في يومها العالمي… كيف أصبحت الصحافة في اليمن خطرا على أصحابها؟
يمن مونيتور/ إفتخار عبده
يحتفي العالم في الثالث من مايو/ أيار من كل عام باليوم العالمي لحرية الصحافة، وتأتي هذه المناسبة في الوقت الذي تعيش فيه الصحافة في اليمن أوضاعا مأساوية في ظل قمع الحريات، والاستهداف الممنهج للصحافيين، وحرمان أكثرهم من وظائفهم.
وتعد شريحة الصحافيين الأكثر تضررا من الحرب الدائرة في اليمن ومن أطراف النزاع؛ إذ تعرض الكثير منهم للاغتيال والقتل المباشر والاختطاف والإخفاء القسري، بالإضافة إلى إغلاق ومصادرة الكثير من الوسائل التي يعملون فيها.
ورصدت نقابة الصحافيين اليمنيين “17 حالة انتهاك طالت الحريات الإعلامية في البلاد بالأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، تنوعت بين حجز الحرية والاعتداء على الصحفيين والمؤسسات الصحفية، ثم التهديد والتحريض على الصحفيين والمصادرة والمنع والإيقاف والمحاكمات والاستدعاء والترحيل القسري”.
وقالت النقابة في بيان لها إن “جماعة الحوثي ارتكبت 5 حالات انتهاك طالت الصحفيين خلال الربع الأول، تتساوى في ذلك مع الحكومة الشرعية التي ارتكبت هي أيضا 5 حالات، ثم المجلس الانتقالي الجنوبي 3 حالات”.
وأوضحت “حجز الحرية تنوع بين حالتي اعتقال بنسبة 50 % من إجمالي حجز الحرية وحالة ملاحقة بنسبة 25 % وحالة اختطاف بنسبة 25 %، وأنه لا يزال 6 صحفيين معتقلين لدى أطراف مختلفة، منهم 3 في معتقلات جماعة الحوثي، وصحفيان اثنان لدى المجلس الانتقالي بعدن، وصحفي مخف قسرا لدى تنظيم القاعدة بحضرموت منذ عام 2015”.
وبهذه المناسبة طالبت نقابة الصحفيين بالإفراج الفوري عن جميع المختطفين، وتحمل جماعة الحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي مسؤولية التعنت وعدم الاستجابة للمطالب الحقوقية والنقابية المحلية والعربية والدولية بالإفراج عن الصحافيين والكف عن التعامل مع الصحافيين بالقسوة والعدوانية.
مرحلة حرجة
من جهتها قالت منظمة “مساواة للحقوق والحريات” في بيان لها بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة “تشير الإحصائيات والأرقام الموثقة لدينا أن الصحافة في اليمن تمر بمرحلة حرجة، وأن الصحافيين اليمنيين يعملون في ظروف بالغة الخطورة والتعقيد، ويواجهون تحديات غير مسبوقة ويزداد وضعهم سوءا عاما بعد عام على مختلف الأصعدة”.
وتعد اليمن من أخطر البيئات بالنسبة للصحافيين، سواء كانوا في مناطق الحوثيين أو الحكومة الشرعية غير أن مناطق الحوثيين ليست صالحة على الإطلاق لحياة الصحافيين فيها، خاصة الذين لا يتفقون معها.
بهذا الشأن يقول حمزة الجبيحي (صحافي محرر من سجون مليشيا الحوثي) “اليمن بيئة حرب، والصحافي فيها مهدد بمخاطر كثيرة كالاغتيال والاختطاف والإخفاء القسري وخصوصا في مناطق مليشيا الحوثي التي لا تؤمن بحرية الرأي والرأي الآخر، وإنما تؤمن بالعبودية والتسليم للكهنوت بشتى أنواعه تسليما مطلقا”.
وأضاف الجبيحي ل “يمن مونيتور” الصحافيون هم أخطر ما في المشهد بالنسبة للعصابات كالحوثيين؛ ففي نهاية 2015 صرح عبد الملك الحوثي في خطاب له بأن الصحافيين والناشطين يشكلون عليهم خطرا أكبر من خطر الذين يقاتلون في الجبهات وبالتالي فهناك صحافيون في السجون يعيشون الأمرين “.
وأردف” لقد عشت تجربة السجن لدى مليشيا الحوثي لأكثر من خمس سنوات، وقد كنا نحن الصحافيون نلاقي أصنافا من التعذيب الجسدي والنفسي وتعذيب من كل الجوانب كما كان يلقاه أمثالنا من المسجونين غير أن المليشيات تركز بشكل كبير على الصحافيين وصناع الرأي والرأي الجماهيري “.
وتابع” من مخاطر العمل الصحفي في اليمن وخاصة في مناطق مليشيا الحوثي، فالدليل على أن الصحافي في مناطق مليشيا الحوثي يعيش خطر كبير هو أنه لا يوجد هناك مراسلون للقنوات الكبيرة والقنوات المعروفة بشتى توجهاتها، بينما في مناطق الشرعية هناك مراسلون لجميع القنوات سواء كانت مشجعة للشرعية أو غير مشجعة لها بينما لا يوجد مراسلا أو ممثلا لأي قناة عربية مناوئة للحوثيين في مناطقهم؛ لأنهم يعملون على مبدأ من ليس معي فهو ضدي “.
وواصل” ندعو كافة المعنيين في القيادة السياسية والحكومة الشرعية والمختصين بقضية أسر المعتقلين بسرعة عقد جولة مفاوضات وإلزام الحوثيين على استجابتها فهي المعرقلة كالعادة والتفاوض في هذا الملف الإنساني وإغلاقه في اقرب وقت.
مهنة المهالك
في السياق ذاته يقول الصحافي أحمد عايض (رئيس تحرير موقع مأرب برس) “الصحافة في اليمن باتت من أكثر المهن خطورة على مزاوليها بشكل عام، فالصحافة سابقا كانت تسمى مهنة المتاعب وقد أصبحت اليوم مهنة المهالك”
وأضاف عايض ل “يمن مونيتور” رأينا الكثير من الصحافيين ممن تواروا جملة وتفصيلا عن المشهد الإعلامي بشكل كبير، خاصة في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية نظرا لعملية القمع الممنهج التي طالت هؤلاء الصحافيين وانكفوا على ذواتهم والبعض منهم بحثوا عن أعمال أخرى يمارسونها وبعضهم باتوا يعملون في مهنة الصحافة لكنهم يعملون من داخل بيوتهم لجهات مجهولة ويعملون عمليات مراسلات لجهات أخرى مشفرة؛ لكي لا يتم كشفهم “.
وتابع” أما في مناطق الشرعية فالوضع قد يكون أخف بكثير مما هو عليه في مناطق المليشيات الحوثية ، لكن هناك انتكاسة لوضع الصحافة في اليمن، فالغالبية العظمى، إن لم نقل كل الصحافة الرسمية والحزبية والمستقلة وإعلام الأفراد تعرض لنكبات كبيرة؛ فهناك مؤسسات صحفية خسرت بها المليارات وهناك عشرات الملايين وكل على قدر الخسائر “.
وواصل” لم تعد وسائل الإعلام بذلك الزخم؛ أن تجد مكاتب بموظفيها وجميع أمورها، إلا مواقع محدودة ونادرة تعود بالأصابع، وربما بعض منها مواقع جديدة وحديثة، في حين المواقع العريقة والكبيرة اكتفت على أنها تتموضع عبر لقاءات إلكترونية وإدارة عامة في عدة محافظات داخل اليمن أو خارجه “.
واختتم” الصحافة اليمنية أصبحت مهترئة في مكونها الصفوفي أو مهترئة في مكونها اللقاءاتي ؛ بمعنى أنها أصبحت مشتتة، لم يعد هناك دسك من الصحفي يجمعهم صالة اجتماعات أو غيرها فنكبة الحوثيين أفرزت وضعا مأساويا على الصحافة بشكل عام “.
من جهته يقول نجيب الشغدري (صحافي وباحث ميداني في حقوق الإنسان- الأمين العام لمنظمة مساواة للحقوق والحريات)” في اليوم العالمي لحرية الصحافة، نوجه رسالة قوية من اليمن للعالم بأن: الصحافة أصبحت العدو الأول لكل أطراف الصراع في البلاد؛ فالصحافيون الذين يسعون فقط لكشف الحقيقة ومشاركة المعلومات مع الجمهور، يتعرضون للقتل والاعتقال والتعذيب بشكل ممنهج “.
وأضاف” منذ انقلاب مليشيا الحوثي على العاصمة صنعاء في أواخر عام 2014، قتل أكثر من 30 صحفيا ومراسلا يمنيا أثناء تغطيتهم للأحداث؛ غالبية هؤلاء الصحفيين قتلوا برصاص قوات مسلحي الحوثيين، الذين يعتبرون الصحافيين أعداء لهم “.
وأردف” صرح زعيم الحوثيين علنا بأن الصحافيين “أخطر فئة في المجتمع” ويجب “التصدي لهم بكل قوة”. وقد تمت ترجمة هذه التصريحات إلى واقع ملموس من خلال جرائم مروعة ارتكبت ضد الصحافة اليمنية “.
وتابع” عمل الحوثيون بحق الصحافيين على القتل والاعتقال والإصابة والتعذيب والتهجير والنفي ونهب ومصادرة وإغلاق العديد من المؤسسات الإعلامية اليمنية ونهبها من قبل الحوثيين، بما في ذلك أكثر من 100 صحيفة يومية وأسبوعية وشهرية، نهبت مقراتها وأغلقت بشكل كلي “.
وأشار إلى أن” هذه الانتهاكات الصارخة لحرية الصحافة تمثل تهديدا خطيرا لحقوق الإنسان في اليمن، وتعيق بشكل كبير قدرة الشعب اليمني على الحصول على المعلومات “.
وأكد” بهذا اليوم العالمي للصحافة، نطالب المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات حاسمة لحماية الصحافيين في اليمن وإنهاء هذه الجرائم ضد حرية التعبير “.
وشدد الشغدري على ضرورة” الإفراج الفوري عن جميع الصحافيين المعتقلين في اليمن ووقف جميع أشكال المضايقات والترهيب ضد الصحافيين كما نطالب بمحاسبة جميع الجهات المسؤولة عن الجرائم ضد الصحافيين في اليمن.
ووجه الشغدري رسالة لجميع الأطراف، بأن “الصحافة ليست عدوا، بل هي ركيزة أساسية لأي مجتمع ديمقراطي، وقد حان الوقت للجميع لوضع حد لهذه الجرائم ضد الصحافيين في اليمن وضمان حصول الشعب اليمني على الحق في حرية التعبير، خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين التي تشهد فيه الصحافة والصحافيين استهدافا ممنهج ومروعا”
صورة سوداوية
بدوره يصف الصحافي، أمين دبوان وضع الصحافة باليمن ب “الصورة السوداوية”.
ويقول دبوان: “منذ الانقلاب الحوثي على مؤسسات الدولة، أسكتت كل الأقلام الحرة، ولم يعد في مناطق سيطرتها أي وسيلة إعلامية معارضة”.
– وأضاف ل “يمن مونيتور” اختطفت مليشيا الحوثي الصحافيين ونكلت بهم بطرق مختلفة فمنهم من خرج من السجن بعد سنوات عصيبة كما هو حال عبد الخالق عمران وزملائه ومنهم من قتلته برصاصاتها كما فعلت مع أحمد الشيباني ومحمد القدسي في تعز وآخرون قتلتهم كدروع بشرية كما فعلت بعبد الله قابل، ويوسف العيزري في محافظة ذمار “.
وأردف” الحوثية وصلت بها الحال لملاحقة المنشورات والتغريدات المعارضة، إنها بحث مرحلة معقدة من الإجرام والخناق للكلمة والقلم، ومحاولة منها لإخفاء جرائمها بحق الشعب اليمني ككل “.
وأشار دبوان إلى أن” هناك إحصائيات مخيفة للانتهاكات التي ترتكبها الجماعة المنقلبة على الدولة تستحق الملاحقة القانونية الدولية وتلك جرائم لا تسقط بالتقادم…