“الاعتقالات الحوثية”.. نقطة سوداء في سجل حقوق الإنسان باليمن
أعادت عملية اعتقال الحوثيين للناشط السياسي” ماجد المذحجي”، والإفراج عنه في وقت لاحق أمس الأحد، ظاهرة الاعتقالات التعسفية، إلى الواجهة، كنقطة سوداء في سجل حقوق الانسان باليمن، خلال العقد الأخير. يمن مونيتور/ صنعاء/ خاص
أعادت عملية اعتقال الحوثيين للناشط السياسي” ماجد المذحجي”، والإفراج عنه في وقت لاحق أمس الأحد، ظاهرة الاعتقالات التعسفية، إلى الواجهة، كنقطة سوداء في سجل حقوق الانسان باليمن، خلال العقد الأخير.
ومنذ اجتياحهم للعاصمة صنعاء، في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، شهدت اليمن أعنف موجة اعتقالات تعسفية، شنها الحوثيون ضد مناوئيهم من نشطاء وسياسيين وإعلاميين.
وتعج معتقلات الحوثيين بالمئات من المعتقلين تعسفياً، فعلاوة على 10 صحفيين مختطفين منذ أكثر من عام، ما يزال السياسي محمد قحطان مخفي قسرياً، ولم تسمح الجماعة لعائلته بمعرفة مصيره، إضافة إلى مئات المواطنين الأبرياء.
ولجأ الحوثيون إلى استغلال ملف المعتقلين سياسيا، فبعد فشلهم في مقايضة المحتجزين تعسفياً بأسرى الحرب مع الحكومة في مشاورات الكويت، خلال شهر رمضان الماضي، أفرجت الجماعة عن المئات منهم، وقالت إن ذلك بتوجيهات و”مكرمة” من زعيم الجماعة.
ولم يلبث الحوثيون كثيراً، حتى عادوا لنفس السيناريو بعد انتهاء اجازة عيد الفطر، حيث أعلنوا عن اعتقال 220 شخصاً في رداع بمحافظة البيضاء، وسط اليمن، بـ”تهمة السفر إلى محافظة مأرب” والانضمام لمعسكرات الجيش الوطني الموالي للحكومة، ومثلهم في صنعاء وذمار.
ـ كيف تبدأ الاعتقالات؟
العمالة لما يطلقون عليه بـ”العدوان” هي التهمة العامة التي يتم بموجبها اعتقال واختطاف المناهضين للجماعة؛ حيث يتم اقتياد العشرات من الناشطين إلى معتقلات كان تابعة لأجهزة أمنية رفيعة، مثل الأمن القومي والمخابرات (الأمن السياسي).
لا يجد أهالي المعتقلين أي جهة رسمية للتخاطب معها، وفي عصر الحوثيين، تم تمييع الدولة وأجهزتها الأمنية العتيدة تحت لافتة “أبو فلان”، ولا يعرف الناس اسماءهم الحقيقية.
قسّم الحوثيون العاصمة صنعاء إلى مربعات أمنية أو مديريات، وينصّبون مشرفاً أمنياً على كل مديرية وهو مَن المسؤول عن عملية اعتقال تطال أي من المعارضين لهم، ويقول أهالي معتقلين، إنه إذا ما تم ترحيل أي محتجز من نطاق المديرية إلى جهازي الأمن القومي أو السياسي، تبدأ عملية الانكار لوجوده لديهم، ويتم اخفاءه قسرياً لمدة طويلة وتنقطع المعلومات عنه.
ـ الاعتقال كوسيلة للربح والابتزاز
تحوّل الاعتقال التعسفي إلى مهنة مربحة لدى الحوثيين خلال الفترة الأخيرة، حيث يتم ابتزاز المعتقلين وأهاليهم بطلب مبالغ مالية ضخمة مقابل الحصول على حريتهم.
وأكد عدد من أهالي معتقلين، سبق وأن وقعوا في أيدي الحوثيين، أن مشرفي الجماعة، كانوا يطالبونهم بمبالغ مالية كبيرة من أجل إطلاق سراحهم، وأن من لا يملك مالاً، قد يمكث في المعتقلات لعدة أشهر.
وذكرت مصادر خاصة لـ”يمن مونيتور”، تفضل عدم كشف هوياتها لدواعٍ أمنية وخوفاً من بطش المسلحين، أن عشرات الصيارفة في صنعاء وقعوا ضحية للابتزاز الحوثي، ولم يتم الافراج عنهم إلا بمقابل مادي يصل إلى ملايين، أو يتم تلفيق التهم إليهم بـ”أنهم يقومون بتحويل الأموال للمقاومة الشعبية الموالية للحكومة، أو أنهم المتسببين بانهيار الاقتصاد الوطني ويقوموا بالمضاربة بسعر العملات الأجنبية”.
ـ أظرف الاعتقالات
التهمة الجاهزة والعنوان البارز، هي “العمالة للعدوان” في إشارة للتحالف العربي، لكن في معتقلات الحوثيين قد تجد العشرات من التهم الظريفة التي قادت أصحابها للبقاء سجناء لعدة أشهر.
فمجموعات برنامج التواصل الاجتماعي “واتس آب” كانت واحدة من التهم لعدد من المعتقلين الذين يتم تفتيش هواتفهم المحمولة في حواجز تفتيش الحوثيين، والبحث عن أسماء المجموعات أو الصور ومقاطع الفيديو المحفوظة في الهاتف، وبسبب صورة ساخرة من زعيم الجماعة، عبدالملك الحوثي، قضى صاحب الهاتف90 يوماً في معتقلات الحوثيين بالمدينة السكنية بالحوبان، شرقي مدينة تعز.
وحسب مصادر تحدثت إلى “يمن مونيتور”، هناك معتقلون في سجون الحوثي بتهمة “سب” (شتم) زعيم الحوثيين بأنه السبب في إدخال البلد بالأزمة الحالية، ومعتقلون آخرون بتهمة انتقاد مشرف الحوثيين في منطقة ما بالعاصمة صنعاء وطريقة استعراضه بالأطقم العسكرية في الحي السكني الذي يقطنونه.
ويأتي “الفيسبوك” كواحد من التهم التي يتم توجيهها إلى بعض المعتقلين في سجون صنعاء، حيث قامت الجماعة المسلحة بتجنيد خلية مهمتها مراقبة وطباعة ما يدونه الناشطون والصحفيون والكتاب وكثير من الشخصيات، حيث يوكل لعدد من الأشخاص في كل مديرية بمراقبة ما يكتبه الآخرون.
ـ دور خجول للمنظمات وأسطوري لأهالي المعتقلين
كشف ملف المعتقلين قسرياً عن عورات المنظمات المعنية بحقوق الإنسان، سواء المتواجدة في اليمن أو الدولية منها، وخصوصاً الأممية، والتي تقف موقف المتفرج مما يجري من انتهاكات.
واكتفت المنظمات الحقوقية بإصدار بيانات يتيمة وخجولة، دون ممارسة أي ضغط على جماعة الحوثي، وخصوصاً المنظمات الأممية التي لم تقم بدورها ولم تطالب الجماعة حتى بالكشف عن مصير بعض المخفيين قسريا.
وفي المقابل، كانت أسر وأهالي المعتقلين، وخصوصاً الصحفيين المضربين عن الطعام، تقدم دروساً في الشجاعة رغم القبضة الأمنية الحوثية في صنعاء.
ومنذ أشهر، يواصل أهالي المختطفين، تنفيذ الوقفات الاحتجاجية أمام المقرات الأمنية العليا التي يسيطر عليها الحوثيون ويتم فيها احتجاز ذويهم.
ـ الملف العسير في المشاورات
أخفقت الأمم المتحدة في إحداث أي تقدم بملف المعتقلين والأسرى والمخفيين قسريا، رغم انشاء لجنة خاصة، توازي الملف الأمني والسياسي.
وكان التقدم اليتيم، هو تبادل قوائم المعتقلين والأسرى كي يتم الافراج عنهم، حيث سلم الوفد الحكومي للأمم المتحدة قائمة بأكثر من 2600 معتقلاً وأسير لدى الحوثيين، فيما سلم الحوثيون قائمة بأكثر من 3700 زعموا أنهم محتجزون كأسرى لدى الطرف الآخر.
واعترف الناطق الرسمي للحوثيين، محمد عبدالسلام، أواخر الأسبوع الماضي، أن الافراج عن نجل الرئيس السابق، العميد أحمد علي عبدالله صالح، الذي يزعمون أنه معتقل لدى الإمارات، هو السبب في عدم إحراز أي تقدم بملف المعتقلين.