الأخبار الرئيسيةغير مصنف

“الشراكة”.. عقدة الجولة المقبلة من مشاورات السلام اليمنية (تحليل)

من المقرر، وفقا لما أعلنه المبعوث الأممي لليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، عقد جولة جديدة من مشاورات السلام اليمنية في الكويت منتصف يوليو/تموز الجاري، بعد أن تم رفع الجولة السابقة دون التوصل لأي اتفاق. يمن مونيتور/صنعاء /الأناضول
من المقرر، وفقا لما أعلنه المبعوث الأممي لليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، عقد جولة جديدة من مشاورات السلام اليمنية في الكويت منتصف يوليو/تموز الجاري، بعد أن تم رفع الجولة السابقة دون التوصل لأي اتفاق.
لكن ولد الشيخ أشار، في مؤتمر صحفي بعيد رفع المشاورات، إلى أن الجولة المقبلة من المشاورات ستتضمن تنفيذ “تفاهمات”، قال إن من بينها “تشكيل حكومة وحدة وطنية، تشرف على إنقاذ الاقتصاد، وتأمين الخدمات الأساسية للمواطنين”.
الحديث عن الشراكة، عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية، أثار غضب الوفد الحكومي الذي سارع إلى إصدار بيان توضيحي كما لو كان ردا على تصريحات ولد الشيخ، واصفا الحديث عنها (الشراكة) قبل تنفيذ المرجعيات الثلاث (قرار مجلس الأمن رقم 2216 والقرارات ذات الصلة، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني)، هو محاولة لـ”شرعنة الانقلاب”.
وأكد أن “السلطة الشرعية ممثلة برئيس الجمهورية (عبد ربه منصور هادي) هي المعنية باتخاذ التدابير والخطوات المناسبة لتوسيع المشاركه السياسية في الحكومة مستقبلا، وبعد أن ينفذ الانقلابيون كل ما عليهم من التزامات”.
وهذا رفض واضح لإبرام أي صفقة تحت أي مسمى يمنح الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام (جناح الرئيس اليمني السابق على عبد الله صالح) نصيبا في الحكومة قبل أن يلتزموا بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2216 الصادر في أبريل/نيسان 2015، والقاضي بسحب مسلحيهم من المدن، وتسليم السلاح، ومغادرة مؤسسات الدولة التي يسيطرون عليها منذ أواخر سبتمبر/أيلول 2014.
عقدة الشراكة تبدو أنها واحدة من جملة عراقيل تواجه جولة المشاورات القادمة؛ ذلك أن تشكيل حكومة وحدة وطنية يعني في نظر حكومة الرئيس هادي بمثابة اعتراف ضمني بشرعية مسلحي جماعة الحوثيين وحزب صالح، ويضفي على كل تصرفاتهم طابعا رسميا، فيما تعتبر الحكومة ما قام به المسلحون “انقلابا” انتزع منها سلطتها بقوة السلاح.
وفد الحوثي وصالح يصر، منذ بدء المشاورات، على أن يتم تشكيل حكومة شراكة؛ وهي بالتالي من سيشرف على سحب المسلحين، وتأمين المدن، والإشراف على عملية سياسية في فترة انتقالية محددة.
على النقيض، ترى الحكومة بضرورة تراتبية النقاط الخمس للقرار الأممي 2216، والتي ورد فيها بند تشكيل حكومة الشراكة متأخرا؛ حيث سبقه سحب المسلحين من المدن، وتسليم السلاح، وعودة الرئيس والحكومة إلى العاصمة صنعاء.
وكان “عادل الشجاع”، القيادي في جناح صالح بحزب المؤتمر الشعبي، ومثله القيادي بجماعة الحوثي، “حمزة الحوثي”، قالا في تصريحات سابقة نقلتها وسائل إعلام موالية لهم، إنهم على استعداد لتوقيع “خارطة الطريق” التي اقترحها ولد الشيخ، بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية.
وهذه “الخارطة”، في حقيقة الأمر، فرصة ذهبية لتحالف الحوثي/صالح لحجز مقعده في السلطة القادمة، بعد أن كان يُنظر إلى الخطوات التي قام بها منذ الربع الأخير من العام 2014 باعتبارها مجرد “انقلاب على الشرعية”.
لكن الحكومة ومن ورائها “التحالف العربي”، بقيادة السعودية، يرفضان إجراء كهذا، ويعتبرانه تثبيت لـ”سلطة الأمر الواقع” التي يمارسها الحوثيون وجناح الرئيس السابق، ويتمسكان بحق الحكومة التي تتواجد في العاصمة المؤقتة عدن، جنوبي البلاد، في إدارة البلاد، والبت في موضوع توسيع الشراكة من عدمه.
وسيواجه المبعوث الأممي بلا شك معضلة عند طرح بند “الشراكة”؛ ما قد يضطره إلى البحث عن بدائل أو “تخريجة” مناسبة للطرفين، من بينها على سبيل المثال إعلان حكومة شراكة بالتزامن مع نزول لجان دولية للإشراف على الانسحاب من المدن، وتسليم السلاح، ووقف شامل للحرب.
محللون سياسيون يمنيون يرون أن قبول الحكومة اليمنية بشراكة مع الحوثيين وحلفائهم قبل الانسحاب من المدن وتسليم السلاح وغيرها من الاشتراكات التي تسبق استئناف العملية السياسية، سيكون نسف لكل المرجعيات الدولية بما فيها قرار مجلس الأمن 2216 الصادر تحت الفصل السابع.
إذ يرى الباحث السياسي والكاتب في عدد من وسائل الإعلام اليمنية، “ياسين التميمي”، أن “حكومة الشراكة الوطنية دائماً ما كانت مطية للمخلوع صالح والحوثيين، لبلوغ أهداف لا علاقة لها بالشراكة بل بالانقضاض على الشراكة، وحدث هذا في حكومة الوفاق الوطني برئاسة محمد سالم باسندوة (حكومة تم تشكيلها في يناير/كانون الثاني 2012 لقيادة المرحلة الانتقالية بعد تنحي صالح عن الحكم) وحكومة الكفاءات برئاسة خالد بحاح (تشكلت في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، وقدمت استقالتها في 22 يناير/كانون الثاني 2015)، وسعوا من خلال الشراكة في كلا الحكومتين إلى تقويضهما والانقضاض عليهما”، على حد وصفه.
وتابع “لهذا هم يؤكدون على حكومة شراكة؛ لأنهم يريدون التخلص بأي ثمن من الشرعية التي تمثلها سلطة الرئيس هادي وحكومته، ومن كل الشرعيات المترتبة عليها، ولهذا يريدون حكومة شراكة تقوض هذه المشروعية، قبل البدء بالترتيبات الأمنية التي نص عليها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216″، وفقاً لتعبيره.
“في تقديري (يضيف التميمي) أن حكومة الشراكة ستبقى عقدة المشاورات لفترة مقبلة، إذا لم تشرع الأمم المتحدة في إلزام الحوثيين وصالح بتنفيذ قرار مجلس الأمن، وإنجاز الترتيبات الأمنية، التي يمكن أن تهيئ الأرضية السياسية للانتقال إلى مرحلة حكومة الشراكة”.
من جهته يقول علي الشريف، الكاتب والمحلل السياسي اليمني، إن “الحوثيين وحليفهم صالح، يحاولون الخروج من الورطة التي أوقعوا أنفسهم فيها وأوقعوا البلد والمنطقة بانقلابهم، على التسوية السياسية، واختطاف مؤسسات الدولة، وأولها المؤسسة العسكرية والسلاح، وشن حربا على كل محافظات الجمهورية؛ وبالتالي وجدوا أنفسهم في مواجهة كافة القوى الوطنية في الداخل والإقليم والمجتمع الدولي”.
وأضاف للأناضول “هم (الحوثيين/صالح) يحاولون الدخول في شراكة وطنية، لشرعنة انقلابهم، وللخروج من مسئولية تدهور الوضع أمنيا واقتصاديا”.
وفي 29 يونيو/حزيران الماضي، أعلن المبعوث الأممي رفع جلسات المشاورات اليمنية التي انطلقت بالكويت في العاشر من نيسان/أبريل الماضي لمدة أسبوعين، بعد أكثر من سبعين يوما لم تستطع الأطراف خلالها أن تحدث اختراقا في جدار الأزمة التي تعصف بالبلاد منذ نحو عام.
وفي 21 سبتمبر/أيلول 2014، سيطر مسلحو الحوثي وقولت موالية لصالح على العاصمة صنعاء ومدن يمنية أخرى، قبل أن تتشكل مقاومة شعبية مسلحة تساند القوات الحكومية في حربها ضد الحوثيين وصالح، استطاعت تحرير بعض المدن من قبصتهم، ليس من بينها صنعاء التي ما تزال المعارك تدور على تخومها الشرقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى