اليمن 2023… وضع اقتصادي منهار أثر على حياة ملايين المواطنين! (تقرير خاص)
يمن مونيتور/ إفتخار عبده
لم يكن عام 2023 عام خيرا على اليمنيين فقد شهد وضعا اقتصاديا قاسيا أثر على حياة ملايين المواطنين وزاد من حدة الفقر والمجاعة بين الأوساط.
توقف تصدير النفط من الموانئ اليمنية، وتذبذب سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، وختام ذلك بتوقف المساعدات الإنسانية، كل هذا الانهيار الاقتصادي دفع ثمنه المواطنين الذين لا حول لهم ولا قوة.
توقف تصدير النفط
منذ انتهاء الهدنة الأممية مطلع أكتوبر العام الماضي، صعدت ميليشيا الحوثي هجماتها على موانئ النفط، ضمن حرب اقتصادية شنتها على روافد الاقتصاد في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية.
وهاجمت مسيرات حوثية ميناء الضبة النفطي في حضرموت، وميناء قنا الجنوبي وميناء النشيمة في شبوة، الأمر الذي استهدف اقتصاد البلاد بشكل مباشر.
توقف تصدير النفط من الموانئ جعل الحكومة اليمنية تخسر أهم موردا كان يأتي لها بالعملة الصعبة، في الوقت الذي تدنت فيه الإيرادات من القطاعات الأخرى؛ الأمر الذي أدى إلى انهيار الاقتصاد اليمني.
انهيار العملة المحلية
كما أن توقف تصدير النفط أدى إلى نفاد الاحتياطي من النقد الأجنبي من البنك المركزي؛ الأمر الذي أدى إلى توقف المركزي عن بيع العملات الأجنبية عن طريق المزاد الذي كان يعلن عنه أسبوعيا؛ ما أدى إلى انهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية بشكل كبير.
تراجع عائدات ميناء عدن
في العاشر من يناير/ كانون الثاني، أصدرت اللجنة الاقتصادية العليا التابعة للحكومة الشرعية ثلاثة قرارات تنص على رفع سعر صرف الدولار الجمركي وأسعار الوقود والكهرباء والمياه، وبموجب القرار الأول، فقد تم رفع سعر صرف الدولار الجمركي للبضائع المستوردة بنسبة 50 % في جميع المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.
ومن المعروف أنه في نهاية العام الماضي 2022م قام مجلس القيادة الرئاسي بإصدار القرار رقم 30 لسنة 2022، والذي يوجه الحكومة والمجلس الاقتصادي الأعلى باتخاذ إجراءات عاجلة للتخفيف من وطأة الأزمة.
وعلى ضوء هذا القرار فقد تم تشكيل خلية أزمة برئاسة رئيس الوزراء معين عبد الملك، في 16 يناير، حاولت هذه الخلية تهدئة المخاوف الناجمة عن رفع سعر صرف الدولار الجمركي، مشيرة إلى أن القرار لن يؤثر على أسعار السلع الأساسية المعفاة من الرسوم الجمركية كالقمح والأرز، وزيت الطهو، وحليب الأطفال، والأدوية؛ لأن القرار يستهدف السلع الكمالية في المقام الأول، إلا أن هذا الأمر قوبل بالنقد من قبل أطراف داخل الحكومة وخارجها.
واستغلت مليشيا الحوثي هذا الموقف فعرضت حزمة من الإغراءات الاقتصادية لإعادة توجيه الواردات إلى ميناء الحديدة الواقع تحت سيطرتها؛ فقامت بمنع وصول شحنات البضائع الواردة من ميناء عدن إلى الأسواق في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وفي فبراير 2023 تحفظت مليشيا الحوثي على مئات الشحنات التجارية التي تحمل آلاف الأطنان من مختلف البضائع في مراكز التخليص الجمركي التي تديرها عند مداخل محافظتي صنعاء وذمار .
إضافة إلى ذلك فقد قامت المليشيا بالضغط على التجار المستوردين؛ لتقديم ضمانات خطية بعدم استيراد البضائع عبر الموانئ التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية كما جرت العادة؛ وتوجيهها بدلا عن ذلك إلى ميناء الحديدة.
من ناحية أخرى وتحديدا في 22 فبراير، بعثت مؤسسة موانئ خليج عدن التي تديرها الحكومة الشرعية بمذكرة إلى شركة الحديدة للملاحة والنقل، تحذر من إعادة توجيه البضائع المستوردة إلى ميناء الحديدة، وتهدد بإدراج شركات الشحن التي تمتثل لمطالب الحوثيين في القائمة السوداء.
هذا التخبط بين طرفي النزاع دفع ثمنه المواطن اليمني الذي لا يكاد يحصل على قوت يومه؛ الأمر الذي أدى إلى رفع أسعار السلع الغذائية، وزاد من حدة الفقر والمجاعة بين كثير من الأوساط اليمنية.
ولم تقف الحرب الاقتصادية في اليمن عام 2023 عند هذا الحد؛ لكنها أزادت بنسبة كبيرة عند إعلان توقف المساعدات الإنسانية.
ففي الثامن عشر من أغسطس، قال برنامج الأغذية العالمي إنه مضطر لإجراء مزيد من التخفيضات في برامج المساعدة الغذائية التي يقدمها للملايين في جميع أنحاء اليمن خلال الأشهر المقبلة، بدءا من نهاية سبتمبر.
كما حذر البرنامج من أن نحو 3 ملايين شخص في الشمال و1.4 مليون مستفيد في الجنوب سيتأثرون في حال عدم الحصول عل تمويل جديد.
وفي الخامس من ديسمبر، أعلن برنامج الأغذية العالمي، عن إيقاف برنامج مساعداته الغذائية العامة في المناطق الخاضعة لسلطات صنعاء، بسبب محدودية التمويل، وعدم التوصل إلى اتفاق مع السلطات من أجل تنفيذ برنامج أصغر يتناسب مع الموارد المتاحة للأسر الأشد ضعفا واحتياجا.
هذا الانهيار الاقتصادي الذي شهده عام 2023 كان كفيلا في أن يدخل ملايين اليمنيين في دوامة الفقر والمجاعة، وأن يعيش بسببه الآلاف من الناس في قلق دائم وتخوف كبير من المستقبل المجهول.