام دفع رواتبهم، وهو ما وصفته “يونيسف” بأنه “أحد أكبر التحديات” التي تواجه قطاع التعليم، والتي تدفع عدداً متزايداً منهم إلى ترك مهنة التدريس والبحث عن أي عمل يدر عليهم دخلاً، ما يعرض نحو أربعة ملايين طفل لخطر الحرمان من فرصة التعليم.
وتراوح المدد الزمنية التي لم يتقاض فيها المعلمون أجورهم بين 11 شهراً وأربع سنوات، وتتفاقم المعضلة في ظل تعذر استبدالهم بالنظر إلى غياب المؤهلين للقيام بهذا العمل في ظل تردي أوضاع الجامعات ومعاهد المعلمين وغياب دورات التأهيل التربوي.