عمال النظافة باليمن.. معاناة تتضاعف في زمن الحرب
أضافت الحرب أعباء على كاهل العاملين من ذوي الرواتب المتدنية، إضافة إلى استقطاعات شهرية تحت مسميات شتى، لكن عامل النظافة ربما يكون هو الأسوأ من بين قرنائه من عمال الجمهورية الفقيرة.
يمن مونيتور/ صنعاء/ من إفتخار السامعي
تضاعفت معاناة عمال اليمن، في بلد يشهد حرباً منذ أكثر من عام، ويوصف اقتصاده بأنه الأضعف في المنطقة العربية، وملايين من سكانه يقبعون تحت خط الفقر، فيما سلم الرواتب هو الأدنى عربياً، على الاطلاق.
أضافت الحرب أعباء على كاهل العاملين من ذوي الرواتب المتدنية، إضافة إلى استقطاعات شهرية تحت مسميات شتى، لكن عامل النظافة ربما يكون هو الأسوأ من بين قرنائه من عمال الجمهورية الفقيرة.
منذ 17 عاماً تعمل “فاطمة أحمد صغيري” بمجال النظافة في العاصمة اليمنية صنعاء، بمبلغ مالي زهيد لا يكفي لتوفير الحاجيات الأساسية لأسرتها المكونة من ستة أفراد.
تقول فاطمة لـ”يمن مونيتور” إنها التحقت بمجال النظافة في صنعاء بعد وفاة زوجها من أجل إعالة أطفالها الستة، مشيرة إلى “أنها تتقاضى 25 ألف ريال (100 دولار) من الجهات الرسمية في العاصمة كراتب شهري لا يفي بالمتطلبات الأساسية لأسرتها”.
وتضيف فاطمة أن “الراتب يأتيها بعد عناء كبير، وتدفع معظمه كإيجار لشقتها في صنعاء”، ولفتت إلى “أن ثمة معاناة كبيرة تواجهها من قبل مالك شقتها الذي يهدد بطردها إن أخرت مبلغ الإيجار، في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد ويتأخر معها دفع رواتب الموظفين”.
فاطمة حالة من بين الآلاف من عمال وعاملات النظافة في اليمن الذين يعانون من قلة الاهتمام الرسمي، والنظرة الدونية من قبل بعض أفراد المجتمع، فضلاً عن تأخير رواتبهم الزهيدة لأشهر.
وإلى جانب هذه المعاناة يشكوا عمال النظافة من طول فترة عملهم رغم العائد المادي البسيط، إضافة إلى التعامل السيئ وغير الإنساني من قبل المشرفين المباشرين عليهم، كما يقول منير طه المساوى”، عامل نظافة في شارع هائل بصنعاء.
وأضاف المساوى (21 عاماً) لـ”يمن مونيتور” أنه يعمل بجهد كبير منذ السابعة صباحاً حتى الساعة الحادية عشرة كفترة أولى، قبل أن يعود لمزاولة عمله من الثانية ظهراً حتى السادسة مساءً.
ويشكو المساوى من النظرة الدونية التي يتعامل بها بعض أفراد المجتمع تجاه عامل النظافة قائلاً: “الناس لا يُقدِّرون عمال النظافة ولا عملهم، ويعتبرونهم درجة أقل من غيرهم بالمجتمع”.
وتابع “أثناء التنظيف أو بعده مباشرة، نتفاجأ بأن أكياس القمامة ترمى مرة أخرى في المناطق التي قمنا بتنظيفها، دون احترام لمشاعرنا أو تقديراً لجهودنا في كنس الشوارع”.
ومضى بالقول” إن أخبرناهم بضرورة الاهتمام بنظافة الشارع ومراعاة عمال النظافة يكون الرد قاسياً من قبل البعض، كعبارة: من أنت، وهذا شغلك لازم تنظف كل شيء، متسائلاً “هذا هو الرد الجميل لجهود عامل النظافة في بلاد المسلمين؟
ويشكو المساوى أيضاً من عدم الاهتمام به وزملائه من قبل المشرفين عليهم حتى في حالة مرضهم، فإنهم يجبرونهم على العمل، ويقول في هذا الصدد: “خرجت اليوم للعمل وأنا مريض خوفاً من أن يفصلونني من عملي، أو خصم من راتبي الضئيل.
وإلى جانب قصة المساوى هناك العديد من القصص المأساوية الأخرى التي تؤكد الوضع المعيشي السيئ الذي يعيشه عمال وعاملات النظافة في اليمن.
فهذه آمنة سالم (عاملة نظافة) في كلية الآداب في جامعة صنعاء، تقول لـ”يمن مونيتور” إنها تعمل في هذا المجال منذ عشر سنوات براتب مقداره 15 ألف ريال ما يعادل (60$).
وتضيف أنها “قررت العمل في هذا المجال من أجل إعالة أبنائها الثمانية نتيجة عدم حصولها على عمل آخر”.
ومنذ نحو عام، سيطرت جماعة الحوثي المسلحة وقوات موالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح على العاصمة صنعاء بقوة السلاح، وفرضت هيمنتها على مؤسسات الدولة بينها البنك المركزي ووزارة المالية، ما أدى إلى مغادرة الرئيس “هادي” وحكومته البلاد والإقامة مؤقتاً بالعاصة السعودية الرياض، ودخلت البلاد في فوضى أمنية واقتصادية، وخسر الآلاف وظائفهم وانهار سعر الريال، وبات الاقتصاد اليمني على حافة الهاوية. وفق العديد من التقارير.