لم يكن الطفل علي عبده علي البوكري يعلم مُسبقاً بأن بقاءه في عزلته البوكرة إحدى عزل مديرية الوازعية خطراً عليه كما هو الحال على كل من لم يفكر بالنزوح والهرب من بطش الحوثيين مع سيطرتهم على الوازعية.
يمن مونيتور/ تعز/
لم يكن الطفل علي عبده علي البوكري يعلم مُسبقاً بأن بقاءه في عزلته البوكرة إحدى عزل مديرية الوازعية خطراً عليه كما هو الحال على كل من لم يفكر بالنزوح والهرب من بطش الحوثيين مع سيطرتهم على الوازعية.
السبت الماضي 23من شهر يوليو الجاري زفت أسرة الطفل علي البوكري _ذو الخمس عشر ربيعاً_صغيرها إلى مقبرة القرية التي يتزاحم فيها الشهداء الذين سقطوا بآلة الحرب الحوثية كغيره من أبناء الوازعية الذين كتب لهم سجلات الموت قدرهم المحتوف مُسبقاً في ظل جرائم حوثية تندى لها الجبين.
الجرائم ضد الأطفال
دأبت جماعة الحوثي فور استيلائها على مديرية الوازعية بتاريخ 28/9/2015م على ارتكاب أفظع الجرائم ضد المواطنين العُزل بمختلف أنحاء المديرية طيلة فترة بقاءها إلى أنهم سرعان ما اخرجوا منها من خلال عملية التحرير بتاريخ 16/11/2015م ؛ حيث حكم الحوثيون الوازعية _حينها_ أربع أشهر ؛ مارسوا خلالها أبشع الجرائم ؛ إلا أنه وبسبب التعزيزات الضخمة عاودت مليشيات الحوثي احتلالها للوازعية مرة أخرى _أي_ بتاريخ 29/3/2016م واستمرا هذه المرة بالسيطرة حتى الآن.
هذا ومارست جماعة الحوثي بغزوها الثاني جرائم لا تقل بشاعة عن جرائم إيران التي تمارسها ضد الشعب السوري الأعزل حسب المواطن أحمد الضرافي الذي فقد طفله البالغ من العمر سبع سنوات بلغمٍ أرضي زرعته المليشيات بعزلة الضريفة.
ومن الغريب أيضاً أن الحوثيين انتهجوا في فترة استيلائهم الثانية على الوازعية على سياسة البطش مما ألقى بضلاله سلباً على استمرار الحياة في مديرية ذنبها أنها كفرت بدين الحوثيين حسب مواطنون.
هذا وبعد شهر فقط من سيطرة الحوثيين الثانية على المديرية سجلت منظمة العدالة والإنصاف للتنمية وحقوق الإنسان بمحافظة تعز أبرز الانتهاكات التي مارستها جماعة الحوثي ضد الأهالي ؛ حيث ذكرت في تقريرها الصادر بتاريخ 12/4/2016م بأن عدد القتلى تجاوز الـ100 من المدنيين وجرح 300 من خلال مهاجمة أكثر من (28) قرية من قرى الوازعية ؛ وأقدمت جماعة الحوثي على اقتحام 30 منزلاً ونهبت محتوياتها.
الناشط عادل عبده غالب بدوره؛ يناشد المنظمات المحلية والخارجية إلى سرعة إنقاذ الوازعية ؛ داعياً في الوقت ذاته الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والتحالف العربي إلى سرعة تحرير الوازعية لإنقاذها من شنآن الحوثيين.
الوازعية منطقة منكوبة
وذكرت المنظمة في تقريرها بأن عدد المشردين قسراً من منازلهم تجاوز الـ(5)ألف (خمسة ألف أسرة وعدد المواطنين المهجرين بلغ (35) ألف (خمسة وثلاثون ألف أسرة بينهم نساء وأطفال وكبار سن.
وبحسب مصدر محلي في الوازعية ؛ أكد على أن أكثر من 95% من السكان هاجروا من قراهم عنوة إلى المديريات المجاورة كالمضاربة ورأس العارة وبني عمر والحجرية والشمايتين والجراحي وعدن ويعيشون أوضاعاً مزرية بسبب النزوح.
وبرغم من إيراد منظمة العدالة والإنصاف لحقوق الإنسان بأن عدد المشردين بلغ أربعين ألف بعد شهر واحد فقط من غزو الحوثيين للوازعية ؛ ومع مرور ثلاثة أشهر للبيان ؛ يرجح أحد المسئولين في الوازعية والذي فضل عدم ذكر اسمه بأن العدد أخذ في الارتفاع ليبلغ خمسين ألف وأن من يسكن الوازعية _هذه الأيام_ هم كبار السن وشيء من السكان قليل.
بدورها ضغط جماعة الحوثي على مدير مديرية الوازعية _وهو أحد أتباعهم_ على إعادة أبناء الوازعية إلى المديرية بعد أن أضحت قراها فارغة من السكان بشكل كلي مما عرضّ هذا الأمر متحوثي المديرية إلى “إحراجهم” في وقت يوصل فيها مدير المديرية” منصر المشولي” وعدد من أدوات الحوثي المحلية كعبد الجبار عبده المشولي والشيخ عبدالله سلطان بجاش وعبد الجبار عائض رباش سعيهم المستميت إلى إعادة النازحين مقابل وعود حوثية بعدم إيذائهم وهذا ما يرفضه الأهالي قبل انسحاب للمليشيات من المديرية.
مصادر محلية قالت بإن: منطقة الشقيراء والحمراء ونوبة طه والغيل والبوكرة وقناهو والعقيدة والغويقة وقرية المحكمة والقشعة والمهجم والطور والضريفة وكثير من المناطق أضحت خاوية على عروشها من السكان بسبب ما تقوم به المليشيات يومياً من قتل وأسر واختطاف ضد المواطنين مما أجبرهم على النزوح وترك قراهم خلفهم.
مواطنون أكدوا ؛: على أنهم تركوا أمتعتهم وقوتهم الضروري خلف أبواب بيوتهم الموصدة والنجاة بأرواحهم خشية بطش الحوثيين ؛ وأن من ضمن ما تركوه عدد كبير من قطيع الماشية التي يقتاتون منها ؛ تركوها خلفهم ولا يعلم أحد مصيرها مرجحين موتها بسبب نزوحهم وتركها في العراء وتعد الأغنام وتربيتها المصدر الوحيد لأبناء الوازعية والذين يغلب عليهم طابع الفقر المدقع إلا أن الحرب زادتهم أكثر فقراً.
أطفال الوازعية المنسيون
بلهجة محلية وبصوتٍ يخالطه الحسرة يذهب أحد المعلمين بقوله: إنه أضحى شريد بأحد المديريات المجاورة يكابد قسوة الحياة ويحاول جاهداً أن يصنع البسمة لأطفاله الثمانية الذين أجبرتهم الحرب على مغادرة منزلهم المنيف في عزلة البوكرة ؛ سارداً: ؛ مأساته التي هي واحدة من مآسي الألالف من أبناء الوازعية.
يقول المعلم والذي تحفظ على ذكر اسمه خشية انتقام الحوثيين الذين يرصدون من يعارضهم خاصة من يمت بصلة لمكتب التربية والتعليم في المديرية ويسارعون إلى إيقاف راتبه الشهري والتي دأبوا على ممارستها ضد كل من رفض العودة إلى الوازعية منهم.
مصادر في تربية الوزعية أوضح بأن أكثر من (7) مدارس دمرت بسبب الحرب و(5) مدارس حولت إلى ثكنات عسكرية ومخازن أسلحة وغرفة عمليات للمليشيات من أصل مدارس المديرية والبالغة (32)مدرسة بواقع (7200) طالب وطالبة في التعليم الأساسي و (700) طالب وطالبة في التعليم الثانوي وأن هذه العمليات الإجرامية أفضت إلى توقيف العام الدراسي (2015__2016)م ونزوح أطفال الوازعية وعدم تمكنهم من الالتحاق بالتعليم لهذا العام في جريمة لا تقل أهمية عن جرائم الحوثيين في الوازعية.
أضحى أطفال الوازعية منسيين لا أحد يبوح بمظلومياتهم وذلك لما يتعرضون له _ومازالوا_ ؛ حيث أن بمغادرة الأهالي لديارهم ما يزال القليل من السكان لم يغادروا إلا أن أطفالهم يتعرضون للموت اليومي والذي ينتظرهم على قارعة الطريق بفعل الألغام المزروعة في جبنات الطريق وخاصة الأطفال الذين اعتادوا على جلب الماء لأسرهم كما حدث مطلع هذا الأسبوع لطفلتين بترت أقدمهما بفعل لغمٍ أرضي.
وبالمنظور العسكري يقول العميد أحمد التركي وهو قائد معركة تحرير الوازعية بمنتصف نوفمبر من العام الماضي أن استهداف أطفال الوازعية جريمة ضد الإنسانية دأبت على ممارستها المليشيات الإجرامية داعياً المنظمات الحقوقية والمجتمع الدولي إلى لفتة لأطفال الوازعية والوازعية بشكل عام لإنقاذها من بطش المليشيات.