تعز2023.. تحت الحصار والنار
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص
عام جديد ينطوي في محافظة تعز، شهدت خلاله المحافظة أحداث سياسية وعسكرية كثيرة، في ظل المعاناة الإنسانية التي يعيشها السكان جراء الحصار الحوثي المفروض على المدينة منذ 9 سنوات، وسط وعود محلية ودولية لا نهاية لها، بفتح الطرقات الرئيسية ورفع الحصار.
يودع سكان تعز عام 2023م، بمزيد من سنوات المعاناة والأوجاع والحصار الذي لم ينتهِ، وجبهات عسكرية وأمنية مفتوحة، ففي الوقت الذي لم تتوقف جماعة الحوثي عن حشد قواتها إلى أطراف المدينة طيلة العام، برزت حوادث الاغتيالات، وتصدرتها حادثة اغتيال مسؤول برنامج الغذاء العالمي في تعز، مؤيد حميدي.
الحشد للمعارك في تعز
على الرغم من وجود هدنة غير معلنة، وهناك تحركات ومفاوضات إقليمية ودولية، بشأن السلام في اليمن، إلا أن التعزيزات العسكرية لجماعة الحوثي، إلى جبهات محافظة تعز، ظلت مستمرة، فضلا عن هجماتها العسكرية التي كان الإعلان عن التصدي لها شبه يومي.
في يونيو 2023م، نظمت جماعة الحوثي مسيرا راجلا للآلاف من مقاتليها، قدموا من محافظة ذمار شمال اليمن، في طريقهم إلى منطقة الحوبان بمحافظة تعز، بحسب إعلام الجماعة.
وتداولت حينها وسائل إعلام حوثية، وناشطون تابعون لجماعة الحوثي، صورا ومقاطع فيديو، قالوا، إنها لمسير عسكري حوثي، من محافظة ذمار إلى محافظة تعز، وإن عددهم يصل إلى 10 آلاف مقاتل.
حينها صرّح مدير المركز الاعلامي لمحور تعز، العقيد عبدالرحمن اليوسفي لـ يمن مونيتور، بأن “مليشيات الحوثي الإرهابية تستغل مساعي السلام، وتحشد للحرب في تعز”.
وأشار اليوسفي إلى أن جماعة الحوثي كثفت من نشاطاتها العسكرية، من خلال استقدام تعزيزات عسكرية، ونشر قطع مدفعية ثقيلة جديدة.كما تقوم باستحداث مواقع وطرق جديدة، بالإضافة لإنشاء تحصينات ونشر مكثف للقناصين، وزراعة حقول الألغام.
واعتبر أن جماعة الحوثي من خلال المسير العسكري والحشد إلى تعز تحاول معالجة مشكلة نفسية وعقدة تعاني منها، على مستوى القيادات والقواعد، من معركة تعز.
نحتاج هنا إحصائية لعدد قتلى وجرحى الجيش خلال 2023 في طور البحث عنها
وفي نوفمبر 2023م، دفعت جماعة الحوثي، بمزيد من التعزيزات العسكرية باتجاه محافظة تعز، بالتزامن مع شنّ قواتها هجمات في عدد من جبهات المحافظة، وجبهات محافظة الحديدة، حيث أفادت مصادر محلية في محافظة إب المجاورة، بأن الجماعة دفعت بتعزيزات عسكرية جديدة من ريف محافظة صنعاء وذمار وإب باتجاه جبهات القتال في تعز.
وأكدت المصادر، أن التعزيزات الجديدة تجاوزت 24 عربة عسكرية على متنها أعداد من المجندين، ومرت هذه العربات في مناطق الدليل ومفرق حبيش والدائري الغربي في مدينة إب متجهة صوب تعز.
وخلال الأيام الماضية شهدت الجبهات المحيطة بالمدينة اشتباكات بالأسلحة الثقيلة والخفيفة والمتوسطة، وتركزت في الجبهة الشمالية الشرقية والجبهة الغربية أحبط خلالها الجيش اليمني في محور تعز، أربع محاولات هجومية.
التقارب بين المحور والساحل
في مارس 2023، زار عضو مجلس القيادة الرئاسي العميد طارق صالح، مدينة تعز، للمرة الأولى منذ قيام ثورة الحادي عشر من فبراير في العام 2011م، ضد نظام حكم عمه علي عبدالله صالح، التقى خلالها قيادات السلطة المحلية قيادات محور تعز العسكري، وناقش معهم أهمية تعزيز التعاون والتحالف بين مدينة تعز والساحل الغربي، كيد واحدة ضد جماعة الحوثيين التي وصفها بأنها العدو الذي ينبغي أن تتوحد ضده كل الأحزاب والأطراف الحكومية.
طارق صالح ألقى خطابًا تصالحيًا أمام قيادة تعز، دعا فيه إلى توحيد الصفوف وترك المعارك الجانبية، لافتًا إلى مكانة تعز الثورية، المدينة ذاتها التي تصدَّرت ما عُرف بـ “ثورة الشباب” ضد عمه الرئيس السابق علي عبد الله صالح في 2011.
وقال صالح في حديثه، “لا بد أن يتعاون ويتكاتف الجميع [..] فالمليشيات الحوثية تكره تعز وتحاصرها عسكريًا وسياسيا واقتصاديًا واجتماعيًا لإدراكها أنَّ تعز هي الثورة والحرية وأنَّ التحرير لا يبدأ إلا من تعز”، طبقًا لـ “سبأ”.
ملف الحصار
يعد ملف حصار تعز، أحد أهم الملفات الإنسانية في اليمن، وخلال العام 2023م، ظلت هناك محاولات أممية ودولية للتوصل إلى حل شامل للأزمة في اليمن، ابرزها المفاوضات الحوثية – السعودية، وتبادل الزيارات بين الرياض وصنعاء، بوساطة عمانية، بهدف مناقشة الملفات الإنسانية والاقتصادية، من ضمنها ملف حصار تعز المستمر منذ 9 سنوات، ومع ذلك لم تنجح حتى الآن.
وفي أغسطس/آب، قال رئيس فريق الحكومة المفاوض بشأن فتح طرقات تعز، عبدالكريم شيبان، إن “المفاوضات مع الحوثيين بشأن فك الحصار عن تعز متوقفة تماما، ووصلنا إلى طريق مسدود”.
وأضاف في مقابلة مع الأناضول:”الحوثي لديه طلبات كثيرة جدا، فهو يتاجر بمعاناة الناس، والملف الإنساني ليس له أي اعتبار بالنسبة إليه” على حد تعبيره.
وتابع: “الحوثيون يتخذون من ملف تعز الإنساني وسيلة لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية، بما في ذلك فتح الموانئ والمطارات الخاضعة لسيطرتهم، والتحكم بالضرائب والجمارك”.
في أكتوبر 2023م، ظهر القيادي في جماعة الحوثي مهدي المشاط، على شاشات التلفاز من صنعاء، يعلن عن مبادرة بشأن فك الحصار عن محافظة تعز من جانب واحد، التي قال إنها تتضمن وقف الجبهات العسكرية كافة في تعز، مشترطا إدارتها بشكل مشترك من الطرفين.
وبعد ساعات من إعلان المبادرة الحوثية، صرَّح محافظ تعز، نبيل شمسان، في بيان، أن هذا الإعلان يعد مناورة من جانب الحوثيين، متهما الجماعة بأنها تتهرَّب من الوفاء بأبسط استحقاقات السلام والقيم الإنسانية، المتمثلة بفتح طرقات المحافظة، وتخفيف المعاناة على ادأبنائها في الانتقال والحصول على الخدمات والسلع الأساسية، للبقاء على قيد الحياة.
يطوي سكان تعز عام 2023، محملين بآمال عريضة نحو التوصل إلى تسوية سياسية، وإنهاء الحصار القائم منذ سنوات، لا سيما بعد إعلان المبعوث الأممي لليمن “هانس غروندبرغ”، مؤخرا عن “خارطة طريق”، جاءت نتيجة جهود عمانية – سعودية كبيرة طوال الأشهر الماضية، ، والتي يرجح التوقيع النهائي عليها من قبل الأطراف اليمنية عقب انتهاء الأمم المتحدة من إعداد آلية التنفيذ خلال الأسابيع القادمة.
ومن أهم بنود “خارطة الطريق” الجديدة، وقف إطلاق نار شامل، دفع مرتبات القطاع العام، استئناف تصدير النفط، فتح الطرق في تعز ومناطق أخرى من اليمن، تخفيف القيود المفروضة على مطار صنعاء وميناء الحديدة، التحضير لعملية سياسية يمنية جامعة برعاية أممية.
استهداف واغتيال
برزت في محافظة تعز، خلال العام 2023م، حوادث الاغتيالات، بصورة لم تشهدها المحافظة من قبل، حيث تمكن موقع “يمن مونيتور” من رصد (10) حوادث اغتيال، منها محاولتين فاشلة. ففي يناير/كانون الثاني، اغتال مسلحون، أستاذ القانون في الجامعات اليمنية بتعز والمساعد السابق لمدير الأمن بالمحافظة، العميد “عبدالله القيسي”، في حي الجمهوري شرقي مدينة تعز، وبعد أسبوعين من الحادثة أعلنت شرطة تعز ضبط أبرز المطلوبين في قضية اغتياله.
في فبراير/شباط، اغتال مسلحون، وكيل مدرسة الاحسان بمديرية المظفر، الأستاذ التربوي “أنور عبدالفتاح الصوفي” في مدينة النور بـ تعز، وحتى الآن لم يتم الإعلان عن إلقاء القبض عن المطلوبين في قضية مقتله، رغم الاحتجاجات والمطالبات من قبل أسرته، ونقابة المعلمين اليمنيين بتعز.
في مارس/آذا، شهدت تعز محاولتي اغتيال، استهدفت الأولى المسؤول الأمني بشرطة تعز النقيب طه الكمالي أثناء خروجه من منزله برصاص مسلحين مجهولين، ما أسفر عن إصابته بجروح بليغة، فيما نجا محافظ تعز ورئيس هيئة الأركان ووزير الدفاع من محاولة اغتيال عقب هجوم بطائرات مسيرة حوثية استهدفت موكبهم في منطقة “الكدحة” غربي تعز.
في أبريل/شباط: اغتال مسلحون مجهولون الضابط اليمني رئيس عمليات اللواء الثالث حرس حدود العقيد ياسر الحاشدي في منطقة “وادي القاضي” وسط مدينة تعز. وفي يوليو/تموز، شهدت تعز عمليتي اغتيال، حيث اغتال مسلحون يعتقد انتماؤهم للقاعدة، رئيس فريق برنامج الغذاء العالمي بتعز، مؤيد حميدي، وذلك في مدينة التربة، فيما اغتال مسلحون ملثمون النقيب “صلاح العمراني” وسط مدينة تعز.
في أغسطس/آب: اغتال مسلحون، العقيد عدنان المحيا، وهو ضابط في جهاز الأمن السياسي، بتعز. وفي أكتوبر/تشرين الأول جرى اغتيال مالك شركة العقيلي للصرافة رجل الأعمال “جبران قائد العقيلي”، وسط مدينة تعز، كما أصيب رئيس أركان اللواء 35 مدرع العقيد “محمد الجائفي”، في محاولة اغتيال من قبل مسلح مجهول في سوق العين مركز مديرية المواسط جنوب غربي المحافظة.