ليست مجرد عبارة لشاب عشريني عبر بها فقط عن فرحته بالحصول على إقامة في بلد معين، بل هي تعبير آخر عن شعوره الأولي بالاستقرار الذي ظل ينتظره لمدة 20 عامًا، وفقًا لتصريحه في إحدى القنوات التلفزيونية المصرية.
هذا الانتظار الطويل يتلخص في أوراق ظل يبحث فيها خالد عن الاعتراف به كإنسان له حق العيش بأمان واستقرار كأي إنسان آخر.
أوراق يبحث فيها خالد وغيره الآلاف اليوم عن الانتماء الجذري للنوع الإنساني لا أكثر، بعيدًا عن أسئلة الهوية المسبقة التي تكبل وتشكل الفرد كما تشاء وفقا لرؤية الفيلسوف المسكيني.
في غضون أربعة أيام فقط، أجابت مصر “بنعم” أنت إنسان ولديك في هذه الأرض ما لكل إنسان فيها. اي وصلته وثيقة الإقامة في مصر سريعا بعد اضطراره مغادرة المملكة العربية السعودية البلد الذي ولد وعاش فيه.
“يانهار أسود وملون ” عبارة آخرى لم يقولها خالد بشكل صحيح كما يقولها المصريون دائما، لكنها ايضا صائبة اذا ما اسقطناها اليوم على تناقضات شعور الإنسان اليمني السعيد والحزين بذات الوقت، فهي تعبر عن الجرح العميق في الشخصية اليمنية نتيجة الحروب والصراعات السوداء التي اضطرته للهروب، وفي المقابل هو تعبير عن الإنسان الذي يواجه الحياة بابتسامة بريئة تحمل الكثير من الألوان الجميلة كجمال روح خالد.
خالد شاب واجه قسوة الحياة مبكرا بعد انفصال والديه وهو طفل ومن ثم حرم من إكمال تعليمة إضافة الى خوفة من العودة إلى بلادة التي لم يعرفها الا من خلال الصور والأخبار، لكنه رغم ذلك قال أنا هنا لأضحك واكون سعيد، لأعيش، واواجه هذه الحياة التي سرقت مني كل شيء بالفعل لكنها فشلت في سرقة ابتسامتي.
“ينهار اسود وملون انا يمني – مصري” عبارة أراد منها خالد ايضا اخبار الجميع انه لم يجد ملاذًا آمنًا سوى مصر، الدولة التي فتحت أبوابها لجميع اليمنيين بمختلف توجهاتهم منذ بداية الحرب، رغم الظروف ربما الصعبة التي يعيشها الكثير من المواطنين في هذا البلد المضياف والمحب للجميع.
بهذه العبارة اللطيفة المتناقضة والمضحكة حبه الكثيرون في الداخل المصري وايضا في الخارج، وبكلماته البسيطة اعادنا خالد للحديث عن دور مصر ومكانتها كإحدى أوائل الحضارات ومكان تشكل التاريخ الإنساني.
كيمنيون نحمل لمصر كل الحب ،فهي بلاد ارتبطنا به تاريخيًا، ثقافيًا، واجتماعيًا. فمن منا لم ينشأ على ثقافة مصر وتلفزيونها وإنتاجاتها السينمائية والدرامية؟ ومن منا لم يقرأ لنجيب محفوظ، وطه حسين، ومصطفى محمود، ومحمد حسنين هيكل وغيرهم.
علاقة اليمني بمصر علاقة ذات جذور عميقة، تجسدت روحها في ملامح أهم ثورة في تاريخ اليمن المعاصر، ثورة السادس والعشرين من سبتمبر. التي كانت مصر من أوائل الداعمين لها في مواجهة الإمامة الارستقراطية المتطرفة.
لسنا وحدنا من يحب ويهتم بمصر، بل هي ذات نظرة عامة شعوب المنطقة وغير المنطقة، التي تنظر لمصر كمحور يرتكز عليه ثقل وتاريخ الشرق الأوسط.
نقلاً من صفحة الكاتب على “فيسبوك“