لماذا تخاف الحكومات في الشرق الأوسط من لعبة بوكيمون جو؟
تحوّلت لعبة “بوكيمون جو” إلى مصدر إزعاج لحكومات الشرق الأوسط، مع ازدياد المخاوف بشأن الأمن والتخريب ودعوات التدخل. وسرعان ما أصبحت اللعبة ظاهرة عالمية، وأحدثت ضجة كبيرة بفضل وسائل التواصل الاجتماعي وانتشار الهواتف الذكية في كل مكان. انتشرت اللعبة على كل محطات الأخبار، مع قصص عن اللاعبين الحمقى الذين يتورطون في مشاكل، ويتعرضون لحوادث بسبب هذه اللعبة. في حين تمّ تجاهل هذه الأحداث في أماكن أخرى كأمور تافهة أو غير مضرة في نهاية المطاف، بوكيمون جو ليست مسألة مثيرة للضحك في الشرق الأوسط.
يمن مونيتور/ جلوبال ريسك إنسايتس
تحوّلت لعبة “بوكيمون جو” إلى مصدر إزعاج لحكومات الشرق الأوسط، مع ازدياد المخاوف بشأن الأمن والتخريب ودعوات التدخل. وسرعان ما أصبحت اللعبة ظاهرة عالمية، وأحدثت ضجة كبيرة بفضل وسائل التواصل الاجتماعي وانتشار الهواتف الذكية في كل مكان. انتشرت اللعبة على كل محطات الأخبار، مع قصص عن اللاعبين الحمقى الذين يتورطون في مشاكل، ويتعرضون لحوادث بسبب هذه اللعبة. في حين تمّ تجاهل هذه الأحداث في أماكن أخرى كأمور تافهة أو غير مضرة في نهاية المطاف، بوكيمون جو ليست مسألة مثيرة للضحك في الشرق الأوسط.
هناك مجموعة كبيرة من الحكومات في الشرق الأوسط تتعامل مع لعبة “بوكيمون جو” كقوة خطيرة مزعزعة للاستقرار. وقد استشهدت الأنظمة بأسباب أمنية دينية وثقافية ووطنية لدعم دعواتهم للعمل ضد بوكيمون جو.
من الفتوى إلى السخرية، تلقت لعبة “بوكيمون جو” مجموعة من ردود الأفعال الحكومية في منطقة الشرق الأوسط. على سبيل المثال، جددت مصر فتوى صدرت منذ 15 عامًا ضد لعبة بوكيمون التي أصدرها مفتي الديار المصرية حينها عام 2001. وبالمثل، جددت المملكة العربية السعودية فتوى مماثلة، واصفةً اللعبة بأنها غير إسلامية.
تهتم السلطات الدينية بإشارات التطبيق إلى التغيّر الإحيائي والتطور، وهي أفكار تتعارض مع العقيدة الإسلامية فيما يتعلق بالخلق والخالق نفسه. وعلاوة على ذلك، تمّ وصف اللعبة بأنها إدمان، وجرى تشبيهها بلعب القمار، وهي من المحرمات في الشريعة الإسلامية. كما أنَّ الرموز المختلفة في اللعبة مرتبطة بالمسيحية، والشنتوية والصهيونية والماسونية، وبالتالي تثير اتهامات بالردة والشرك.
في حين أنَّ هذه الادّعاءات ستروق للأجانب، فهي ليست قاصرة على منطقة الشرق الأوسط، نظرًا لأنَّ الكثير من المسيحيين الأصوليين في الغرب ينظرون إلى اللعبة بطريقة مماثلة. الأمر المقلق حقًا هو حقيقة أنَّ هذه التصريحات تحمل أهمية اجتماعية وسياسية أكبر في الشرق الأوسط، وخاصة بين الأنظمة الدينية في الدولة الخليجية. الفجوة الضيقة، وعدم الفصل بين الدين والحكومة في المنطقة يعطي قوة دفع إضافية لأية جهود حكومية لمواجهة لعبة بوكيمون جو.
من المهم إدراك أنَّ هذه البيانات الدينية تنحاز بشكل ملائم إلى مخاوف الحكومة بشأن التخريب والأمن والعواقب الناجمة عن هذه اللعبة. في أعقاب ثورة تويتر في إيران، وثورات الربيع العربي التي أثارتها وسائل التواصل الاجتماعي، والحكومات في المنطقة حذرة للغاية من أي اتجاهات رقمية جديدة على المستوى الشعبي، وخاصة تلك التي لا يفهمونها، ولا يمكنهم احتواءها.
تأثير اللعبة
الأمر المثير للاهتمام هو أنَّ لعبة البوكيمون جو أصبحت وسيلة للنقَّاد الإقليميين والقوات المناهضة للحكومة للترويج لأنفسهم والسخرية من القوى المهيمنة. على سبيل المثال، علّق رجل الأعمال القطري عادل بن علي الأحداث الأخيرة في تركيا “انقلاب تركي؟ ما هو الانقلاب؟ لقد اقتحم جنرالات تركيا قصر أردوغان بحثًا عن البوكيمون”. وبالمثل، سخر الكوميدي العراقي أحمد البشير من الحدث عبر استخدام لعبة بوكيمون جو، قائلًا: “أقدم لكم أبو بيكاتشو البغدادي وجيجليبف المحجبة. “كما سخر البشير أيضًا من أعضاء الحكومة العراقية عن طريق الإشارة إلى شخصيات البوكيمون اللطيفة.
ويعتبر برنامج “بشير شو” النسخة العراقية من البرنامج الأمريكي الشهير “ديلي شو”، ويُبث من عمّان بسبب مخاوف أمنية، ومع ذلك لا يزال يصل إلى جمهور يصل إلى 19 مليون شخص في البلدان المختلفة – على الرغم من الجهود التي تبذلها بعض الحكومات لمنع ذلك. حقيقة أنَّ بشير يستفيد من انتشار لعبة “بوكيمون جو” للسخرية ونقد الحكومة العراقية وغيرها، هي جرس إنذار للأنظمة في الشرق الأوسط، وإثبات الطبيعة التخريبية للعبة.
حتى جندي أسابق بقوات البحرية الأمريكية، يقاتل ضد داعش في العراق، نشر صورًا لنفسه وهو يلعب اللعبة على أرض المعركة، متحديًا داعش لخوض معركة البوكيمون.
هناك مجموعة أخرى تستفيد من شعبية اللعبة، وهم النشطاء السوريون المناهضون للأسد الذين يسعون إلى تعزيز الوعي واهتمام وسائل الإعلام بالصراع السوري. وقد أصدر المكتب الإعلامي لقوى الثورة السورية سلسلة من الصور التي تُظهر الأطفال السوريين وهم يرفعون لافتات يطلبون فيها المساعدة مرسوم عليها شخصيات البوكيمون الشهيرة. وتحاول المجموعة مواجهة الحساسية العامة والتعب، وتنتقد الوقت الذي يقضيه الناس في لعب هذه اللعبة مقابل الوقت الذي يقضونه في مساعدة المتضررين من الحرب الأهلية.
يتزامن هذا الجهد مع صور مصمم جرافيك سوري اسمه سيف طحان، يستخدم لعبة “بوكيمون جو” من أجل تسليط الضوء على احتياجات السوريين في سوريا التي مزقتها الحرب. تطبيقه الخيالي المعروف باسم “سوريا جو”، يصوّر المستخدمين وهم يبحثون عن الضروريات الأساسية للحياة بين الأنقاض. وقد أدرج الفنان السوري مصطفى جانو أيضًا البوكيمون ضمن صور اللاجئين السوريين لتسليط الضوء على هذه القضية. وعلاوة على ذلك، استخدم الروائي السويدي جوناس جارديل العلاقة بين بوكيمون جو وسوريا، وكتب: “جدي، ماذا فعلت في صيف عام 2016 عندما كان العالم يحترق؟ آهٍ يا حفيدي العزيز، لقد كنا نبحث عن شخصيات البوكيمون على هواتفنا.”
حقيقة أنَّ النشطاء المناهضين للأسد داخل وخارج سوريا يستخدمون اللعبة لتعزيز قضيتهم هي إشارة قوية للغاية لحكومات الشرق الأوسط تؤكد (في عقولهم) شكوكهم حول الخطر الذي تشكّله هذه اللعبة.
رد فعل الحكومات في الشرق الأوسط
تواجه الحكومات في الشرق الأوسط مشكلة حرص الآلاف من اللاعبين على التجول مع أحد التطبيقات التي تعتمد على نظام تحديد المواقع والكاميرات. المباني العامة والمواقع البارزة هي جزء من اللعبة، وعلى هذا النحو تشعر الحكومات في المنطقة بالقلق من المخاطر الأمنية على المباني العسكرية والحكومية. في لبنان، على سبيل المثال، يجب على الحكومة أن تتعامل مع جحافل الناس الذين يتجولون في شوارع بيروت. وقد ألقت قوات الشرطة القبض على مستخدمي لعبة “بوكيمون جو” لتصويرهم المساجد، ونقاط التفتيش الأمنية، والمنشآت العسكرية.
ويقول شاب سوري يبلغ من العمر 13 عامًا: “لا يمكنك مجرد إظهار الهاتف أمام مبنى الوزارة. وقد أصدرت الكويت، تحذيرات مماثلة، ونشرت تعليمات للاعبين بالابتعاد عن المساجد والمباني العسكرية وقصر الأمير، في حين حذّرت المملكة العربية السعودية من مخاطر استخدام نظام تحديد المواقع.
أكد أعضاء الحكومة المصرية أيضًا على المخاوف الأمنية التي تشكلها لعبة “بوكيمون جو”، حيث يفكر نائب رئيس شركة مصر للاتصالات في حظر اللعبة وحثّ النظام لتثبيت أجهزة التشويش على الواي فاي. وقد ذهب حمدي بخيت، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي إلى أبعد من ذلك، وندد بهذه اللعبة وقال إنها “أحدث أداة تستخدمها وكالات الاستخبارات في حرب المعلومات. إنها تطبيق خبيث وحقير يحاول التسلل إلى مجتمعاتنا بطريقة بريئة بحجة الترفيه. ولكن كل ما يريدونه حقًا هو التجسس على الشعب والدولة.”
في نهاية المطاف، بالنسبة لحكومات الشرق الأوسط التي تشعر بالقلق إزاء الاضطرابات المدنية وحركات المواطنين، وتسلل داعش، والتجسس الأجنبي، فإنَّ لعبة “بوكيمون جو” أمر محير للغاية. أولًا، تخشى هذه الدول من أي وسيلة غير حكومية مقبولة لربط وتنظيم الناس. ثانيًا، عن طريق التذرع بالأسباب الأمنية، تحاول الحكومات شرعنة جهودها لسحق اللعبة، ومن المفارقات أن ذلك يتم باستخدام الشعبية التي يخشون منها كأداة لنشر رسالتهم.
المصدر/ترجمة إيوان24
Why Pokemon Go scares Middle Eastern governments