عقدة النقص
إن ما تتلقيه المرأة في مجتمعي من انتقادات لاذعة وانتهاك لحريتها الشخصية ما هو في الأساس إلا ناتج عن عقدة العار الذي هو بالأساس امتداد لعقدة النقص الناتج عن سيكولوجية الإنسان المقهور والمغلوب على آمره.
وهذا ما تحدث عنه الدكتور مصطفى حجازي في كتابه ” التخلف الاجتماعي” في سيكولوجية الإنسان المقهور، ويقصد بالإنسان المقهور هو الإنسان الواقع تحت سلطة معينة تمارس عليه سطوتها واستعبادها، كأن يكون دولة أخرى أو شخص آخر يفوقه نفوذ وقوة، أو قد يكون الحرب الذي يعاني منه المجتمعات المختلفة، وما يخلفه هذا الاستعباد والتسلط في ذاته ويعكسه إلى سلوك سلبي وشعور نفسي غير مدرك، حيث تنحسر قيمه فلا يستطيع المجابهة أو التمرد فتنعكس هذه المشاعر المكبوتة على ما هو أضعف منه، وفي مجتمعنا كانت المرأة لها النصيب الأكبر من هذا الانعكاس.
أحاطوها بهالة من العار، وجعلوا أساليب الشرف تخصها بمفردها، ومارسوا عليها ما مُورس عليهم من التسلط والعنف كونها الحلقة الأضعف، تتنقل المرأة في مجتمعي من سطوة الأب والأخ إلى سيطرة الزوج وقد تصل إلى تحكم الابن بها، فتتحول فقط إلى آلة للإخصاب والإنجاب بعيدًا عن كونها إنسان مماثل لشقيقها الرجل بالحقوق والوجبات.
يهربون من مشاعرهم المكبوتة ويلجون إلى شيء مقدور عليه للتباهي به، ويَلبِسون ما يملكون عباية المبالغة والتضخيم، كعزة النفس والكرامة وحشمة النساء والشرف، يخافون من أي شيء قد يكشف ستارهم على عجزهم ونقصهم الذي عززته الفئات المتسلطة في نفوسهم، لذا يولون المظاهر والشكل الخارجي اهتمام مبالغ، وكأنه المسؤول عن خضوعهم واستكانتهم، وفي الحقيقة هذا فقط هو المتاح لديهم.
الشرف متربط بالأخلاق والمكانة الاجتماعية والمهنية ارتباط وثيق وليس المرأة وحجابها أو شكلها الخارجي أي علاقة، ولو نظر الجميع إلى معايير الشرف على هذا الأساس لعملنا جاهدين على تحسين أخلاقنا وارتقينا إلى مكانة اجتماعية ومهنية أفضل مما نحن عليه.
حجاب المرأة أو ظهور زينتها ليس المسؤول عن ما نحن عليه من انحطاط نفسي وتخلف اجتماعي، التخلف له معايير أبعد مما تكون عن المرأة وشكلها الخارجي.
المرأة وحدها المسؤولة عن ما تلبسه وعن طريقتها الخاصة لعيش حياتها، ووحدك مسؤول عن الخضوع والاستكانة والقهر المكبوت الذي تعيشه.