«عمران» في اليمن
راجح بادي
[contact-form][contact-field label=”الاسم” type=”name” required=”true” /][contact-field label=”البريد الإلكتروني” type=”email” required=”true” /][contact-field label=”الموقع” type=”url” /][contact-field label=”رسالة” type=”textarea” /][/contact-form]لا شيء يمكن أن يكدر الخاطر، ويحزن النفس في هذه الأيام الفضيلة أكثر من رؤية العديد من أبناء شعبنا اليمني وهم يكافحون في مسار يومي من المعاناة، والمشقة لتوفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة اليومية والتي لا تتعدى في سقفها الأعلى رغيف خبز، أو شربة ماء، أو علبة دواء مستحيلة.
وأنا أشاهد حلقات من برنامج «عمران» على تلفزيون قطر للصديق الإعلامي المتميز سوار الذهب في رحلته المثيرة إلى اليمن هذا العام أخذتني المشاهد في مشاعر متضاربة من الشوق لبلدنا الحبيب، إلى الألم الذي تولد من مظاهر المعاناة لدى الكثيرين من أبناء شعبنا الذين يكابدون ظروف حياة صعبة، جاءت الحرب لتضاعف من تحدياتها، وتجعل منها بالنسبة للعديد منهم مسألة فوق الاحتمال.
هذه المبادرة للصديق سوار الذهب، وطاقم برنامج عمران في تلفزيون قطر، تستحق الشكر والتحية بما تنطوي عليه من فعل أقل ما يمكن أن يوصف بأنه شجاع، وينم عن حس إنساني شكل دافعا أساسيا للانطلاق من قطر في رحلة شاقة شملت العديد من المحافظات اليمنية بقراها وأوديتها وأريافها، واستمرت أكثر من شهرين.
لقد تركت الحلقات الأولى للبرنامج انطباعا مثيرا عن اليمن لمن لا يعرفه، لا سيما أولئك الذين اقتصرت معرفتهم بهذا البلد العريق على ظروفه السياسية الراهنة، والتي شكلت غيمة سوداء حجبت عن الكثيرين عظمة اليمن وأصالة وكرم وطيبة شعبه التي حافظت دائما على صلابتها ووجودها من الانسحاق تحت غبار الحروب والنزاع والانقسامات.
على أن مشاهد المعاناة لدى شعبنا والتي وثق البرنامج جانبا منها، ستظل من أكثر الأشياء التي تحز في نفوسنا جميعا. إذ إن فكرة أن تشاهد آلاف الناس وهم يكابدون بحثا عن شربة ماء، أو تنقضي أعمار بعضهم وهم في حالة «عمى» لأنهم فقط لا يمتلكون نفقات المعاينة الطبية، هي مسألة تهتز لها المشاعر الإنسانية، وينزف لها ضمير كل إنسان سوي.
هذه المعاناة يفترض أن تكون الأساس الذي ينطلق منه الجميع لإعادة التفكير في مصلحة شعبنا، بدلا من المشاريع المراهقة والطموحات السياسية الضيقة التي تقفز فوق هذا الواقع، نحو محاولة اختطاف البلد، ومصادرة مستقبله لصالح فرد، أو طائفة، أو جماعة، دون اعتبار لمعاناة شعبنا التي طالت دون حلول في الأفق. لا يستحق شعبنا ما يحدث له بكل تأكيد، وعلى أولئك الذي يصرون على جعل هذه المعاناة قدرا أبديا أن يدركوا أن لعنة التاريخ ستلاحقهم، والأجيال ستتذكر أسماءهم جيدا، حين يندثرون، وينبعث الشعب من ركام خرابهم مثل طائر العنقاء من رماده، برغبته المتعطشة للحياة، وأحلامه التي لا يسعها هذا الفضاء الرحيب. والله المستعان.
المصدر: الشرق القطرية