أخبار محليةاقتصادالأخبار الرئيسيةغير مصنف

توفير القوت.. بات همًّا ثقيلا في يمن لم يعد سعيدا

على مدار سنوات طويلة كان اليمنيون يتغنون ببلادهم مطلقين عليها عبارة “اليمن السعيد”، لكن على ما يبدو باتت هذه السعادة مفقودة في هذا البلد العربي جراء ويلات الحرب التي يعاني منها منذ الربع الأخير من العام 2014، وبات معها توفير القوت اليومي “همًّا ثقيلا” جاثما بقوة على صدور كثير من اليمنيين. يمن مونيتور/صنعاء / الأناضول
على مدار سنوات طويلة كان اليمنيون يتغنون ببلادهم مطلقين عليها عبارة “اليمن السعيد”، لكن على ما يبدو باتت هذه السعادة مفقودة في هذا البلد العربي جراء ويلات الحرب التي يعاني منها منذ الربع الأخير من العام 2014، وبات معها توفير القوت اليومي “همًّا ثقيلا” جاثما بقوة على صدور كثير من اليمنيين.
الأمر أرجعه خبير اقتصادي يمني إلى عوامل عديدة، بينها تفشي البطالة على خلفية توقف الكثير من الأنشطة الاقتصادية في البلاد، وتراجع القدرة الشرائية للريال اليمني مع تدهور قيمته في مقابل الدولار، فضلا عن موسم زراعي شحيح شهده اليمن هذا العام، بفعل الأمطار الشحيحة.
والشهر الماضي، أفادت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، في تقرير لها، بأن 14.4 مليون من أصل 26 مليون يمني يواجهون خطر “انعدام الأمن الغذائي”، ومن بينهم 7.6 مليون يعانون منه بشكل “حاد”.
وأوضحت “فاو”، في تقريرها، أن 19 من محافظات اليمن الـ22، تواجه انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، مشيرة إلى أن ما يصل إلى 70% من السكان في بعض المحافظات يجدون صعوبة بالغة في الحصول على الطعام.
وأوضحت “فاو”، في تقريرها، أنه “استناداً إلى بيانات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) فإن نحو ثلاثة ملايين طفل تحت سن الخمس سنوات إضافة إلى نساء حوامل أو مرضعات، يحتاجون إلى خدمات للعلاج من سوء التغذية الحاد أو الوقاية منه”.
وحذرت من نقص المواد الغذائية سيستفحل على الأرجح مع عدم ظهور بادرة في الأفق على انتهاء الصراع.
ومن هؤلاء المواطن الأربعيني المقيم بصنعاء، عبد العالم أحمد، الذي قال، لـ”الأناضول”، إنه يكافح منذ أشهر في سبيل الحصول على الغذاء الأساسي لأسرته المكونة من سبعة أفراد.
أحمد كان يعمل قبل الحرب في أحد مكاتب المقاولات، لكنه فقد عمله مع توقف الشركة التي يعمل بها عن العمل كحال كثير من الشركات في مجال المقاولات والإنشاءات، ويعمل حاليا لبعض الأيام في الشهر في أعمال شاقة تشمل تحميل البضائع وتنزيلها.
وأضاف مشتكيا من أوضاعه أن “الحرب في البلاد أدت إلى تسريح الكثير من اليمنيين من أعمالهم ما أدى إلى تفاقم وضعهم المعيشي، وبات الكثيرون يكافحون فقط في سبيل الحصول على المواد الأساسية الضرووية”.
وتابع: “استمرار الحرب في البلاد قد يزيد بشكل أكبر وضع الأسر اليمنية سوءاً”، معرباً عن أمله في “الوصول إلى حل عاجل للأزمة”.
وأحمد واحد من بين ملايين اليمنيين الذين يعانون أوضاعاً معيشية صعبة، في ظل تفشي الفقر والبطالة اللذان أديا إلى انخفاض القدرة الشرائية للعديد من المواطنين، وباتوا يفكرون أكثر في الجوانب الأساسية للحياة.
وفي نهاية أبريل/نيسان الماضي ذكر تقرير صادر عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي اليمني (غير حكومي) أن نحو مليون ونصف المليون عامل من اليمنيين، فقدوا أعمالهم بسبب الحرب التي تشهدها البلاد منذ أكثر من عام.
وأوضح التقرير أن “الارتفاع في أسعار السلع الأساسية، خلال الربع الأول من العام الجاري 2016، بلغ 25% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي”.
ويعاني اليمن ضائقة مالية لم يسبق لها مثيل منذ سيطرة الحوثيين على السلطة في أواخر سبتمبر/أيلول 2014؛ حيث توقف تصدير النفط الذي تشكل إيراداته 70 بالمئة من إيرادات البلاد.
من جانبه، قال الباحث اليمني في الشؤون الاقتصادية والاستراتيجية، سعيد عبد المؤمن، إن اليمن يعاني من أزمة شديدة في توفير المواد الغذائية، مشيراً إلى أن معظم اليمنيين وصلوا إلى حد الفقر الغذائي الشديد، خصوصا في الأرياف.
وأرجع ذلك إلى أن “مسألة استيراد المواد الغذائية من الخارج أصبحت مكلفة بسبب انهيار قيمة الريال اليمني أمام الدولار، إضافة إلى العقوبات المفروضة والإجراءات الشديدة التي تفرض على بواخر المواد الغذائية القادمة إلى اليمن من الخارج”.
وفي 21 مارس/آذار الماضي، قرر البنك المركزي اليمني، الذي يسيطر عليه الحوثيون، تحديد سعر شراء الدولار عند 250 ريالا يمنيا ارتفاعا من سعر 215 ريالا الذي استمر عدة سنوات.
لكن متعاملين بشركات للصرافة يقولون إن نقص العملة الصعبة جراء الصراع دفع سعر العملة المحلية لمواصلة الانخفاض ليصل سعر شراء الدولار إلى 300 ريال في السوق السوداء.
عبد المؤمن أورد سببا آخر أدى إلى تفاقم الأزمة الغذائية في البلاد، لافتا إلى أن “بلاده تعاني شحة في الأمطار هذا العام؛ ما أثر على الجانب الزراعي”، موضحا أن ذلك “جعل المحصول الزراعي معدوما أو ضعيفا”.
وبين الخبير الاقتصادي اليمني، كذلك، أن القدرة الشرائية لدى اليمنيين انخفضت بشكل كبير بسبب تفشي ظاهرة البطالة، وانخفاض الدخل لدى الأسر بسبب الأزمة، مختتما بالقول: “أصبحت الأزمة المعيشية في اليمن مركبة وشديدة التعقيد”.
وفي دراسة نشرتها مؤخرا، قالت منظمة “الفاو” إن “الصراع الدائر في اليمن له تأثيرات خطيرة على واردات الغذاء وشبكات النقل والمعروض في السوق وبالتالي على أسعار السلع الغذائية المستوردة والمنتجة محليا”.
وتابعت أن “هذا يمثل تهديدا خطيرا إذ يستورد اليمن ما بين 80 و95 بالمئة من المواد الغذائية الضرورية، ويتوقع أن يؤثر عدم الاستقرار المستمر بشكل كبير على الإنتاج الزراعي المحلي والتسويق”.
ومما ساهم في أزمة الغذاء باليمن الضائقة المالية التي يعاني منها هذا البلد العربي، والتي تقلل قدرتها على استيراد الغذاء؛ فمنذ سيطرة الحوثيين على السلطة في أواخر سبتمبر/أيلول 2014 توقف تصدير النفط الذي تشكل إيراداته 70 بالمئة من إيرادات البلاد.
وتدخل تحالف عربي بقيادة السعودية في الحرب باليمن منذ مارس/آذار 2015 في محاولة لإعادة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى السلطة، وإنهاء سيطرة الحوثيين وقوات الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، على مقاليد الحكم في البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى