اليمنيون يضيقون ذرعا من خطابات زعيم الحوثيين…تفسد روحانية شهر رمضان
يمن مونيتور/تقرير خاص
يذهب مأمون حسن، 29 عامًا، إلى أصدقائه كل يوم بعد العشاء إلى مجلس عام في القرية بصحبة مجموعة من أصدقائه من أجل أحياء ليالي رمضان بالكر والدعاء لكنهم يصطدمون بفريق مكلف من الحوثيين لإجبارهم على سماع محاضرات زعيم الجماعة بالقوة لمدة ساعة كل يوم.
يقول مأمون إن خطاب عبد الملك الحوثي أصبح لا يطاق خاصة في شهر رمضان الذي لطالما كان شهر الذكر والتهليل والتكبير لكن الممارسات التي تقوم بها جماعة الحوثي تفسد عليهم روحانية الصيام وتهدد عادات وتقاليد حسنة متوارثة لطالما تميزت بها قريتهم في منطقة الشرفين بمحافظة حجة.
وأضاف حسن في تصريح لـ يمن مونيتور” إنهم لم يكتفوا بفرض محاضرات الحوثي في مجلس القرية بل يتم فتحها في الجوامع عبر مكبرات الصوت الأمر الذي جعل السكان يضيقون منها ذرعا.
ومثل مأمون حسن يشكو الحاج احمد محمد (60 عاماً)، وهو يقيم الجامع في قريته، من أن محاضرات عبد الملك الحوثي تزعجه وتشوش عليه قراءة القرءان والاستغفار مضيفا أنه لا يستفيد منها لكنه مجبر على فتحها داخل الجامع وفتح سماعة الميكرفون الخارجية بحجة وصول الصوت إلى المنازل المجاورة للجامع.
وأضاف: أن الخطابات مكررة وتستند لدروس من ملازم حسين بدر الدين الحوثي الغريبة، بالإضافة إلى الحديث عن إنجازات الجماعة في البحر الأحمر وأمريكا وبريطانيا. بينما الشهر الكريم بالنسبة لنا وللمسلمين، هو وقت للاستغفار والصلاة والتجديد الروحي.
وبين أن خطابات الحوثي دفعت المواطنين للفرار من المسجد بعد أن كانت المساجد أيام زمان في القرى خلال أيام الشهر الفضيل تمتلئ بالمصلين الذين يقعدون بعد التراويح لتدارس القرءان وختمه في غضون ليلة أو ليليتين.
ولا يختلف حال القرى والمدينة بل مكبرات الصوت في المدينة تكون أكثر وأكبر من حيث كثرة المساجد، فها علي عبد الله يسكن جوار أحد المساجد بمديرية معين وسط صنعاء يشكو لـ “يمن مونيتور” من الخطابات المتكررة لعبد الملك الحوثي مشيرا أن أسرته أصبحت تضيق ذرعا من ميكرفون الجامع المرتفع وينزعجون من خطابات ما أنزل الله بها من سلطان.
انتهاك حرية المصلين
ويقول باحث يمني في الشؤون الدينية رفض الكشف عن هويته لـ”يمن مونيتور”: منذُ بداية شهر رمضان، كثفت الجماعة جهودها لحشد أتباعها وتأمين ولائهم.
وأضاف: بالنسبة للجماعة، يمثل شهر رمضان فرصة حاسمة للاستفادة من الحماس الديني لمؤيديها وتعزيز أجندتها.
وأكد أن بث الخطاب في المساجد والشوارع ينتهك حرية المصلين في اختيار خطباءهم ومحتوى خطبهم الدينية، مما يخل بالحرية الدينية والتعددية الثقافية ويؤثر سلبًا على التوازن الاجتماعي”.
وتابع: “إن استخدام المساجد كمنابر لنشر الدعاية المتطرفة، ظاهرة مثيرة للقلق العميق وتقوض حرمة أماكن العبادة.
وأكد: أن جماعة الحوثي تفرض بث خطاب زعيمها على المارة المطمئنين من خلال إشباع الأماكن العامة بمسلحيهم الين يهدفون من خلالهم إلى بث لخوف والترهيب في أوساط السكان وإجبار الأفراد على الخضوع والامتثال لأيديولوجياتهم المتطرفة.
وكانت الاشتباكات التي اندلعت يوم الأحد الماضي بين مواطنين وعناصر تابعة للحوثي، حاولت وقف إقامة صلاة التراويح في أحد مساجد صنعاء، لبث كلمة زعيم الميليشيا عبر مكبرات الصوت الخاصة بالمسجد خير شاهد.
وتحدثت مصادر محلية حينها أن الاشتباكات وقعت جوار الإدارة العامة للمرور، في شارع تعز، جنوب صنعاء، بين مواطنين وعناصر أمن تابعين للحوثي، وذلك إثر محاولة الأخير وقف صلاة التراويح في مسجد “عمر بن الخطاب” من أجل بث الكلمة.
وأسفرت الاشتباكات عن سقوط قتيل على الأقل، وجرح آخرين، فيما أحاطت عشرات الأطقم الحوثية على متنها عشرات المسلحين بالمنطقة، بمنزل الشيخ صالح طعيمان، الذي تتهمه عناصر الحوثي المسلحة بالوقوف وراء الأحداث.
وعلق الكاتب والباحث السياسي ياسين التميمي على الحادثة قائلا: إن الاساءات الحوثية المتواصلة للمصلين وصلاة التراويح في صنعاء لا تكاد تتوقف.
وأكد أن الجماعة المسلحة تمارس اجراءات تضييق شديدة لمنع مدينة صنعاء عن التعبير عن هويتها الدينية ويكثفون من إجراءاتهم المستفزة المساجد التي تحمل أسماء الشيخين (ابو بكر وعمر رضي الله عنهما واسم الخليفة الثالث عثمان ابن عفان رضي الله عنه.
سلوك معتاد
ونشر المركز الأمريكي للعدالة تقريرا يشير فيه إلى أن جماعة الحوثي لا زالت مستمرة في سلوكها المعتاد في كل عام خلال شهر رمضان بالتضييق على اليمنيين في اقامة صلاة التراويح، مؤكدًا على أن ذلك السلوك يشكل اعتداءً واضح على أبرز الحقوق الأساسية وهو حق العبادة كما أنه يُظهر مخالفة واضحة لخطابات الجماعة المتكررة في حرية إقامة الشعائر الدينية لكافة الأفراد.
وأفاد أن جماعة الحوثي قامت خلال الأيام القليلة الماضية في محافظة صنعاء وعمران بالتضييق على حرية العبادة هناك عبر منع المصلين من أداء صلاة التراويح في المساجد بشكل كلي في بعضها وجزئي في الآخر.
ووفقا لتقرير لمركز قامت بتغيير بعض أئمة المساجد وفرض أشخاص من عناصرها، إلى جانب مضايقة المصلين أثناء صلاة التراويح برفع أصواتهم وافتراش المساجد كمجالس وسماع خطاب قائد الجماعة.
وأوضح أن فريق الرصد الميداني التابع للمركز، رصد بعض من تلك الحوادث ومنها ما وقع في مسجد “عطية” الكائن بمديرية شعوب في صنعاء، عبر قيادي في جماعة الحوثي الذي يقوم بتجهيز مجالس للقات أثناء أداء الأفراد للصلاة إلى جانب التعرض للمصلين خلال خروجهم ومحاولة اجبارهم على البقاء وسماع محاضرة قائد الجماعة التي تبث من جميع المساجد كل ليلة لمدة ساعتين تقريبًا.
وفي حادثة أخرى، رصد فريق المركز ذاته في العاصمة صنعاء مضايقات لأفراد يتبعون جماعة الحوثي في مسجد “عمر بن الخطاب” بحي شميلة المجاور لمنزل الشيخ “صالح بن علي طعيمان” الذي يصلي فيه باستمرار، حيث قام أولئك الأفراد بمضايقة الامام والمصلين عدة مرات ومحاولة منعهم من إقامة صلاة التراويح وإجبار المسجد على بث كلمة قائد الجماعة.
وقام الحوثيين وفي اليوم السابع من رمضان الموافق17 مارس 2024، بالاعتداء على إمام المسجد ومعهم مشرف وطاقم عسكري، حينها قام الشيخ “صالح” بالدفاع عن الإمام وطلب منهم المغادرة لكنهم رفضوا وتبادلوا إطلاق النار أدى الى مقتل أحد عناصر جماعة الحوثي فيما أصيب ثلاثة خرين.
في سياق متصل قام أفراد يتبعون جماعة الحوثي باقتحام “المسجد الكبير” في محافظة عمران، شمال غرب البلاد، واختطفت عدداً من أعضاء جماعة التبليغ، على خلفية نشاط دعوي تقيمه الجماعة في المنطقة، ونقل عدد منهم إلى سجون جماعة الحوثي بمديرية خمر.
وشدد على أن ممارسات وتقيدات جماعة الحوثي تجاه حرية العبادة تشكل انتهاكاً صارخًا لحرية الدين والمعتقد وحقوق الإنسان، المكفولة لليمنيين بموجب المواثيق الدولية والدستور اليمني، مؤكدًا على أن كافة الشرائع القانونية تكفل لكل الأفراد الحق في التجمع وإدارة شئونهم الدينية والمجتمعية، حيث نص الدستور اليمني في المادة (41) على أن ” لمواطنون جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة”.
وفي المادة (52) ” للمساكن ودور العبادة حرمة ولا يجوز مراقبتها أو تفتيشها إلا في الحالات التي يبينها القانون”.
وحث المركز الجماعة المسلحة على التوقف وبشكل فوري عن المضايقات التي تفرضها على حرية الأفراد في ممارستهم للشعائر الدينية لا سيما صلاة التراويح، مؤكدة على أن الجماعة مطالبة بضمان تمتع الأفراد بهذا الحق الأساسي بدلًا من القيود والانتهاكات التي تمارسها بحقهم.