محمد عبدالسلام.. كصراع نفوذ داخل جماعة الحوثي يجرّد الحسابات الخاطئة
أظهرت مقابلة محمد عبدالسلام المتحدث باسم جماعة الحوثي ورئيس وفدها المشترك مع حزب الرئيس اليمني السابق، مع تلفزيون الميادين، مساء اليوم الثلاثاء، الكثير من “عنجهية الجماعة” مع كثير من “جرّدة الحسابات الخاطئة”، و”المتناقضة”. يمن مونيتور/ وحدة التحليل/ من عدنان هاشم:
أظهرت مقابلة محمد عبدالسلام المتحدث باسم جماعة الحوثي ورئيس وفدها المشترك مع حزب الرئيس اليمني السابق، مع تلفزيون الميادين، مساء اليوم الثلاثاء، الكثير من “عنجهية الجماعة” مع كثير من “جرّدة الحسابات الخاطئة”، و”المتناقضة”.
أسهب عبدالسلام في تهديد مشاورات الكويت التي من المتوقع أن تنتهي بعد أسبوعين، بحسب المهلة المحددة من الأمم المتحدة، والتي قال إنها عادت إلى ما وراء صفر البداية، معلناً عدم قبولهم بأقل من اتفاق “سياسي” كامل يستثني عبدربه منصور هادي منه، إلى جانب الإعلان برفض جماعته لـ”الانسحاب” من المُدن، وتسليم السلاح للدولة.
المتحدث باسم الجماعة ورئيس الوفد المشترك قال إن الحديث عن “الانسحاب” يعني -بالنسبة لهم- “تطهير عرقي”!، ما يعني أن انسحابهم من الثكنات والمواقع يبدو صعباً إذا لم يكن مستحيلاً، مستدلاً بحديثه عمّا أحدثه انسحابهم من المحافظات اليمنية الجنوبية حيث زعم بانتشار “داعش” و “القاعدة”.
في يوليو 2014م تحدث عبدالسلام في فضائية إيرانية ناطقة بالإنجليزية، عقب أيام من اجتياح عمران، بالقول إنهم لن يسلموا الأسلحة، ولا يوجد دولة في اليمن وأنهم من يقومون بدور الدولة في البلاد، متوعداً-وقتها- السعودية بمقاتلة “تكفيرييها” وسط صنعاء؛ في لقاءه مع الميادين قال عبدالسلام أن “لن نسلم السلاح لأنه سلاح الجيش اليمني وهذا الأمر محسوم ولن نفاوض عليه”، هاجم المتحدث الحوثي السعودية متوعداً إيها في حال حدوث تصعيد عسكري بالتقدم إلى “ما بعد جازان”.
ربط عبدالسلام في مقابلته على التلفزيون- الممول إيرانياً- عرقلة ملف الأسرى برفض الرياض إخلاء سبيل نجل الرئيس اليمني السابق أحمد علي عبدالله صالح المتواجد في الإمارات، وسأله مذيع الميادين: لماذا فشل التفاوض على تبادل الاسرى في الكويت فأجاب::طلبنا اخلاء سبيل السفير احمد علي فرفضوا فرفضنا؛ وفي الجلسة الافتتاحية احتفلت الصحافة الإيرانية بحديث عبدالسلام عن عدم التزام الرياض بالإفراج عن الأسرى وعنونت صحيفة إيرانية “خبث آل سعود في اليمن” متحدثة عن محمد عبدالسلام الذي كشف أن الرياض و من أسمتهم “مرتزقتها” لا يريدون الإفراج عن اسرى الجماعة بالرغم من كون الجماعة أفرجت عن المئات. هؤلاء المئات ليسوا أسرى للحرب بل مجموعة من المجرمين القتلة بينهم مغتصب طفلة وقاتلها، إضافة إلى كون بعض هؤلاء من المواطنين الذين اعتقلوا ظُلماً وجرى الإفراج عنهم مقابل ملايين الريالات كـ”فدية”.
تناقض محمد عبدالسلام في المقابلة بشكل مذهل، فمن جهة يتحدث أن وفد الحكومة اليمنية هو وفد يتحدث باسم الرياض، لذلك فهم يفاوضون الرياض، ثم ينقلب على ذلك في موضع آخر متحدثاً أنهم حضروا إلى الكويت للتفاوض مع المجتمع الدولي، وفي آخر مقابلته تحدث عن اتفاق يمني- يمني لا يمكن للسعودية أن تتدخل فيه. وفي تناقض آخر قال: ” يجب عدم تضييع الوقت مع ممثلي السعودية بل يجب أن يكون معها مباشرة”.
ومن الواضح أن محمد عبدالسلام من خلال هذه المقابلة أراد عدة أمور:
يبدو واضحاً أن المتحدث باسم الجماعة ظهر في محاولة للرد على الاتهامات التي تفاقمت ضده داخل الجماعة بقيادة مستقبلها نحو الهاوية، وكأن حديثه محاولة لنقض مقابلة أجريت معه في صحيفة “الوطن” السعودية، ابريل الماضي، وعلى أعقابها شنت الصحافة القريبة من إيران هجوماً حاداً عليه كان أخرها هجوم شنه القيادي في الجماعة نزيه العماد في لقاء مع تلفزيون “اليمن اليوم”، مساء الاثنين وقال: “وفدنا الوطني طرفين احدهم تابع للمؤتمر وانصارالله والاخر تابع لمحمد عبدالسلام،”؛ تحدث عبدالسلام في المقابلة مع الوطن عن علاقات جيدة مع الرياض، وعن مفاوضات مستمرة معها من أجل إيقاف الحرب، وفي تصريحات عديدة تحدث أن حل وقف الحرب يأتي من خلال المحادثات مع الرياض مباشرة، فيما مشاوراته مع الوفد الحكومي غير ذات نتيجة، وأعزة عبدالسلام خلال المقابلة دافعهم “للمشاركة في مشاورات الكويت هي تفاهمات والتطمينات التي قدمتها السعودية لهم ، لافتا إلى أن هناك تواصلا مباشرا مع المملكة، وأنها أكدت أن المسار أصبح مسار سلام، مشددا على ضرورة تسليم السلاح الثقيل إلى الدولة”.
ولأجل وقف كل الأصوات المنددة بالرجل وبمواقف التقارب مع الرياض تحدث أن تحركاته ولقاءاته تمت بأوامر من “السيد عبدالملك” زعيم الجماعة؛ وفي ذات الوقت لم ينس الرجل الهجوم على الرياض واتهامها بالجرائم التي تحدث في البلاد.
اختار محمد عبدالسلام تلفزيون الميادين لعلمه بأنه لسان حال إيران، وتراقب وسائل الإعلام الإيرانية الناطقة بالفارسية بشكل شبه لحظي ما ينشره، ويُنقل إلى الفارسية، بالذات ما يخص الأحداث في اليمن، فهو يريد إيقاف المقربين من طهران ويشنون عليه حملة شرسة منذ حديث التقارب مع الرياض؛ هذا من جهة، من جهة أخرى هي رسالة للإيرانيين أنه مع توجهاتهم بأن “هادي” ليس ضمن حل سياسي في اليمن سيبقى ضمن أولوياتهم، إضافة إلى سحب السلاح من الجماعة والانسحاب من أماكن السيطرة؛ بالرغم من أن حديثه مع صحيفة الجريدة الكويتية في يونيو الماضي تحدث عن اتفاق من هذا النوع ليكون هادي رئيساً انتقالياً بصلاحيات محدودة؛ وترغب طهران بإخراج هادي من أي اتفاق سلام، لتأكيد مواقفها من أن حديث الرياض عن “الشرعية” كمبرر لإقامة الحرب يعتبر لاغياً، ومن خلاله ستدفع الرياض ذلك دولياُ بشن حرب على دولة جارة دون وجود مبررات، ما يجعل وقفها في قضايا إقليمية ضعيفة ويحملها تبعات ما يحدث في اليمن لسنوات عديدة قادمة.
أيضاً يحاول محمد عبدالسلام تطمين مقاتلي الجماعة أنهم ما يزالون في قوة، ولمؤيدي الجماعة أن مهلة الأسبوعين ليست صادقة، وأن أمام المشاورات طريق طويل بعد أن عادت إلى ما قبل نقطة البداية؛ وأن السعودية ستكون الهدف القادم لإرضاخها لما تريده الجماعة.
أمام هذا الخطاب الانفعالي يبدو أننا أمام مؤشرين:
الأول: فشل المفاوضات أو المشاورات الخلفية بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية كإعلان رسمي بما فيها اتفاق التهدئة على الحدود بين البلدين.
الثاني: أن مشاورات الكويت تعتبر انتهت من وجهة النظر التابعة لجماعة الحوثي ما لم يكن الحوثيون يريدون الاستهلاك الإعلامي بمقابلة محمد عبدالسلام، فحسب جدول الأعمال لهذه الأسبوعين سيجري الاتفاق على “تثبيت وقف الأعمال القتالية الكامل والشامل وتفعيل لجنة التهدئة والتنسيق واللجان المحلية بالإضافة الى تشكيل اللجان العسكرية التي تشرف على الانسحاب وتسليم السلاح من المنطقة (أ) وفتح الممرات الآمنة لوصول المساعدات الانسانية فيما ستواصل بالتزامن مع ذلك لجنة السجناء عملها لإطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين في أقرب وقت ممكن”.
ولا يبدو أن جدول الأعمال هذا يخص الحوثيين من قريب أو من بعيد حسب مقابلة “عبدالسلام”.