يحرص اليمنيون على توفير مبالغ مالية، تسمى محليا بـ”عَسْب العيد” أو العيدية، والتي يتم توزيعها على الأطفال والأرحام من النساء خلال أيام الأعياد، وهي عادة متوارثة منذ القدم، وترقى إلى مستوى الضروريات عند شريحة واسعة من اليمنيين.
يمن مونيتور/ صنعاء/ متابعات:
يحرص اليمنيون على توفير مبالغ مالية، تسمى محليا بـ”عَسْب العيد” أو العيدية، والتي يتم توزيعها على الأطفال والأرحام من النساء خلال أيام الأعياد، وهي عادة متوارثة منذ القدم، وترقى إلى مستوى الضروريات عند شريحة واسعة من اليمنيين.
ورغم الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة، إلا أن كثيرا من اليمنيين يحرصون على تقديم العسب، وهو عبارة عن هبة نقدية يمنحها الكبير للصغير والرجل للمرأة من أرحامه وقريباته، ويقدم العسبَ الشخصُ البالغ لأقاربه من النساء، وإن كنّ أكبر منه سناً، وكذلك لأطفال الجيران والأصدقاء والأقرباء.
ويبدأ اليمنيون بعد صلاة العيد بالتزاور فيما بينهم، ويقوم الرجال بزيارة أرحامهم من الأمهات والأخوات والخالات والعمات، حيث يصلون إلى منازلهن للسلام والتهنئة بمناسبة العيد، ويتم تقديم الحلويات والمكسرات والعصائر لهم، وما هي إلا دقائق حتى يغادروا بعدما يكونون قد قدّموا مبلغا ماليا للمرأة والأطفال في المنزل.
وتتفاوت المبالغ التي يتم تقديمها بحسب إمكانيات وظروف الزائر، بالإضافة إلى مكانة وقرب الرحم التي تتم زيارتها.
إلى ذلك، يؤكد الحاج محمد المطري، أن عسب العيد عادة ضرورية، وأن العيد لا يكتمل إلا به، مشيرا إلى أنهم توارثوا هذه العادة منذ القدم ولم تتغير. وأضاف لـ”العربي الجديد”، أن المسألة ليست مالية بالنسبة لكثير من النساء، ولكن الأهمية تكمن في زيارة الرجال لأرحامهم، وتقديم مظاهر الاحترام والاهتمام بهن”.
وأوضح المطري أن النساء لا تنتظر من أقربائهن الرجال المبالغ المالية (العسب) التي يقدمونها لهم في الأعياد، لكن الزيارة نفسها تشكل أهمية بالنسبة للمرأة. يقول: “أحيانا يبقى الرجل بعيدا ولا يزور رحمه طوال العام، ليأتي العيد كفرصة وحيدة ليزور رحمه أو قريبته ويقدم لها المال”. لافتا إلى أن بعض الأرحام من النساء قد لا يكنّ بحاجة إلى هذه الأموال، ووضعهن أفضل حالا ممن يزورهن ويقدم لهن المال، لكن العادات والتقاليد فرضت تقديم العسب للنساء.
مع ذلك، تنتظر كثير من نساء اليمن هذا اليوم ليستفدن من المبالغ التي يحصلن عليها من الزوار طوال أيام العيد. فمنهن من يقمن بشراء الذهب والملابس والمقتنيات الأخرى، أما من يعشن ظروفا معيشية صعبة، فيفضلن الاستعانة بما حصلن عليه يوم العيد لتوفير الاحتياجات المعيشية.
وفي السياق، تحرص أم خلود الخولاني، على توفير ما تحصل عليه كل عيد بهدف شراء المواد الغذائية الضرورية إذا ما احتاجت لذلك. وبخلاف الآراء الأخرى، فان الخولاني تعتبر عسب العيد من الأعمال الخيرية والتكافل الاجتماعي الذي يساعد المرأة اليمنية على مواجهة الظروف القاسية، لاسيما التي يعيشها اليمن اليوم.
وتقول الخولاني لـ”العربي الجديد”: “كثير من الرجال بلا أعمال هذه الأيام، ولهذا تحرص الزوجات على مساعدة أزواجهن في توفير احتياجات المنزل، كما أن زوجي عندما يقدم عسب العيد لقريباته، أحصل أنا في المقابل على عسب من أقربائي، وبهذا أعوّض ما صرفه زوجي”. مشيرة إلى أن الوضع المعيشي لأسرتها صعب، والمال المقدم لها أيام العيد يساعدها كثيرا.
وأصبح عسب العيد (العيدية) عبئاً كبيراً على كثير من اليمنيين ممن لديهم عديد من الأقارب، ما يسبب لهم حرجاً ويدفع بهم إلى عدم التواصل وتبادل الزيارات، نتيجة عدم وجود سيولة مالية كافية.
ويؤكد محمد الحفاشي، أنه قلل من المبالغ التي كان يقدمها لقريباته وأطفالهن يوم العيد، فهو يعاني من ضائقة مالية “تماما كملايين اليمنيين”، وقال الحفاشي إنه في السابق كان يقدم لكل امرأة من العائلة مبلغ 3000 ريال يمني، لكنه اليوم بالكاد يعطي 500 ريال فقط.
وأضاف لـ”العربي الجديد”، أنه يعرف الكثير من اليمنيين الذين باتوا لا يستطيعون تقديم العسب لأرحامهم من النساء بسبب سوء الأوضاع المعيشية التي يمرون بها، وهذا ما دفعهم إلى الغاء زيارات العيد للأقارب، كما أن البعض الآخر يقوم بتنفيذ سلسلة الزيارات العيدية، لكنه لا يستطيع توزيع أي مبالغ مالية، بحسب قوله.