كتابات خاصة

“صالح” واستغلال صعدة

محمد اليحصبي

 تمكن علي عبدالله صالح خلال الفترة الماضية وتحديدا في حروب صعدة الست من ضرب الزيدية الدينية “المذهب”، بالزيدية الاجتماعية (القبيلة)، وخصوصا في شمال الشمال، الأمر الذي نتج عنه شرخا يصعب أن يلتئم. تمكن علي عبدالله صالح خلال الفترة الماضية وتحديدا في حروب صعدة الست من ضرب الزيدية الدينية “المذهب”، بالزيدية الاجتماعية (القبيلة)، وخصوصا في شمال الشمال، الأمر الذي نتج عنه شرخا يصعب أن يلتئم، وهو في الحقيقة شرخ قديم برز في ثورة سبتمبر بين حاشد والإمامة.
أيضا استطاع طيلة الفترات الماضية أن يقسم حاشد، ويتحالف مع عدد من مشائخ القبائل، ويربطهم بشبكة المصالح التابعة له ولعائلته.
ولما كان الشيخ عبد الله معارضاً لحرب صعدة في بدايتها 2004م، ومتذمراً منها فقد استغل الرئيس غيابه للعلاج في السعودية ودفع ابنه حسين، أن يقوم بتجنيد جيش قبلي من حاشد ويرسله إلى مران، وصل جيش حاشد المكون من ألفي مقاتل إلى الجبهة وخسر في أول معركة 53 قتيلاً وعاد معظم الناجين ادراجهم. دخول حاشد المعركة استفز قبائل خولان بن عامر ووسع إطار المعركة وأطال أمدها، وهكذا تحقق هدف الرئيس بخلق ثار بين حاشد وخولان بن عامر.
لم تكن حاشد هي الوحيدة التي زج بها في حروب صعدة، فقد أقحم معظم قبائل اليمن في المعركة، من أبين ومن شبوه ومن مأرب ومن البيضاء ومن بكيل وأتت قوافل المتطوعين من الجيوش القبلية، لتأكل الأخضر واليابس، ثم بعد أن عادت الجنائز إلى كل قبيلة.
أعلن صالح بعدها انتهاء الحرب العفو العام وأمر بتعويض المتضررين من الحرب (ولم يأمر بتعويض أسر شهداء الجيش).
في يوم العيد الذي تلا نهاية الحرب استقبل الرئيس كعادته جموع المعيدين في القصر الجمهوري ونقل تلفاز صنعاء الحدث على الهواء. لاحظ المشاهدون حضور معظم وجهاء الهاشميين ولاحظوا حفاوة الرئيس بهم علق أحد المشاهدين أنه لم يرى ذلك العدد من العمائم في مكان واحد من قبل.
فقد تصالح الرئيس مع الهاشميين وعادت الأمور إلى مجاريها.
 وخلال الحرب وبعدها، حرص الحوثيون على تأكيد ولائهم للرئيس وحصر عدائهم في شخص على محسن. كما أظهرت الصحف المحسوبة على الحوثيين نفس التوجه، لا شك أن ذلك أدى إلى توجس علي محسن من هذا التصالح الذي تركه لوحده في العراء وأعطي الحرية لأحمد علي والكتلة الهاشمية القوية أن يقلموا اظفاره ويقصقصوا أياديه في الدولة والجيش.
 كان محور عمران في السابق هو الحاسم في شأن سلطة الإمامة حينما كانت حاشد وبكيل هما الجناحان، بينما الآن الوضع اختلف منذ ثورة سبتمبر إذ لم تعد خاضعة لصعود إمام على الطريقة القديمة، فقد اختلف الوضع كثيرا، إلا أن هذه المناطق وقبائلها، والقبل الأخرى المحيطة بصنعاء ما زالت تلعب دورا قويا في استقرار وحسم السلطة وليس الدولة، وصالح من أجل توريث السلطة لولده لابد أن يرتكز على قاعدتين الاولى عسكرية قبلية، والثانية دينية مذهبية، والثالثة عبر شبكات رأس المال والبيروقراطية الإدارية التي نمت في عهده وارتبطت به وبأسرته.
ويظهر فيما بعد أن التحالف الذي جرى بين صالح والحوثيين قام على أساس أن تصبح الزيدية الدينية حليفة له ولولده الذي يسيطر على أهم وأقوى وحدات الجيش من أجل توريثه السلطة والحكم، خصوصا بعد أن أنهك قوات المنطقة الشمالية الغربية التي تخضع لقيادة علي محسن خلال الحروب في صعدة.
وما ظهر على الواقع اليوم هو أن سنحان الخاضعة لصالح باتت بما تمثله من ثقل داخل الجيش، وجماعة الحوثي وما باتت تعبر عنه مذهبيا ودينيا فإنه كان يعدها لتصبح هي القاعدة التي يستند عليها في التوريث لنجله.
ففي الجيش وسنحان والقبائل المحيطة والقريبة منها وحولها مثل الحدا وانس وجهران، وفي المذهب الزيدي، فالأول حلف يواجه به التحالفات الاجتماعية والعسكرية، والثاني ذراعه لمواجهة حزب الإصلاح..
وبذلك تمكن صالح من ضرب الكتلة القبلية وانهاكها في أعالي الشمال، واستحوذ على المذهب الديني والتحالف مع الهاشميين، وذلك من أجل استخدامهم في أي معركة مقبلة.
وكما يبدو ان هناك مشهدا جديدا يتم تدشينه في اليمن، من أبرز تفاصيله هو الدمج بين مجموعتين وقوتين الأولى تجمع عسكري تجمعه المصالح وروابط القبيلة، والثانية مليشاوية دينية ذات جذور سلالية تابعة للحوثي ومتحالفة مع صالح، ويظهر من أبعادها أن صالح لكي يعوض عن العراق ويتخلص من أي ضغوط خليجية مستقبلا وتحديدا من السعودية قد مد حبال خفية مع إيران، بينما تظهر الرمزيات التي يرفعها الحوثي من رفع لشعار الثورة الخمينية، والاحتفالات التي تحييها جماعته كلها ذات علاقة وشيجة مع احتفالات الاثنى عشرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى