القتل أو الموت جوعاً… أوقات عصيبة يعيشها صيادو اليمن في فوضى البحر الأحمر
يمن مونيتور/ من سهيل الشارحي
إلى عمق البحر ليلا يولون وجوههم، وبخوف وقلق يبيتون على قواربهم في انتظار ما تحمله شبكة الصيد لأطفالهم، لكنهم يعودون بمحصول لا يغط احتياجات أسرهم اليومية، هكذا هو حال صيادي الأسماك في سواحل البحر الأحمر.
فالعملية العسكرية التي نفذتها جماعة الحوثي في البحر الأحمر ضد السفن التجارية، وإقلاق الملاحة الدولية، أثرت على الصيادين، بل وجعلت حرية التحرك للبحث عن الصيد محدودا.
وشهد البحر الأحمر، تحركات عسكرية وتصعيدا غير مسبوق واستهدافا لعدد من السفن التجارية من قبل جماعة الحوثي، فمنذ نوفمبر العام الماضي حتى الشهر الجاري نفذ الحوثيين ما يزيد عن 28 هجوما طال السفن التجارية والبارجات الحربية، تحت ذريعة نصرة غزة.
لكن أمريكا وبريطانيا وبعض من الدول الغربية سرعان ما نشرت أساطيل وبارجات حربية في البحر الأحمر بهدف حماية السفن التجارية من هجمات الحوثي، الأمر الذي جعل التصعيد العسكري في المنطقة يزداد من حدته في ظل فشل الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة، فصيادي الأسماك هم الأكثر تضررا من تلك العملية العسكرية.
يقول صادق حسن أحد الصيادين في الساحل الغربي، إن الهجمات الحوثية المتكررة على السفن التجارية، وتحويل البحر الأحمر إلى ساحة صراع، أصبح مصدر قلق وخوف للصيادين، بل توقف العديد منهم عن الاصطياد خوفا على حياتهم.
ويضيف صادق في تصريح ل “يمن مونيتور”، أن مهنة الصيد تعتبر المصدر الرئيسي لمعظم ساكني المناطق الساحلية التي يعتمدون عليها، لكن التحركات العسكرية البحرية، تسببت في تراجع عملية الاصطياد بشكل كبير.
ويشير صادق: كنا قبل نشوب الحرب في المياه الاقليمية “، نمارس عملية الاصطياد بشكل طبيعي ومن أي مكان في البحر، لكن منذ ازدياد الصراع أصبح الاصطياد مصدر خوف وقلق لنا”
اصطياد محفوف بالمخاطر
ويواجه الصيادون صعوبات وعوائق أثناء عملية الاصطياد وذلك بسبب الصراع في البحر الأحمر، ومنهم إبراهيم علي وهو صياد اخر في الساحل الغربي الذي يقول إن البحر الأحمر أصبح بالنسبة للصيادين غريبا، إذ لا يستطيعون التحرك بحرية للحصول على الاسماك، بسبب التحركات العسكرية في المنطقة، مضيفا: نمارس الاصطياد بوقت محدود وبأماكن معينة لجلب القليل من السمك، ونعود إلى البيوت خوفا من أي مكروه قد يلحق بنا.
ويذهب إبراهيم إلى أنه في فصل الشتاء من الصعب الحصول على الأسماك من مكان واحد، بسبب دخول موسم البرد، ولا نستطيع التنقل إلى اماكن اخرى وبعيدة عن الساحل للاصطياد في ظل التوترات التي يشهدها البحر الاحمر، مما نضطر للعودة ولو بشيء قليل من الأسماك.
وفي سياق حديثة يضيف إبراهيم: مع تزايد حدة التوتر في البحر الأحمر، منعت أغلب الأسر أبناءها من الخروج للاصطياد خوفا من استهدافهم من قبل الأطراف المتصارعة في البحر الأحمر، بل وأصيب الصيادين بالهلع والخوف في نفوسهم، لأن مصدرهم الرئيسي لتأمين قوتهم اليومي في خطر ”
واعتبر إبراهيم أن العمل في اصطياد الأسماك يعتبر مغامرة بنسبة لنا، لكن على الرغم من ذلك مضطرون للعمل، لأن تلك المهنة تعتبر الوسيلة الوحيد لكسب الرزق.
قرار حوثي بمنع الاصطياد
وعلى الرغم من توسع دائرة الصراع في البحر الأحمر، إلا أن الصيادين الواقعين تحت سيطرة القوات الحكومية محظوظون جدا عن قرنائهم الذين حرموا من الاصطياد في مناطق سيطرة جماعة الحوثي شمالي الحديدة.
وعلى شواطئ اللحية وست جزر يمنية أخرى، حضر الصيد بقرار حوثي، وبات أكثر من ثلاثمائة ألف صياد في الحديدة يعيش المأساة، سيما بعد عزم جماعة الحوثي عسكرة السواحل المسيطرة عليها.
ويقول مسعود مساوي، إن القرار التي اتخذته جماعة الحوثي في منع الاصطياد إثر بشكل كبير على حياة الكثير من الصيادين، لأن عملية الاصطياد تعد مصدرهم الوحيد لغالبية سكان السواحل اليمنية.
نعمان سيف أحد الصيادين المتضررين من قرار الحوثي في منع الاصطياد، يقول إن القرار فاقم من حياة الصيادين لأن أغلبهم لا يمتلكون مصدر دخل آخر، ولا يجدون مهنة ووسيلة أخرى لتوفير مستلزمات أسرهم اليومية.
ويضيف الصياد نعمان، قرار منع الاصطياد جعل معظم الصيادين ينزحون إلى المناطق الساحلية التي تسيطر عليها القوات الحكومية، بغرض الاصطياد حتى وإن كان المحصول من الأسماك قليل .
استهداف الصيادين
وفي 25 من يناير الجاري عثر مواطنون من أبناء محافظة الحديدة، على جثامين ثمانية صيادين، جرى الإعلان عن فقدانهم قبل أيام بعد خروجهم لمزاولة مهنة صيد الأسماك بمياه البحر الأحمر.
وبحسب مصادر في مراكز الإنزال السمكي، فإن الصيادين قتلوا أثناء رحلة صيد حيث غادروا سواحل الخوخة في 19 ديسمبر الماضي، تم العثور عليهم بالقرب من جزر ذات حراب بالبحر الأحمر وعلى أجسادهم آثار طلقات نارية
ووجهة وزارة الثروة السمكية التابعة لجماعة الحوثي أصابع الاتهام للقوات الدولية المتواجدة في البحر الأحمر.
وخلال الأشهر الماضية فقد العديد من الصيادين اليمنيين حياتهم في البحر الأحمر، وزادت الخطورة عليهم مع التوترات التي تشهدها منطقة البحر الأحمر وباب المندب، بين الحوثيين والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية منذ أسابيع.
ولم تكتف الجماعة المسلحة بقتل مئات الصيادين بالألغام البحرية في وقت سابق، بل عمدت على تدمير أكثر من تسعين مركزا للإنزال السمكي وحرمت الآلاف من مصادر عيشهم في البحر.
.