بعد 9 سنوات من التوقف.. الحراك الشعبي يدفع بعودة وشيكة لخدمة الكهرباء الحكومية في تعز (تقرير خاص)
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من سهيل الشارحي
تسع سنوات على التوالي وسكان مدينة تعز ذات الكثافة السكانية الأعلى في اليمن، يعانون من انقطاع تام لخدمة الكهرباء الحكومية، بعد ما نهبت جماعة الحوثي منذُ اجتياحها المدينة ممتلكات محطة الكهرباء الحكومية لتصبح خارجة الخدمة.
وتوقفت محطات الكهرباء الحكومية عن الخدمة منذ هجوم الحوثيين على المدينة مطلع عام 2015، وظهرت محطات كهرباء خاصة تقدم هذه الخدمة الأساسية للسكان بمالغ خيابة مستغلة الفراغ في المؤسسة الحكومية.
وتسبب خروج المحطة الرئيسية للكهرباء، بعزل ساكِني تعز عن الكهرباء، وخلَّف الحوثيون منذ اجتياحهم المدينة ونهبهم لمحطة الكهرباء الحكومية، دمارا هائلا كبَّد قطاع الكهرباء خسائر هائلة تصل إلى أكثر من أربعين مليون دولار.
لكن ذلك، لم يمنع الحراك الشعبي والمبادرات الشبابية على منصات التواصل الاجتماعي، من إطلاق الحملات الإلكترونية، وتنظيم الوقفات الاحتجاجية لمطالبة السلطات الحالية، بالعمل على عودة خدمة الكهرباء الحكومية للعمل في المدينة، وهو ما كان له الأثر في تحريك الجمود الذي سيطر على ملف الكهرباء طوال سنوات الحرب الماضية.
استغلال غياب الكهرباء الحكومية
بات الحصول على الكهرباء امرًا في غاية الصعوبة، في مدينة تعز، بعد التعنت المتكرر من قبل مالكي المولدات التجارية الخاصة، في رفع سعر الوحدة إلى 1100 ريال، في ظل استمرار غياب الكهرباء الحكومية.
وفي هذا الشأن، يقول الصحفي نائف الوافي أحد ساكني مدينة تعز، إن الإرتفاع المتكرر لأسعار الوحدة من قبل مالكي الكهرباء الخاصة، أثقل كاهل المواطن، مشيرًا إلى أن غياب الكهرباء الحكومية جعل مالكي المولدات الخاصة يرفعون سعر الوحدة يومًا بعد آخر.
ويضيف الوافي وهو أحد النشطاء الشباب الذين كان لهم إسهام إعلامي حول الكهرباء الحكومية، “لا يمكن لمدينة بالذات أن تكون بلا كهرباء عامة فما بالك بمدينة تعز التي تعيش منذ ثمان سنوات بلا كهرباء عامة
والكهرباء التجارية غالية الثمن وتصل سعر الوحدة إلى 1100 ريال بينما في منطقة النشمة نفس التاجر الذي يبيع بهذا السعر يبيع هناك ب 600 ريال للوحدة”.
وأرجع الصحفي نائف، السبب في ارتفاع أسعار السلع والخدمات، إلى غياب خدمة الكهرباء العامة وغلاء الطاقة البديلة وكل البدائل للكهرباء.
من جانبه، يقول إسماعيل التاج أحد الطلاب في مدينة تعز يقول، إن بسبب الانقطاع الشبه كلي للكهرباء الخاصة، وارتفاع أسعارها بشكل جنوني، أصبحنا نحن الطلاب نعاني من مشاكل وخيمة تؤثر سلباً على حياتنا الأكاديمية، حيث نشعر بالقلق والتوتر بسبب عدم القدرة على الوصول إلى الموارد التعليمية وإنجاز المهام في الوقت المحدد.
ويشير التاج، أنه يجب على السلطة المحلية إيجاد حلول لهذه المشكلة، مثل توفير كهرباء مستدامة بأسعار معقولة وتحسين بنية الشبكة الكهربائية، وتفعيل المحطات الكهربائية الحكومية.
“ضغوط شعبية حملات إلكترونية”
في ظل الإرتفاع المتكرر لأسعار الكهرباء التجارية أطلق شباب من أبناء المحافظة حملة الكترونية كسرت حاجز الظلام عن المواطنينَ الذين أرهقتهُم فواتير الكهرباء التجارية، لتضع الحملة سلطة تعز أمام خِيار واحد فقط، استعادة الكهرباء الحكومية.
الحراك الشعبي خلال الثلاثة الأشهر الأخيرة في المدينة، ساهم في تحرك المياه الراكدة، وذلك من خلال مطالبة السلطة المحلية في إعادة تشغيل محطة عصيفرة لتوليد الكهرباء بعد توقف دام طوال التسع سنوات الماضية.
يقول الصحفي نائف الوفي، أحد الإعلاميين الذين أطلقوا الحملة على وسائل التواصل الاجتماعي، “إن الحملة الالكترونية التي أطلقت عبر وسائل التواصل الإجتماعي والتي تضمنت إعادة تشغيل الكهرباء الحكومية، جعلت الجهات المسؤولة على الكهرباء تبادر وتتابع في تشغيل المحطة”.
وأوضح، أن “الحملة خلقت انسجام بين السلطة المحلية ومنظمات المجتمع المدني والمواطنين لتحقيق عودة الكهرباء العامة إلى تعز، وعودة موظفي محطة عصيفرة، واستمرار عملية الصيانة بلا توقف”.
“ضغوط شعبية تدفع بتحرك حكومي لتشغيل الخدمة”
مدير مؤسسة الكهرباء في تعز، المهندس عبد الكريم البركاني يقول لـ”يمن مونيتور”، إن الضغوطات الشعبية المطالبة بإعادة الكهرباء الحكومية جعلت السلطة المحلية تبادر للعمل في إعادة خدمة الكهرباء، وذلك عبر تسليم محطة عصيفرة لمؤسسة الكهرباء، بعد ما كانت تحت أحد ألوية العسكرية التابعة للقوات الحكومية
وأكد المهندس البركاني، أن إدارة المحطة والطاقم الفني التابعة لمؤسسة الكهرباء بتعز يقومون بعملية مسح شامل لشبكة الكهرباء لمعرفة المواد المطلوبة، لإعادة صيانة وتأهيل الشبكة ومكوناتها.
وأوضح البركاني، أن المؤسسة تعمل بكل جهدً من أجل إعادة الكهرباء العامة لمدينة تعز كمرحلة أولى، ابتداء من إعادة تأهيل محطة توليد كهرباء عصيفرة كنواة لكهرباء تعز، المحطة الوحيدة في المدينة، مرورا بإصلاح شبكة الضغط العالي والمحولات الموجودة في مدينة تعز، وتأهيل المبنى الرئيسي للكهرباء، وتوفير أجهزة كمبيوتر، والمكاتب ووسائل النقل وتوفير متطلبات عمل المؤسسة، واعتماد موازنة تشغيلية شهرية وإيصال الكهرباء للمشتركين واستئناف عمل المؤسسة.
وأشار البركاني، إلى أن محطة عصيفرة لن تكن كافية في توفير الكهرباء للمديريات المجاورة للمدينة وذلك بسبب توقف بعض المولدات عن العمل لعدم توفّر قطع بديلة لصيانَتِه.
وأضاف أن بعض من المديرات مرتبطة بالشبكة الكهربائية القادمة من محطة التحويل الرئيسية بمنطقة الحوجلة، والتي تقع تحت سيطرة جماعة الحوثي.
بعد أعوام من التوقف تخضَع محطة عصيفرة للصيانة بتفاعُل مجتمعي، لكنها قد تعودُ بالثُلث فقط من قُدرتِها الانتاجيةِ بحسب الفنيين، فالمحافظةُ هذه التي تعيشُ الظلامَ بسببِ الحربِ الحوثية تحتاجُ الى 30 ميجا وات من الكهرباءِ لتعودَ إلى مستواها السابق.
ومنذ تسع سنوات، تسببت الحرب بتدمير كبير طال البنية التحتية للمؤسسة العامة للكهرباء في تعز، الأمر الذي دفع بعض رؤوس الأموال وقوى النفوذ بالمدينة إلى استغلال وضع المواطنين، وإنشاء محطات تجارية للكهرباء وبيع سع الوات بشكل مبالغ فيه في ظل استمرار خروج الكهرباء الحكومية عن الخدمة.