وكأن الجريمة المنظمة لعصابات المليشيا لا تكفي، وكأن اليمن تنقصها الجرائم الفردية المتفاقمة والتي لا تقل وحشية وهمجية عن جرائم المليشيا مادامت ناتج طبيعي لها.
وكأن الجريمة المنظمة لعصابات المليشيا لا تكفي، وكأن اليمن تنقصها الجرائم الفردية المتفاقمة والتي لا تقل وحشية وهمجية عن جرائم المليشيا مادامت ناتج طبيعي لها.
فحالة الفقر والبطالة والنقمة من الوضع حدت بذوي النفوس المريضة للوقوع في جرائم سرقة ونصب قد يعقبها جرائم قتل من أجل مبالغ تافهة أو أغراض بسيطة كمقتل ذلك الشاب قبيل عيد الفطر المبارك في مدينة إب من أجل دراجة نارية وغيرها العشرات من الجرائم المماثلة.
غياب القانون والدولة الرادعة جعل الوحوش تطبق قانون الغاب في بني البشر فيزداد شقاء الإنسان فيها وتتقلص رقعة تواجد الإنسانية والتراحم والصبر.
تفاقم الإحساس لدى البعض بقسوة الحياة في اليمن هو ناتج عن أفعال البعض الآخر وليس لطبيعة هذا البلد، هذه الهمجية هي غراس أيدينا وحصائدها.
ففي المجتمعات التي اندلعت فيها حروب أهلية تتفشى ظاهرة العنف المجتمعي بقسوة مفرطة فتنتشر جرائم قتل متعمدة بوحشية مستقاة من رائحة الحرب وكأن ضحايا الحرب لا يكفون لملء المقابر جثثا أو القلوب حزنا وفقدا.
لعل ظاهرة القصاص من القاتل على أيدي الغرماء والتي ازدهرت بفضل مليشيا الخراب هي إحدى بدع الانفلات من القانون وأقبحها أيضا فالفيديو الذي تداولته مواقع التواصل عن عملية طعن أحد القتلة حتى الموت أمام حشد من الناس لهو دليل فاضح على غياب الإنسانية ودخولنا عالم الحيوان والافتراس بصورة تخيف حتى الحيوانات نفسها.
فإذا كانت سنة النبي أوصت بحقوق الحيوان عند الذبح أفلا يوجد حقوق للإنسان عند القصاص.
واقعنا المفزع لا يبيح لنا أن نتنصل من واجبنا نحو أجيال قادمة يجب أن يوفر لها الأمان ويوطن له، فلن تقوم الساعة علينا بعد حتى يتآكل الناس هكذا.. مازال في الزمن فسحة للمستقبل وعلينا أن نقاوم التوحش بالتراحم وقانون الغاب بقانون الإنسانية ما استطعنا. علينا أن نمسك بيد الظالم والمعتدى حتى يقيض الله لنا دولة أو ينزلها علينا من السماء.