صناعة الجبن البلدي التعزي المدخن في زمن الحرب… معاناة وصعوبات لا تنتهي
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من سهيل الشارحي
مشيًا على الاقدام وعلى رأسه طبقًا من الجبن البلدي، يقطع الحاج عوض المقطوب ما يزيد عن 18 كيلو للوصول إلى اقرب قرية لبيع الجبن البلدي، والذي اصبح مصدره الوحيد لإعالة أولاده الخمسة، ولتوفير لقمة عيش تسد رمق أسرته.
يقول عوض المقطوب صاحب 70 عام، المنحدر من منطقة المزرق غربي محافظة تعز، أقطع مسافة كبير جداً للوصول إلى قرية الأشروح لبيع الجبن البلدي، والذي يعتبر بالنسبة لي المصدر الرئيسي لتوفير القوت اليومي لأسرتي.
وبتجاعيد التعب والإرهاق،يضيف المقطوب،” مايقارب 30 عامًا وأنا اعمل في شراء الجبن البلدي من رعاة الأغنام والذهاب إلى القرى لبيعة.
وتشتهر المناطق الريفية لمحافظة تعز بصناعة الجبن البلدي ” المدخن”، وتعتبر من الصناعات القديمة والتقليدية المتوارثة بين الأجيال، ولها عائد مادي على أصحابها.
تراجع الاقبال على الجبن البلدي
فالجبن البلدي يصنع من حليب الأغنام و الأبقار، ويتم تبخيره بجمر ودخان شجرة معينة بهدف تماسكه وتعقيمه وإعطائه رائحة زكية، فيما تستغرق عملية إنتاجه يومين على الأقل، حد قول الحاج عوض المقطوب.
ومقارنه انتاج الجبن البلدي قبل نشوب الحرب وبعده، يقول الحاج عوض المقطوب، “قبل تسع سنوات الحرب كنت ابيع كل ما بحوزتي من جبن، “إي انه يبيع في اليوم 24 جبنه”، واعود للمنزل بمحصول وفير يكفي لسداد احتياجاتنا الاسرية.
ويضف المقطوب، اما اليوم اقطع مسافات كبيرة جداً، واتجول بين القرى المجاورة واحمل نصف ما كنت احمله سابقًا ” قبل الحرب “، لكن لم استطيع بيع الكمية كامل، بل واعود بمردود أقل لا يكفي سد الأحتياجات الأساسية للأسرة، الامر الذي جعل حياتنا تزداد تعقيدًا.
معوقات تواجه صناعة الجبن البلدي
تواجه صناعة الجبن البلدي ” المدخن “،صعوبة ومعوقات حدت من انتاجه منذُ اندلاع الحرب في البلاد، وتظخم الاقتصادي الوطني يومًا بعد اخر، وتدهور الوضع المعيشي للمواطنيين .
في هذا السياق يقول قاسم على، وهو احد اكبر مصدرين الجبن البلدي في مديرية مقبنة، إن الإقبال على شراء الجبن البلدي تراجع بشكل كبير، نتيجة الاوضاع السئية التي تعيشها البلاد من حرب وتراجع مستوى العملية المحلية وتدني مستوى دخل الفرد.
وفي سياق حديثه يضيف قاسم، أن من أبرز الصعوبات والعوائق التي تواجه صناعة الجبن البلدي، عدم وجود مراعي خاصة لتربية الأغنام التي يعتمد على ألبانها في إنتاجه الجبن البلدي، كما أن القدرة الشرائية للمواطن اصبحت ضعيف جداً.
ويشير علي، أن الصراع العسكري والذي امتد إلى الأرياف، تسببت في نزوح الكثير من راعات الأغنام، مما جعلهم غير قادرين على انتاج كمية كبيرة من الجين البلدي، بعد أن فقدوا معظم ثروتهم الحيوانية.
مناطق محدودة لرعي الأغنام
تسببت الحرب في البلاد بمعانات كبيرة اثقلت كاهل مالكي الاغنام، وجعلت عملية التنقل بالنسبة لرعات الاغنام،بين المناطق محدودة ومحفوفة بالمخاطر، بسبب زراعة الالغام والعبوات الناسفة بشكل كبير في المناطق الريفية.
يقول محمود الراعي، إن الحرب المستمر في المناطق الريفية فاقمة من حيات رعات الاغنام، وذالك من خلال عدم قدرنا كرعاة اغنام التنقل من مكان لاخر لرعي الأغنام، مما جعل منسوب الالبان والذي يتم من خلاله صناعة الجبن البلدي يقل بشكل كبير.
ويشير الراعي محمود، أن شقيقته كانت ترعي الاغنام في منطقة القوز بقرية الاشروح غربي تعز، وفجًا انفجر به لغم من مخلافات الحرب في عام 2018، مسبب في بتر قدمها الأسفل وفقدان اصابع اليد اليسرى، مضيفًا، أن عمه سيف اصيب بطلقة قناص حوثي في نفس العام الذي اصيبت به شقيقتة اثناء رعي الاغنام .
ويؤكد محمود، أن اغلب رعات الأغنام فقدوا الكثير من موشيهم بسبب زراعة الالغام والعبوات الناسفة بشكل كبير ومسافات شاعة في المنطقة التي يتواجد فيها الحشيش والاعلاف الزراعية .
وفي تصريح سابق” ليمن مونيتور” اوضح محمود القاحلي وهو احد رعات الأغنام في مديرية مقبنة، أن الأغنام التي كانت تعدُ المصدر الوحيد الذي تعتمد عليه معظم الأسر في تسيير حياتها اصبحت بين لهيب الحرب، مؤكدًا أنه في يوم واحد فقط فقد اهالي القرية كثر من 30 رأس من الاغنام نتيجة انفجار شبكة من العبوات الناسفة اسفل جبل عاطف الواقع تحت سيطرة الحوثيين.
وتعتبر مديرية مقبنة وجبل حبشي ومنطقة وهجدة وموزع والبرح في محافظة تعز، من اكثر المناطق الريفية التي تتميز في صناعة الجبن البلدي، وتصديره إلى مختلف المدن، لكن الحرب المشتعلة تسببت في تراجع كمية الانتاج بشكل كبير وغير مسبوق.