اتساع دائرة المستهدفين بالإجراءات الأمنية في جنوب اليمن ينقذ القاعدة (تحليل)
وبرغم الإجراءات الأمنية المشددة، والتي اتخذت أشكالا عدة، وكذا الإنجازات التي تعلنها السلطة المحلية وقيادة المنطقة العسكرية الثانية في المكلا، بشكل شبه دائم، إلا أن التنظيم تمكن من تنفيذ عمليات داخل مربعات يفترض أنها محصنة.
يمن مونيتور/ خاص/ من محمد مراد
تشير العمليات الأخيرة التي نفذها تنظيم القاعدة في كل من محافظتي عدن وحضرموت، جنوبي اليمن، إلى أن التنظيم قطع شوطا كبيرا في ترتيب وضع ما بعد الانسحاب من المناطق التي سيطر عليها إبان انشغال قوات الجيش والمقاومة الشعبية بالحرب على جماعة الحوثيين وقوات الرئيس السابق صالح، رغم تهيؤ كل الظروف للحد من تحركاته ونشاطه بل والقضاء عليه.
ومن المتوقع، في ضوء ذلك، أن تشهد المرحلة المقبلة مزيدا من العمليات في عدد من المحافظات اليمنية الجنوبية.
وأعلن تنظيم القاعدة مسئوليته عن العملية التي استهدفت معسكر “الصولبان” بعدن صبيحة يوم عيد الفطر المبارك، وعن محاولة اغتيال محافظ ومدير أمن عدن، الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى عمليتي “بروم” و”الغبر” بحضرموت يوم الاثنين الماضي.
وكان التنظيم، قبل ذلك، قد أعلن مسئوليته عن العملية التي استهدفت قائد المنطقة العسكرية الأولى، اللواء الركن عبد الرحمن الحليلي، في مدينة القطن بوادي حضرموت.
وبرغم الإجراءات الأمنية المشددة، والتي اتخذت أشكالا عدة، وكذا الإنجازات التي تعلنها السلطة المحلية وقيادة المنطقة العسكرية الثانية في المكلا، بشكل شبه دائم، إلا أن التنظيم تمكن من تنفيذ عمليات داخل مربعات يفترض أنها محصنة.
نوافذ جديدة
وبينما كان منتظرا من قوات الجيش والأمن أن تعمل على إغلاق كل النوافذ التي يمكن أن يعود منها تنظيم القاعدة، بعد طرده من مدينة المكلا بحضرموت، ومن مدينتي المنصورة والحوطة بلحج وعدن، فتحت تلك القوات نوافذ جديدة للتنظيم، عبر سلسلة من الإجراءات التي لم تتجه لمحاربته وإنما لاستغلال الحرب عليه في تصفية حسابات مع جهات أخرى.
ومنذ خروج تنظيم القاعدة من مدينة المكلا اعتقلت القوات المسيطرة على المدينة “قوات النخبة الحضرمية” عددا كبيرا من المحسوبين على التيار السلفي وعلى حزب التجمع اليمني للإصلاح، بينهم رموز دينية لها شعبيتها وتأثيرها، بالإضافة إلى مواطنين آخرين ينتمون إلى محافظات شمالية، وهو ما حدث في كل من عدن ولحج.
كما شهدت السجون الخاصة بتلك القوات انتهاكات جسيمة، لعل أسوأها التعذيب حتى الموت، مثل ما حدث للقيادي بمقاومة محافظة شبوة، جنوب شرقي اليمن، محمد بارحمة، في أحد سجون مدينة المكلا قبل أيام.
وما يمكن أن يثير القلق هو أن تلك الإجراءات لم تكن مجرد أخطاء يمكن تجاوزها، وإنما سياسة تستهدف شرائح معينة من أبناء المجتمع، وهو ما يعني أنها قد تستمر.
ويذكِّـر ما يحدث حاليا في محافظات حضرموت ولحج وعدن بما حدث للسلفيين في منطقة “دماج” بمحافظة صعدة، حيث وجد تنظيم القاعدة في تغاضي السلطة عما تفعله جماعة الحوثي فرصة للحديث عن هموم ومخاوف سُنية مشتركة، وعن السلطة كشريك في مخطط دولي يستهدف السُنة.
كما تجدر الإشارة هنا إلى أن السلفيين والمحسوبين على حزب الإصلاح كانوا شريكا فاعلا في الحرب على الإرهاب بمحافظة أبين إبان سيطرة تنظيم القاعدة عليها خلال عامي 2011 ـ 2012م، حيث شكل السلفيون لجانا شعبية نجحت في إبقاء مديرية “لودر” خارج سيطرة التنظيم حتى خروجه من المحافظة في 14/7/2014م.
غير أن تحويل هؤلاء من شركاء فاعلين في الحرب على الإرهاب إلى مستهدفين ومطاردين كإرهابيين يعقد كثيرا من مهمة هذه الحرب، ويفرغ الإنجاز الذي تحقق أخيرا في مدينة المكلا من محتواه.
معركة الخدمات
وبعيدا عن الإجراءات الأمنية ذات الدوافع السياسية، يمكن الإشارة إلى موضوع تراجع الخدمات في حضرموت الساحل، كأحد العوامل المؤثرة على العلاقة بين السلطة والمواطنين.
وكان تقرير لـ”يمن مونيتور” أشار إلى هذه النقطة قبل استعادة قوات الجيش الوطني لمدينة المكلا بأسابيع، واعتبرها التحدي الأكبر الذي سيواجه الحكومة في مرحلة ما بعد التحرير.
وحرص تنظيم القاعدة، خلال سيطرته على مدينة المكلا، على استمالة الناس من خلال تقديم كثير من الخدمات، مستفيدا في ذلك من العائدات اليومية التي كان يحصل عليها من ميناء المكلا وغيره.