(وكالة).. هجمات الحوثيين في البحر الأحمر تبطيء حركة العبور في قناة السويس المصرية
يمن مونيتور/ (أ ف ب)
دفعت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر شركات نقل بحري إلى تغيير مساراتها، فبات عدد متزايد من السفن يتجنّب قناة السويس، ما سيؤثر سلبا على الاقتصاد المصري المأزوم مع مرور الوقت، وفق خبراء تحدثوا لوكالة “فرانس برس”.
وبحسب بيانات صندوق النقد الدولي، انخفضت حركة نقل البضائع عبر قناة السويس الأسبوع الماضي بنسبة 35% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
ورصد الصندوق خلال الفترة نفسها زيادة في نقل البضائع عبر طريق رأس الرجاء الصالح في إفريقيا بنسبة 67,5%.
ويقول الحوثيون المدعومون من إيران إنهم يستهدفون “إسرائيل” والسفن المرتبطة بها للضغط لوقف الهجوم على قطاع غزة حيث تخوض الدولة العبرية حربا ضد حركة حماس منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
ومنذ 18 تشرين الثاني/نوفمبر، تعرّضت 25 سفينة تجارية كانت تبحر في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن إلى هجمات.
وتعرّض الهجمات الممّر الذي ينقل من خلاله ما يصل إلى 12% من التجارة العالمية للخطر، ما دفع الولايات المتحدة إلى تشكيل قوة بحرية متعددة الجنسيات حذّرت الحوثيين من عواقب لم تحدّدها ما لم يوقفوا هجماتهم في البحر الأحمر على الفور.
“نفس السعر تقريبا”
في 17 كانون الأول/ديسمبر، أعلنت هيئة قناة السويس في بيان “تحوّل 55 سفينة للعبور عبر طريق رأس الرجاء الصالح منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني)”.
وأعلنت شركة الشحن الدنماركية العملاقة “ميرسك” الجمعة أنه نظرا للوضع غير المستقر، ستحوّل جميع سفنها لتدور حول إفريقيا بدلا من استخدام البحر الأحمر وقناة السويس في “المستقبل المنظور”.
ولم يطمئن انتشار البوارح الغربية في البحر الأحمر لحماية حركة الملاحة على ما يبدو القطاع. ويرى مدير المعهد العالي للتجارة البحرية بفرنسا بول توريه أن شركات الشحن مستعدة لتحمّل تكلفة الطريق الأطول.
وقال توريه لوكالة فرانس برس “اتضح أن الرحلتين حول إفريقيا وعبر قناة السويس تكلّفان السعر نفسه تقريبًا”، مشيرا إلى ارتفاع نفقات الوقود في الطريق الأطول ورسوم المرور الباهظة في الممر الملاحي المصري.
ونشر مركز صوفان للأبحاث الاستراتيجية ومقره نيويورك في تقرير حديث، أنه على الرغم من أن “أسعار الشحن تضاعفت ثلاث مرات تقريبًا” منذ بدء هجمات الحوثيين، إلا أن التكاليف “لا تزال أقل بكثير مما كانت عليه خلال فترة جائحة كوفيد-19”.
وبحسب الخبراء، مع الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح، تزداد مدة رحلة السفن بين آسيا وأوروبا ما بين 10 أيام و20 يوما أكثر مما يلزم من الوقت في حال عبور قناة السويس التي تربط بين البحرين المتوسط والأحمر، وتمرّ عبرها 12 في المئة من حركة التجارة البحرية الدولية.
مصدر للنقد الأجنبي
على المدى القصير، تقول المصادر المصرية إن عائداتها من القناة لم تتأثر، لكن ماذا إن طالت الأزمة؟
واعتبر مصدر ملاحي مصري أن “قيام بعض الخطوط بتغيير مسارها أزمة مؤقتة سيظهر تأثيرها بصورة أكبر كلما طالت المدة”، مشيرا الى “ارتفاع عائدات القناة لشهر ديسمبر (كانون الأول) بزيادة قدرها 12 مليون دولار عن الشهر نفسه من عام 2022، لتسجل 748,9 مليون دولار على الرغم من هجمات الحوثيين”.
ونشر مشروع “حلول السياسات البديلة” التابع للجامعة الأميركية في القاهرة في تقرير له هذا الأسبوع أنه “من المتوقع أن يكون الاقتصاد المصري من أكثر المتضررين من تباطؤ حركة الملاحة البحرية في باب المندب”.
وتشكّل عائدات القناة أحد أبرز خمسة مصادر للنقد الأجنبي في مصر بين الصادرات والسياحة وتحويلات المصريين العاملين في الخارج.
وكانت تحويلات المصريين بالخارج بدورها سجلت انخفاضا خلال الربع الأول من العام المالي 2023-2024 بنسبة حوالى 30 في المئة لتسجّل نحو 4,5 مليار دولار مقارنة بالمدة نفسها من العام المالي السابق.
وحقّقت القناة في العام المالي 2022-2023 عائدات مالية بلغت 9,4 مليارات دولار، وهي أعلى إيرادات سنوية تسجّلها، وبزيادة قدرها نحو 35% عن العام السابق، وفق ما أعلنت الهيئة في حزيران/يونيو الماضي.
ويتزامن الاضطراب في الملاحة بالبحر الأحمر مع واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخ مصر بعدما سجل معدل التضخم السنوي مستوى قياسيا يبلغ حاليا 35,2 في المئة مدفوعا بتراجع قيمة العملة المحلية ونقص العملة الأجنبية في ظل استيراد القسم الأكبر من الغذاء، فضلا عن تزايد حجم الدين الخارجي الذي يبلغ 164,7 مليار دولار.
وتوقع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية أن تنفق مصر 70 في المئة من إيراداتها في العام 2024 على سداد فوائد الديون.
ويعتقد توريه أن “إيرادات قناة السويس تساعد في الحفاظ على غطاء طنجرة الضغط الاجتماعي” في مصر، البلد الذي يتخطى عدد سكانه 105 ملايين ثلثهم على الأقل تحت خط الفقر.
وعن تأثر القناة بالأزمة الحالية، يقول “قد يكون شهر واحد مقبولا.. لكن شهرين الأمر مقلق”.