مشاهد ذكي ودراما لا تدرس جمهورها
تواجه الدراما اليمنية تحديًا كبيرًا أكثر من أي وقت مضى، لم تعد تواجه قلة الإمكانيات المادية والمعدات والكوادر الفنية المؤهلة والمدارس السينمائية المعدمة في اليمن فقط، بل أصبحت تلقى صعوبة كبيرة في إرضاء ذائقة المشاهد الذكي!
فيما مضى كان الجمهور اليمني متلقي سلبي، يسير العمل التلفزيوني في اتجاه عمودي من المرسل إلى المستقبل الذي يتقبل العمل برحابة صدر، يصفق بكلتا يديه، ويظل ينتظر أمام التلفاز ليشاهد حلقة مسلسله المفضل بلهفة، يميل إلى العمل الكوميدي بشكل كبير ويحبذ هولاك الممثلين الذي يلعبون دائما دورا كوميديا خالصا في كل مسلسل، أي أنه كان غرضه الأول من المشاهدة التسلية والترفيه.
لكن الآن لم يعد المشاهد هو نفسه، لقد اكتسب وعيًا سينمائيا مخيفًا يحوله إلى مشاهد ذكي بجدارة، يظل يتنقب الأخطاء الفنية وينتقدها بذكاء، يهاجم بعنف كافة الهفوات التي لم تكن ملحوظة للمشاهد في سبق، الجدير بالذكر أن مشاهد اليوم لا يغفر لصانع العمل ويعتبر كل فهوة غير منطقية استخفاف بعقله كمشاهد مدرك لواقعه.
بدأوا يستخفوا بالأعمال الكوميدية التي تعودت عليها الدراما اليمنية كون المشاهد كان يميل إليه ميلا كبيرا، لكنه اليوم أصبح يبحث عن سينما تمثل واقعه وتعالج قضاياه بشكل منطقي ومعقول، لا يقبل المهزلة السينمائية ويمل من الرتابة التي لا تقدم شيء وتضيع وقت المشاهد.
لذا بات من الضروري على أي عمل درامي أن يدرس اهتمامات الجمهور المستهدف قبل أن يبدا بصناعة عمله، يعرف رغابتهم وحاجاتهم الفكرية والاجتماعية ليعمل على صناعة عمل يشبع رغابتهم وفقًا لنظرية الاستخدامات والاشباعات، وأن يضع التغييرات الفكرية والبيئية وفارق الزمن واختلاف الأجيال بعين الاعتبار حتى لا يكون هناك فجوة عميقة بين المطلوب والمقدم.