في صباح ذلك اليوم أشرقت الشمسُ على الشاب”مجبور”.. تسللت خيوطها الذهبية من شباك غرفته الجميلة بدفئها المغمور بالحنان تجاهه وهو يغط في نوم عميق. في صباح ذلك اليوم أشرقت الشمسُ على الشاب”مجبور”.. تسللت خيوطها الذهبية من شباك غرفته الجميلة بدفئها المغمور بالحنان تجاهه وهو يغط في نوم عميق.
بين الفينة والأخرى ترتفع الشمس لتداعب خده بلطافة غير معتادة، أمال رأسه إلى الظل ليواصل نومه، قام متثاقلاً إلى الشباك وأسدل الستائر الثقيلة، وارتمى مرة ثانية إلى سريره مواصلاً نومه.
سمع طرقات هادئة على باب غرفته.. تجاهل ذلك، ومن ثم فُتح الباب فإذا بزوجته تُدخل له صحناً كبيراً فيه الفطور المفضل لديه، نظر إليها بتعجب فإذا بابتسامة جميلة تزين وجهها الجميل.
قال متعجبا: ماذا؟ فردت عليه بأن الوقتَ متأخرٌ.. هيا تناول الفطور لتذهب إلى عملك.. ألا تعلم أن اليوم ميعاد تسليم المرتبات.
نهض سريعاً، وبعد تناول وجبة الإفطار قام بلبس الزي الرسمي للعمل ورش على ملابسه ذلك الكم الهائل من عطره الفاخر.
خرج “مجبور” مبتدئا بالبسملة والاستفتاح بالله.. غادر البيت، وفي الشارع وجد العم “حمود” صاحب البقالة المتواجدة في حارته يلقي عليه لسلام وبعضٍ من الدعوات التي تنبئ عن رضا وراحة.
وصل “مجبور” إلى بوابة مبنى عمله وألقى السلام على حارس المبنى ودخل بكل نشاط وحيوية، ووصل إلى مكتبه وجلس على الكرسي وبدأ بالعمل.
فجأة ترتفع حرارة الشمس عليه، طرقات عنيفة على باب غرفته نهض من فراشه متعجباً لقد كان في حلم جميل.
نظر إلى الشباك ولم يجد الستائر الثقيلة.. تلفت يمنة ويسرة غير مصدقٍ الموقف.. الطرقات التي على الباب ترتفع بعنفٍ شديد.. صوت زوجته المخاصمة له يزداد ارتفاعاً وهو في حيرة من الأمر (هااه حاضر حاضر)؛ فتح الباب سأل عن الفطور تضجرت زوجته ورفعت صوتها: (فطور، نشتي غاز نسوي أكل للجهال). أخذ مجبور اسطوانة الغاز بيده ونظر إلى وجه زوجته الشاحب المليئ بالتضجر مقارناً إياه بالوجه الذي رآه لها قبل قليل.
سحب مجبور نفسه رويداً وهو يتذكر صحن الإفطار الذي رآه قبل قليل.. تحسس جيبه فلم يجد فيه فلساً واحداً خرج إلى العم محمود صاحب البقالة: السلام عليكم عم محمود، لاسلام ولا كلام ادفع الدين اللي عليك، مكنتني هذا الأسبوع بالاقي عمل.. هذا الأسبوع باجيب لك”.
طيب ياعم محمود اشتي دبة غاز بس وبايفرجها ربك.
لادبة ولا ثنتين اخرج خرجت نفسك.
ترك الأخ مجبور دبة الغاز عند العم محمود وذهب يريد مقر عمله ليعش على مكتبه بعض دقائق.
وصل يريد بوابة المبنى فإذا بالمبنى كله قد أصبح ركاماً تدور على أعمدته الغربان.
وضع مجبور يديه تحت ذقنه متحسراً على الواقع الذي وصل إليه، ثم عاد إلى بيته.
ولم يكلم أحداً.. عاد إلى فراشه لينام كي يشاهد حلماً جميلاً.