اليمن 2023… تفاهمات إقليمية تنعش مسار السلام (تقرير خاص)
يمن مونيتور/إفتخار عبده
شهد العام 2023م حراكا دبلوماسيا مكثفا من أجل الوصول إلى سلام دائم في اليمن، بعد مرور تسع سنوات على الحرب التي حطبت الأخضر واليابس وأدخلت الشعب اليمني في دوامة لا طاقة له بها.
ابتدأت هذه الجهود في العاشر من آذار/ مارس؛ إذ حدث اتفاق سعودي- إيراني في بكين برعاية صينية، وقع هذا الاتفاق عن الجانب السعودي، مستشار الأمن الوطني السعودي، مساعد بن محمد العيبان وعن الجانب الإيراني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، وتم الاتفاق حينها على عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في غضون شهرين، تلك العلاقات التي كانت مقطوعة منذ 2016م.
هذا الاتفاق اعتبره كبير الدبلوماسيين الصينيين وانغ يي أنه بمثابة “نصر للحوار ونصر للسلام” كما رحب العديد من الدول العربية بالوساطة الصينية ووصفتها بمثابة نجاح لتقريب وجهات النظر.
بعد ذلك وتحديدا في يوم الخميس/ السادس من أبريل اجتمع وزيرا خارجية السعودية وإيران في العاصمة الصينية بكين وقد اتفقت طهران والرياض من خلال هذا الاجتماع على إنهاء الخلاف الدبلوماسي بينهما وإعادة فتح السفارتين.
تبعته- بعد ذلك- في 8 أبريل، زيارة وفدان سعودي وعماني مساء السبت إلى العاصمة اليمنية صنعاء لإجراء محادثات مع الحوثيين حول رفع الحصار بكل تداعياته ووقف العدوان واستعادة كافة حقوق الشعب اليمني المحقة ومنها صرف مرتبات كافة موظفي الدولة من إيرادات النفط والغاز، ولمناقشة المضي قدما في صناعة السلام في اليمن.
عملية تبادل الأسرى
وبعد مشاورات مستفيضة بشأن تبادل الأسرى بين الحوثيين والحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، حدث في الرابع عشر من أبريل أن أقلعت أول طائرة من صنعاء كان على متنها أسرى من قوات الحكومة اليمنية باتجاه عدن، بعدما أعلن الاتفاق على تبادل 887 أسيرا ومحتجزا، بينهم 706 أسرى من الحوثيين و181 أسيرا من التحالف الحكومي وذلك بموجب اتفاق رعته الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر بين الطرفين.
وقد استمرت عملية التبادل ثلاثة أيام نقل خلالها 250 أسيرا من الحوثيين من مطار عدن إلى مطار صنعاء، وفي المقابل تم نقل 72 أسيرا من حلفاء الحكومة من مطار صنعاء إلى مطار عدن، بينهم وزير الدفاع الأسبق اللواء محمود الصبيحي وشقيق الرئيس السابق اللواء ناصر منصور هادي.
وفي اليوم التالي تم نقل 19 عسكريا من قوات التحالف من مطار صنعاء إلى مطار الرياض، بالتزامن مع نقل عناصر من جماعة الحوثي من مطار خميس مشيط إلى مطار صنعاء، كما تم نقل نجل وشقيق العميد طارق صالح عضو المجلس الرئاسي من مطار صنعاء إلى مطار المخا، مقابل نقل عدد من عناصر الحوثي من مطار المخا إلى مطار صنعاء.
وفي اليوم الثالث تم نقل 4 صحافيين كان قد حكم عليهم بالإعدام من قبل الحوثيين ، بالإضافة إلى نقل عدد من أسرى القوات الحكومية من مطار صنعاء إلى مطار تداوين في محافظة مأرب، مقابل نقل أسرى حوثيين من مطار تداوين في مأرب إلى مطار صنعاء، وقد كانت هذه العملية هي ثاني أكبر عملية تبادل أسرى بعد صفقة إطلاق سراح نحو 1000 أسير من الطرفين في العام 2020.
وفي السادس عشر من أغسطس زار الوفد العماني صنعاء لأجل التباحث مع قيادة الحوثيين بشأن استئناف المفاوضات لحل أزمة اليمن، خصوصا فيما يتصل بالملفات الإنسانية، وقد غادر الوفد بعد أربعة أيام دون ذكر معلومات بشأن نتائج الزيارة.
وبعد قرابة شهر من الزمن وتحديدا في يوم الخميس/ 14 سبتمبر وصل وفد من سلطنة عمان إلى العاصمة اليمنية صنعاء لبحث جهود إحلال السلام في اليمن مع قيادات من جماعة الحوثي، كان ذلك قبيل زيارة الوفد العماني مع وفد حوثي إلى السعودية، وفي اليوم ذاته
توجه الوفد الحوثي برفقة الوفد العماني إلى الرياض لاستكمال المشاورات مع الجانب السعودي.
وفي يوم الإثنين/ 23 أكتوبر، أكدت بريطانيا وفرنسا على استمرارهما في بذل كافة الجهود من أجل التوصل إلى تسوية سياسية تقود إلى إحلال السلام في اليمن تحت رعاية الأمم المتحدة، حدث ذلك خلال لقاءين منفصلين لوزير الخارجية في الحكومة المعترف بها دوليا، أحمد بن مبارك، في الرياض، مع سفيرتي بريطانيا وفرنسا لدى اليمن، عبدة شريف وكاترين قرم كمون.
وفي الخامس عشر من نوفمبر التقى أعضاء ورئيس مجلس القيادة الرئاسي د/ رشاد العليمي بوزير الدفاع في المملكة العربية السعودية الأمير خالد بن سلمان، وبحث الجانبان التعاون والتنسيق بشأن خارطة الطريق بين الأطراف اليمنية، للتوصل إلى حل سياسي شامل لإنهاء الأزمة اليمنية تحت إشراف الأمم المتحدة، بالإضافة إلى مناقشة عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
وفي يوم الخميس/ 21 من ديسمبر الجاري، أكدت الولايات المتحدة الأمريكية دعمها للجهود الدولية لإنهاء الصراع المزمن وإحلال السلام في اليمن
جاء ذلك على لسان المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن ليندركينغ، خلال مشاركته في حلقة نقاشية نظمها مركز واشنطن للدراسات اليمنية، حول جهود السلام ومدى تأثرها بالتطورات الراهنة في المنطقة.
وحتى الآن لم تأت. هذه الجهود بثمارها الناضجة والمفيدة لأجل إحلال سلام شامل وحقيقي في اليمن، البلد الذي تزداد معاناته كلما مرت الأيام؛ إذ لا تزال الأوراق في الأدراج والأمور معقدة، فهل سيكون العام القادم عاما خيرا وسلاما لليمن؟… هذا ما نتمناه.