مركز دراسات: الحوثيون أحالوا حقَّ اليمنيين بفتح الطرقات إلى سجال إعلامي وسياسي
يمن مونيتور/ مأرب / خاص
قال مركز المخا للدراسات الاستراتيجية، في تقرير جديد، إن سلوك الحوثيين حول فتح الطرقات بدى التفافيًّا ومراوغًا، وتسبَّب في خلق خيبة أمل واسعة لدى اليمنيين.
وتحدث التقرير، حول كيف تمكن الحوثيون مِن الالتفاف على الضغوط الشعبية والدولية لفتح الطرق، وأحالوا حقَّ اليمنيين في التخفيف مِن المعاناة إلى سجال إعلامي وسياسي، وبدَّدوا الفرص التي وفَّرتها الهدنة غير الرسمية لإمكانية التخفيف مِن معاناة اليمنيين.
ولفت المركز إلى أن خلال الفترة الأخيرة شهدت حالة مِن الاشتباك السياسي والإعلامي بين الحكومة الشرعية والحوثيين حول موضوع فتح الطرق المغلقة بسبب الحرب، فمع تراجع الحرب واتِّساع وتعاظم معاناة المواطنين نتيجة سلوك طرق طويلة وذات مخاطر عالية، بدلًا عن الطرق المقطوعة، تصاعدت حملات إعلامية وشعبية واسعة تطالب بفتح الطرق.
وفي 22 فبراير قام عضو مجلس القيادة الرئاسي محافظ مأرب، اللواء سلطان العرادة، ومعه رئيس هيئة الأركان العامَّة، الفريق الركن صغير بن عزيز، بالانتقال إلى عدد مِن المواقع والطريق الإسفلتي الرابط بين مأرب وصنعاء، وأعلن مِن هناك فتح الطريق الرابط بين مأرب وصنعاء، عبر فرضة نهم، مِن جانب واحد، مطالبًا “الطرف الآخر بخطوة مماثلة لتسهيل تنقُّلات المواطنين”، وقال العرادة: إنَّه و”بالتشاور مع القيادة السياسية والعسكرية، تمَّ اليوم تأسيس نقطة تفتيش أمنية في الطريق الرابط بين (مأرب- صنعاء) عبر الفرضة، آملًا قيام الطرف الآخر بخطوة مماثلة لتسهيل تنقُّلات المواطنين”، وأكَّد العرادة أهميَّة فتح جميع الطرقات، في كافَّة المدن، بما فيها الطرق المؤدِّية إلى مدينة تعز.
وقد عمدت جماعة الحوثي إلى المراوغة مجدَّدًا، إذ أعلنت عن مبادرة مختلفة بفتح طريق أخرى تمرُّ مِن مأرب إلى صنعاء عبر صرواح، وهي طريق غير صالحة، وبعيدة مِن حيث المسافة، في ظلِّ عدم المبالاة بمعاناة المواطنين، واشترطت إطلاق صراح مسجونين.
وحدث نفس الأمر في تعز، فقد أطلق محافظ تعز، نبيل شمسان، ومعه رئيس اللجنة الرئاسية لفتح الطرقات، مبادرة لفتح طريق صنعاء- تعز الرئيس، عبر عقبة (منيف- الحوبان)، مِن جانب واحد، وطالبوا الحوثيين بفتح الطريق مِن الجهة التي تقع تحت سيطرتهم؛ وبدلًا عن ذلك، وفي عمل التفافي، أعلن الحوثيُّون أنَّهم فتحوا عددًا مِن الطرق الأخرى.
وحتَّى دفعت جماعة الحوثي بلجنة مِنها، برفقة مواطنين ووجاهات مجتمعية، لفتح طريق صنعاء- الضالع- عدن، بمديريتي دمت ومريس، دون تنسيق مسبق مع قوَّات حكومية وأخرى تابعة لـ”المجلس الانتقالي الجنوبي” متمركزة في الجهة الأخرى، وتعرَّضت لأطلاق نار، وأعلن “المجلس الانتقالي” “أنَّ عملية فتح الطرق مرتبطة بخارطة الطريق، ويجب أن تتمَّ تحت إشراف الأمم المتَّحدة واللجان الأمنية والرقابة الدولية والمحلِّية مِن الطرفين”، وأضاف في بيان صادر عنه أنَّ “ما تقوم به ميليشيا الحوثي بفتح الطرق مِن جانب واحد يعتبر إجهاضًا مبكِّرًا وفشلًا للجهود الدولية وخارطة الطريق”.
وقبل ذلك، تقدَّمت الأمم المتَّحدة -في 3 يوليو 2022م- اقتراحًا لفتح الطرق على مرحلتين، يتمُّ في المرحلة الأولى فتح أربع طرق في تعز، تضمُّ طريقًا اقترحه المجتمع المدني يساعد في التخفيف مِن معاناة المدنيين، ا لكن الحوثيون سارعوا للبدء في فتح طرق إلى مدينة تعز، مِن خلال رفع الحواجز الترابية عند الضواحي الشمالية للمدينة، تمهيدًا لفتح طريق بطول 12كم، وهو ما رفضه الجانب الحكومي، وعدَّه محاولة مكشوفة لإحباط جهود الأمم المتَّحدة، والالتفاف على المقتر ح الأممي.
وفي 5 يونيو 2022م، قدَّم المبعوث الخاص للأمم المتَّحدة مقترحًا منقَّحًا، يتضمَّن دعوة لإعادة فتح الطرق، بما في ذلك خطٌّ رئيسيٌّ مِن تعز وإليها، إضافة إلى طرق في محافظات أخرى بهدف رفع المعاناة عن المدنيين، ويشمل المقترح إعادة فتح أربع طرق على مراحل: طريقين في الضالع، وطريق في صعدة، وطريق سوفيتيل الذي يربط بين مدينة تعز ومنطقة الحوبان الملاصقة لها.
وافقت الحكومة اليمنية على المقترح المعدَّل، ورأى الفريق الحكومي في المفاوضات أنَّ هذا المقترح يلبِّي الحدَّ الأدنى مِن مطالب أبناء محافظة تعز، وعلى الضدِّ مِن ذلك، رفض الحوثيُّون المقترحين.
وفي هذا الشأن، أوصى مركز المخا للدراسات، بعدم ربط ملفِّ إعادة فتح الطرق بملفِّ التسوية السياسية، فملفُّ الطرق أمر ملحٌّ يتضرَّر مِنه عدد كبير مِن المواطنين، وهو محكوم في الأغلب بعوامل محلِّية، وبالإمكان تحقيق اختراق قليل أو كثير فيه، خلافًا لملفِّ التسوية الذي تتحكَّم فيه عوامل معقَّدة، وغالبًا ما يتمُّ تأجيله حتَّى وان بدا قريبًا وممكنًا.
ولفت إلى أن تعقيدات المشهد اليمني تقتضي قبول التدرُّج في إعادة فتح الطرق مِن خلال القبول بالبدائل المتاحة، والتي ستسهم في التخفيف النسبي لمعاناة المواطنين، خلافًا للخيارات الصفرية والعدمية التي تبقي الوضع على ما هو عليه وتزيد مِن المعاناة.
وطالب المركز، من الأطراف الدولية والإقليمية الضغط على الأطراف اليمنية لمناقشة البدائل المتاحة وتحسينها قدر الإمكان، والقبول المرحلي بها.
وأشار إلى إنَّ الهواجس الأمنية هي مِن أكثر العوامل تأثيرًا في مواقف الأطراف التي بيدها هذا الملفُّ، فإنَّ على الوسطاء المحلِّيين والدوليين تسهيل عقد لقاءات مباشرة بين ممثِّلين عسكريين لأطراف الصراع على ضفَّتي الطريق المراد إعادة فتحه، لأنَّ موافقتهم ستمكِّن مِن تجاوز الكثير مِن التحدِّيات وسيكون له تأثير إيجابي لصالح إيجاد بدائل ممكنة، تخفِّف المعاناة وتضمن تيسير نقل الأفراد والبضائع.
وحث منظَّمات المجتمع المدني والنشطاء السياسيين والإعلاميين الاستمرار في تبنِّي حملات إعلامية وشعبية واسعة، وإبراز معاناة اليمنيين، ووضع أطراف الصراع تحت ضغط شعبي مستمر، كما دعا الوسطاء إعطاء الاولوية للطرق المقطوعة التي تكون إمكانية إعادة فتحها أكبر، لأنَّ النجاح في فتحها سيوفِّر قوَّة دفع إضافية للتعامل مع بقية الطرق المقطوعة.