الحسم العسكري.. خيار ما بعد انهيار المشاورات اليمنية
بإعلان الوفد الحكومي اليمني في المشاورات، اليوم الإثنين، قرار مغادرة الكويت بعد توقيعه الرؤية الأممية للحل، تدلف الجمهورية الفقيرة فصلاً جديداً، تتضاءل معه فرص الحل السلمي، وترتفع أسهم الحسم العسكري. يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص
بإعلان الوفد الحكومي اليمني في المشاورات، اليوم الإثنين، قرار مغادرة الكويت بعد توقيعه الرؤية الأممية للحل، تدلف الجمهورية الفقيرة فصلاً جديداً، تتضاءل معه فرص الحل السلمي، وترتفع أسهم الحسم العسكري، في ظل تحشيد غير مسبوق من الطرفين.
عجزن مشاورات الكويت بجولتيها التي استمرت أكثر من ثلاثة أشهر، عن الوصول لاتفاق أو حتى مجرد “تفاهمات”، فما إن يتم طرح رؤية أممية ترتكز على القرار الأممي 2216 الذي يقضي بانسحاب مسلحي الحوثي من المدن وتسليم السلاح وعودة الشرعية، حتى يلوّح الحوثي بالرفض، معلنين تمسكهم بخيار “الشراكة” في حكومة وحدة وطنية قبل الشروع في تنفيذ النقاط السابقة لذلك والمتمثلة في الانسحاب وتسليم السلاح.
هذا التعثر الذي اتسمت به جولتا المشاورات انعكس على الأرض، فكل طرف يعد عدته، ترقباً لانهيار المشاورات، ومن ثمّ اللجوء للحسم العسكري.
أدرك الحوثيون وحليفهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح أن مسار المشاورات ليس في صالحهما، فبادرا إلى تشكيل “مجلس سياسي” لـ”إدارة البلاد”، مناصفة بينهما، بدا واضحاً أن الهدف منه هو كان تحسين شروط التفاوض، لكن الحكومة اليمنية استطاعت توظيفه توظيفاً مغايراً باعتباره دليلاً على استهتار الحوثي و”صالح” بالمشاورات، وبقرارات الأمم المتحدة و”انقلاب جديد” ينسف العملية السلمية برمتها.
على أنه، حتى اليوم الاثنين، لا يمكن التكهن بأن مسار السلام انهار تماماً، طالما وهناك محاولات حثيثة يبذلها المبعوث الأممي لليمن “إسماعيل ولد الشيخ أحمد”، وكذا حركة نشطة للديبلوماسية الخليجية، لردم الهوة بين طرفي المشاورات.
“ولد الشيخ”، قال في بيان صحفي، اليوم الإثنين، إن مغادرة وفد الحكومة اليمنية للكويت، “لا تعني مغادرة مشاورات السلام”، مشيرا إلى أنه متفق مع الأطراف على استمرار تلك المشاورات.
وذكر ولد الشيخ، أن الأمم المتحدة سوف تقيّم في الأيام المقبلة “آلية العمل”، وستعقد اجتماعات مكثفة مع وفد الحوثيين وحزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
وزير الخارجية اليمني، ورئيس وفد الحكومة التفاوضي قال صراحة إنهم “ما يزالون يتمسكون بخيار المشاورات، وأنهم وقعوا الرؤية الأممية، وأن موعد التمديد إلى الـ7 من أغسطس/ آب الجاري ما يزال قائماً، أي أن هناك فرص للحل فيما إذا قبل الحوثيون وجناح صالح في حزب المؤتمر الشعبي العام برؤية “ولد الشيخ”.
على الأرض، ما تزال المعارك تدور رحاها في مديرية “نهم”، شرقي العاصمة صنعاء، مع غطاء جوي كثيف لطيران التحالف العربي الذي يستهدف مواقع وتعزيزات عسكرية، غالباً تكون قادمة من صنعاء.
وعلى الشريط الحدودي بين اليمن والسعودية، تزداد وتيرة المعارك هناك، ويسقط بشكل شبه يومي العشرات من القتلى بين الطرفين، في ظل تحشيد يقوم به الحوثيون لأنصارهم في جبهات الحدود مع المملكة، وهو ربما ما سيزيد المملكة إصراراً على حسم الأمور بأي خيار كان.
وأمس الأحد، قال المتحدث باسم التحالف العربي العميد أحمد عسيري، إن حملات التحالف ستستمر حتى ينتهي الانقلاب على “الشرعية” في اليمن، مؤكداً ضرورة أن “يحدد المجتمع الدولي مصير مشاورات الكويت بعد مماطلة الانقلابيين”، وهو يلمح هنا إلى ما يشبه الحسم العسكري فيما إذا وصلت المشاورات إلى طريق مسدود.
وكان الجيش اليمني الموالي للحكومة الشرعية، أعلن أمس الأول السبت، جاهزيته لاستعادة الدولة وتحرير العاصمة صنعاء ومختلف المحافظات من “الانقلابيين”، رداً على تشكيل الحوثيين و”صالح” مجلس سياسي أعلى.
ودعا الجيش الوطني، في بيان صحفي، نشرته وكالة سبأ الرسمية، المجتمع الدولي إلى “إسناد واضح وقوي لليمنيين وجيشهم” بما يحقق تطبيق قرارات الإجماع الدولي على الأرض ومنها القرار 2216.
وذكر الجيش، في بيان صحفي، أن قيادته وكافة منتسبيه في كامل الجاهزية والاستعداد، و”ينتظرون الأوامر والتوجيهات من القيادة السياسية والعسكرية بقيادة القائد الأعلى للقوات المسلحة”، وسيستردون الدولة اليمنية على كامل التراب الوطني، داعياً اليمنيين إلى “التلاحم مع قواته في مختلف المحافظات و”الوقوف صفاً واحداً لتحقيق حلم الدولة الاتحادية ودحر فوضى المليشيات والعصابات الإرهابية”.
وقال البيان “إن الانقلابيين يُثبتون يوماً بعد آخر بأنهم ليسوا مع خيار السلم والسلام مطلقاً، مبينا أن عددا من محافظات اليمن ومنها تعز ومأرب والجوف وشبوة والبيضاء والضالع ولحج، شهدت مزيداً من التصعيد من قِبَلهم واستهداف المدنيين العزل وفتح جبهات جديدة”.
وأشار إلى “أنهم طوال فترة التهدئة لم يُبدون أية نوايا حسنة ولم يُلقوا اعتباراً لاتفاقات وقف إطلاق النار وتعمدوا نقضها والتنصل عنها ومن بينها نكثهم للاتفاق الذي وقعوه مع السعودية بشأن التزام الهدنة على الحدود وذلك تأكيد إضافي عن عدم رغبة وجدية المليشيات بالانصياع للقرارات الدولية وتنفيذها لأجندات خارجية تهدف لزعزعة الأمن القومي العربي من داخل الأراضي اليمنية”.
استطاع وفد الحكومة قلب الطاولة على وفد الحوثي/ صالح، واتجهت الأنظار إلى الأخيرين باعتبارهم طرفاً معرقلاً للمسار السلمي، فيما لو تمسكوا بخيار عدم التوقيع على الرؤية الأممية.
وبالطبع، سيبذل المبعوث الأممي جهوداً في سبيل ردم الهوة السحيقة بين أطراف الحوار، وهي مهمة صعبة، لكن المنظمة الدولية تحاول الا تفشل في مهمة وقف الحرب وإحلال السلام في بلد تعصف به الحرب منذ عام ونصف تقريباً.