“أبو علي الحضرمي”.. عرّاب المشروع الإيراني في عدن اليمنية
صالح علي بن الشيخ أبوبكر الملقب بـ”أبوعلي الحضرمي” والمعين حديثا مستشارا خاصا لمحافظ عدن عيدروس الزبيدي، اسم برز مع استقرار “علي سالم البيض” في العاصمة اللبنانية بيروت، وتحديدا الضاحية الجنوبية معقل حزب الله مطلع العام 2012م. يمن مونيتور/ عدن/ خاص
صالح علي بن الشيخ أبوبكر الملقب بـ”أبوعلي الحضرمي” والمعين حديثا مستشارا خاصا لمحافظ عدن عيدروس الزبيدي، اسم برز مع استقرار “علي سالم البيض” في العاصمة اللبنانية بيروت، وتحديدا الضاحية الجنوبية معقل حزب الله مطلع العام 2012م.
برز “أبوعلي”، المنحدر من محافظة حضرموت، شرقي اليمن، والحامل للجنسية الفرنسية، كأبرز شخصية مقربة من البيض إلى جانب يحي غالب الشعيبي وأحمد الربيزي، ويقدّم نفسه بأنه “المستشار الخاص” تارة و”الاقتصادي” تارة أخرى، للرئيس البيض.
ويوصف “أبو علي” بأنه الشخصية التي اقنعت “البيض” بضرورة التنسيق مع إيران عبر شبكة علاقاته القوية بقيادات تابعة لحزب الله، ويحرص الرجل دوماً على تقديم نفسه مستشاراً خاصاً أو مستشاراً اقتصاديا للبيض.
علاقات قديمة
لكن صحيفة “الأخبار” التابعة لحزب الله أرجعت علاقة الرجل بالبيض إلى العام 1996م، أي بعد نحو سنتين من انتهاء حرب صيف 94، حيث قاد البيض حركة تقرير المصير “حتم” من العاصمة العمانية مسقط وجند أتباعه لقتال الجيش، وسانده في ذلك كل من عبد الرحمن الجفري زعيم ما كانت تسمى المقاومة الوطنية الجنوبية “موج”، وبطل قصتنا صالح علي بن الشيخ أبو بكر الملقب بـ”أبوعلي”.
في العام 2007، عاد الحراك الجنوبي إلى الحياة من جديد. عودةٌ وجد فيها البيض الفرصة الأنسب لإطلاق مشروعه مرة أخرى، وبادر إلى تكثيف اتصالاته مع إيران عن طريق شخصيات وسيطة. هذه الاتصالات أدت إلى نوع من الاتفاق السياسي والدعم المالي (نصف مليار) دولار، الذي توجه بموجبه الرجل إلى النمسا حيث لا يخفى عمق العلاقات بين إيران والنمسا، والتي ترجع إلى العام (1818م) تاريخ افتتاح أول سفارة نمساوية في طهران، وتخلى البيض بذلك عن جواز السفر العماني، قبل أن يستقر في بيروت مفتتحاً مكتباً سياسياً يديره إلى جانب “أبو علي” سالف الذكر، كل من يحيى غالب الشعبي وأحمد الربيزي، وقناة عدن لايف.
أواخر العام 2014م شهدت علاقة البيض بإيران وحزب الله برودا وذلك لحنق طهران من تباطؤه في تنفيذ بعض المطالب لتعزيز التنسيق مع جماعة الحوثي وتنفيذ عمليات عسكرية في حضرموت بالتزامن إعلان (الهبة الحضرمية) أواخر العام 2013م.
فك الارتباط بإيران
عند هذا المفصل تحديداَ، بدأ التوتر يشوب العلاقة واتخذ منحىً تصاعدياً مع توسع الحوثيين في الشمال وإحرازهم مزيداً من التقدم على الأرض.
على مدى الثلاث السنوات التي قطنها البيض في بيروت، أدار “أبوعلي” ملف تجنيد شباب من الحراك الجنوبي وإخضاعهم لتدريبات عسكرية مكثفة تحت إشراف وتنسيق خبراء من حزب الله اللبناني لغرض تنفيذ عمليات عسكرية واغتيالات في مدن الجنوب بالتزامن مع توسع الحوثيين شمالا، هكذا كان المخطط الايراني، الذي جبن عن تنفيذه البيض في آخر مراحله على ما يبدو.
أعقب ذلك مغادرته لبيروت في أغسطس 2014 م إلى النمسا مجدداً بعد لقائه الشيخ عبد الرب النقيب وعبد العزيز المفلحي، وتسلم “أبوعلي” في يونيو/ حزيران 2014م إدارة قناة عدن لايف الفضائية، حيث أقال جميع العاملين الجنوبيين في القناة واستبدلهم بطاقم لبناني، وتعيين “ليلى ربيع” مديرة للأخبار، وعمل على تسويق خطاب لا يعادي الحوثيين حتى بعد اجتياحهم لمدن الجنوب قبل أن يتوقف بثها نهائيا.
ولا يخفي “أبوعلي” توجهاته السياسية بأحقية من يسميهم “آل البيت” بتولي مقاليد السلطة والحكم، بحسب مصادر التقته في بيروت.
انطلاق عاصفة الحزم
أواخر إبريل/ نيسان 2015م وبعد تأييد البيض لعاصفة الحزم، فر “أبوعلي” إلى السعودية وبدأ بالترتيب لوصول البيض إلى الرياض والذي استقبله فيها المفلحي والنقيب وعبد الله عبد الصمد الذي استدعاه البيض بديلاً من مستشارَيه الشعيبي والربيزي.
أواخر العام الماضي انتقل البيض بمعية “أبوعلي” إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي، التقى خلالها بشخصيات رسمية وغير رسمية، وكان الغموض يكتنف شخصية الرجل لكن علاقته بنجل البيض (عمرو) سهلت من مهمته كثيراً.
مطلع العام الحالي التقى البيض المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ أحمد في لقاء حضره نجله (عمرو) و “أبوعلي” وأحمد عمر بن فريد، قال مشاركون إن “أبوعلي” كان قلقاً وحريصاً على إفشال اللقاء إلى حد استفز الحضور، فتم منعه من التحدث.
خيبة أمل من الخليج
البيض لم يتلق أي وعود بشأن دعم دول الخليج لمشروع استقلال الجنوب، طيلة مكوثه في الرياض وأبوظبي، وهو ما حثه أواخر مايو/ أيار الماضي للعودة إلى النمسا، والتي ذهب منها إلى بيروت في 2012م وقد تعيده مجددا إليها، في حين وصل “أبوعلي” إلى مدينة عدن لأول مرة منذ حرب صيف 94م، ليعين مستشاراً مقرباً من المحافظ عيدروس الزبيدي.
مخطط إيراني في عدن
وتشير مصادر خاصة تحدثت لـ”يمن مونيتور” إلى اعتزام الفصيل الموالي للبيض إعلان قيام دولة جنوبية مستقلة من جانب واحد، تسبقها إجراءات إدارية مدنية وعسكرية وفق مخطط حمله “أبوعلي” معه إلى عدن – وهو ذات المخطط الذي كان مقرراً تنفيذه بالتزامن مع (الهبة الحضرمية) في ديسمبر/ كانون أول 2013م – وذلك في حال فشلت مشاورات الكويت في الخروج بحل سياسي ينهي الأزمة.
ويهدف المخطط إلى إرباك دول التحالف العربي بقيادة السعودية وتقويض أهدافه وإجباره على القبول بتسوية سياسية تضمن بقاء النفوذ الإيراني في اليمن عبر الحوثيين، وضمان مستقبل سياسي لنجل الرئيس السابق “أحمد علي عبدالله صالح”، وهو مطلب إماراتي ما فتئت أبوظبي في السعي لتحقيقه، كل ذلك في مواجهة خيار الحسم العسكري.
لكن المخطط بحد ذاته لن يكون سهل التنفيذ في ظل التجاذبات الموجودة في الجنوب وأطراف الصراع وتوجهاتهم، لكن الأخطر هو تمكن الفصيل من إحداث فوضى في مدن الجنوب، ودعم تشكيلات مسلحة خارج إطار الدولة، إضافة إلى حاجته إلى مدة زمنية كافية – وهو ما يسعى الانقلابيون إلى كسبه من خلال المماطلة في المشاورات – وهو ما يحتم وضع الدور الإماراتي بمثابة حجر الزاوية في إنجاح أو إفشال هذا المخطط.
السيطرة على الموارد
ولعل أبرز بنوده ما أعلن عنه مؤخرا من تشكيل مجلس اقتصادي برئاسة المحافظ يهدف إلى السيطرة على تدفق الموارد المالية للمؤسسات الحكومية في عدن إلى الحسابات المصرفية المعتمدة ومنها حساب السلطة المحلية، وليس البنك المركزي.
إضافة إلى إقرار آلية عمل منظمة للصرف من الميزانيات التشغيلية للجهازين المدني والأمني وهو ما يمهد لإجراءات أخرى.
وكانت “ليلى قائد”، أستاذة جامعية بكلية العلوم الإدارية جامعة عدن، كشفت في حديث لصحيفة الشرق الأوسط عن أهداف المجلس الاقتصادي بقولها: إنه يأتي لتحقيق الهدف المنشود في استعادة دولة الجنوب العربي”.
إضافة إلى توريد جميع الإيرادات إلى خزينة البنك المركزي في عدن في ظل سلطة محلية منفصلة عن السلطة المركزية في صنعاء.
وتشهد مدينتا عدن والمكلا عمليات اغتيالات تطال رموز الجماعات السلفية المعروفة بولائها التاريخي للمملكة العربية السعودية والتي كان لها دور بارز في الوقوف ضد توسع الحوثيين ومحاربة الجماعات المتطرفة مثل القاعدة وداعش.
كما يهدف المخطط إلى تأمين خطوط الإمداد لإيصال شحنات السلاح قبالة سواحل المدن الجنوبية وعدم التعرض لها، وهو ما كشفه مؤخرا عملية ضبط شحنة أسلحة في منطقة باب المندب كانت في طريقها الى الانقلابيين عبر البحر لم تكن هي الوحيدة بالتأكيد.
مؤخراً ظهر الرجل وهو يترأس اجتماعات رسمية بصفته مستشار المحافظ ويرافقه أثناء زياراته الرسمية، ويعمل حاليا بحسب مقربين، إلى تعيين مراقبين على أداء المرافق الحكومية في جميع مديريات المحافظة وهو أشبه ما يكون للتأسيس لكيان موازي من خارج المؤسسات شبيه بالنموذج الإيراني وأذرعها في المنطقة (اللجان الثورية) أنموذجا.
وكشفت وسائل إعلام عن جهود مكثفة تقوم أطراف عدة بينها الرئيس السابق علي ناصر محمد وأخرى لبنانية تهدف لإقناع البيض بالعودة الى بيروت وممارسة نشاطه السياسي منها”، مشيرة أن البيض لم يرد على الدعوة بشكل رسمي.
البيض الذي يزور النمسا حاليا قد تعيده الخطط المزمع تنفيذها حال نجاحها إلى إحياء تحالفه مع إيران مجددا، والاستفادة منه في استخدام الجنوب ورقة ضغط إيرانية لضمان نجاح سياستها التوسعية في المنطقة العربية.