هناك حالات تضامن بين الشعوب كما هي حالات التضامن بين الأنظمة الاستبدادية.. نجاح انقلاب السيسي في مصر أثر علينا في اليمن نفسيا، وإفشال الانقلاب في تركيا يعد استعادة للحلم المسروق. 1
كان لما حدث في تركيا خلال الأيام الماضية انعكاساته على اليمن.. هناك حالة واسعة من التضامن الشعبي بين البلدين، يكتب أحدهم وهو محاصر من قبل المليشيا في قرية ريفية نائية من تعز أو الجوف أو مأرب أن انتصار تركيا على الانقلاب وإفشاله بصورة ديمقراطية حضارية حافظ على مكتسباتها طوال عقود، وهي الدولة التي عانت طويلا من الانقلابات العسكرية، التي ابتدأت في عام 1960.
في اليمن يشعر المقاتلون في الجبهات ضد المليشيا بكثير من الأمل، ويودون الخلاص من هذا الكابوس المخيم على الوطن منذ سبتمبر 2014.
تركيا دولة حديثة انبعثت إثر مخاض خمسة انقلابات، ولها دورها المهم اليوم المتجه صوب الشرق، وهي أيضا ضمن تشكيلة سياسية تشكل جدارا قويا وعامل توازن جنبا إلى جنب مع دول الخليج وعلى رأسها السعودية أمام التغول الإيراني في المنطقة.
2
الفرح الكبير لإفشال الانقلاب في تركيا هو أن الإنسان العربي يشعر بأن عصر الشعوب الذي ابتدأ في 2011 ما زال قويا.. وكون أن الشعب هو الذي يفشل الانقلاب هذا شيء مهم جدا ويبعث فينا نوعا من الأمل بقدرتنا على إفشال الانقلاب في اليمن ومصر.
هناك حالات تضامن بين الشعوب كما هي حالات التضامن بين الأنظمة الاستبدادية.. نجاح انقلاب السيسي في مصر أثر علينا في اليمن نفسيا، وإفشال الانقلاب في تركيا يعد استعادة للحلم المسروق.
هذا يعني أن هناك معادلاً موضوعياً وضامناً حقيقياً اليوم وهو “ْالشعب” أمام معادلة البيان العسكري رقم 1، هذا يعني أن أي انقلاب عسكري يمكن أن يحدث في بلد ما سيكون نجاحه مرهوناً بمدى استجابة الجماهير العريضة لهذه المجازفة الخطيرة لا بموافقة مجموعة صغيرة من الجنرالات تقرر خطة الانقلاب في غرفة صغيرة مغلقة وعبر مجموعة للاتصالات السرية.
3
ازدواجية بعض النخب العربية تنبئ عن هوة عميقة بين المبادئ النظرية وتطبيقاتها السياسية، ازدواجية في المواقف ينبئ عن تشوه عميق في الشخصية السياسية.. أن تؤمن بمبادئ الديمقراطية السياسية مختلف تماماً عن كونك اتخذت هذا الموقف للتستر خلف قبح حقيقي.
الأحزاب والتيارات اليسارية والعلمانية بعد ساعتين من بدء الانقلاب أدانت هذا الخرق الخطير في قارب العملية السياسية رغم أنها على خلاف عميق مع أردوغان وسياسة حزب العدالة والتنمية، أما كولن فقد جاء متخفيا ومهزوزا.. أدان الانقلاب في لحظات احتضاره الأخيرة، وعندما بدأت أصابع الاتهام تشير إليه باعتباره أحد المتورطين في هذا الانقلاب الفاشل.